بقلم: سليمان جودة
على مستوى الدراما كان النصف الأول من رمضان سباقا على الشاشة بين فنانات ثلاث: روجينا التى لعبت دور نصرة فى مسلسل «سر إلهى».. ومى عمر التى جسدت دور نعمة فى مسلسل «الأفوكاتو».. وريهام حجاج التى أدت دور صدفة ولاتزال فى مسلسل «صدفة».
كانت كل فنانة من الفنانات الثلاث باحثة عن شىء ما طوال الأحداث المتتابعة، فكانت نصرة باحثةً عن المال والذهب، وكانت نعمة باحثة عن العدالة بحكم عملها كمحامية، وكان صدفة باحثة بطريقتها العفوية عن الحقيقة كما تراها، وكانت المباراة بينهن تشتد من حلقة إلى حلقة، رغم أن الأعمال الثلاثة كانت بالطبع معروضة على قنوات مختلفة.
وفى السنة الماضية كانت روجينا قد شاركت فى السباق الفنى الرمضانى بمسلسل «ستهم»، وكانت قد أرادت أن تنقل قصة السيدة صيصة أبودوح النمر إلى الشاشة.. ولمن لا يذكر، فالسيدة صيصة امرأة صعيدية مات زوجها وتركها بلا مورد دخل، فارتدت ملابس الرجال وعملت فى مهن شاقة لا يقدر عليها إلا الأشداء.. كانت قصتها حقيقية لا من صنع الخيال، وكان الرئيس قد كرّمها فى ٢٠١٥، وكانت رمزا للبطولة بين السيدات فى مواجهة أعباء الحياه، وكانت روجينا بارعة فى نقل القصة بمعانيها إلى المشاهدين.
أما هذه السنة فكانت تسعى منذ أول المسلسل وراء «دهب هارون»، وهو ميراث كانت تظنه لها وحدها، وفى النهاية اكتشفت أنها لا يخصها فيه إلا الثلث، وعندما جلست مع نفسها فى آخر المشوار تتطلع إلى خطواتها منذ البداية، تبين لها أن «دهب هارون» لم يجلب لها السعادة التى كانت تنتظرها، وأن المال ليس هدفا فى حد ذاته، ولا يجب، وأنه وسيلة لإسعاد صاحبه، ثم إسعاد الآخرين من خلال وجوه الخير الكثيرة.
وفى حوارها القصير مع الفنان صلاح عبدالله نفهم أن الله قد وزع الأرزاق على أساس حكمة يعلمها، وحسب سرْ احتفظ به لنفسه، وأن هذا السر الإلهى هو الذى أراد المسلسل أن يلفت النظر إليه.. وفى القرآن الكريم آيات كثيرة تقول هذا المعنى.. ومنها: إن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه كان بعباده خبيرا بصيرا.
والمعنى فى الآية أن توزيع الأرزاق يتم لأسباب لا نراها ولا نعرفها، ولكن الله خبير بها منذ الخلق الأول وبصير أيضا، وهذه الأسباب سر إلهى لا جدوى من محاولة الوصول إليه، ولا من الاعتراض على الحكمة الكامنة وراءه.. أما معنى الآية فكان موزعا على طوال الحلقات، حتى إذا جاءت آخرها كان مكثفا فى حوار قصير، وبمثل ما كان السباق بين الفنانات الثلاث فى ثلاثة أعمال متفرقة.
كان هناك سباق آخر داخل «سر إلهى»، وفيه أدت روجينا كما كانت فى «ستهم» وأكثر، وفيه أيضا كان فنانون كثيرون كبارا فى الأداء، بدءا من الكبير أحمد بدير وانتهاءً بالكبير صلاح عبدالله، وكان العمل من بين الأعمال الفنية التى تأبى إلا أن تحمل فكرة جادة إلى جمهور المشاهدين.