السعودية التي تجسَّدت في شعار منتدى

السعودية التي تجسَّدت في شعار منتدى

السعودية التي تجسَّدت في شعار منتدى

 العرب اليوم -

السعودية التي تجسَّدت في شعار منتدى

سليمان جودة
بقلم:سليمان جودة

في الجلسة الختامية من جلسات «منتدى أسبار الدولي»، الذي انعقد أول هذا الشهر في الرياض، للمرة الرابعة سنوياً على التوالي، وقف الدكتور فهد الحارثي، رئيس المنتدى، يشرح للحاضرين لماذا اختار شعاره هذه السنة من كلمتين هما: «السعودية المُلهمة»!

والمؤكد أن الذين حضروا جلسات المنتدى الإحدى عشرة، التي انعقدت على مدى يومين، قد أدركوا من خلال النقاشات التي دارت، ومن خلال عناوين الجلسات ومضامينها، لماذا هذا الشعار على وجه التحديد، ولماذا استهوى الدكتور الحارثي دون سواه من الشعارات المشابهة!

فلأمر ما، بدت كلمة «المستقبل» حاضرة في كل عنوان، وبدت وكأنها غمامة ممطرة راحت تظلل الجالسين، فكنت ترى جلسة عن مستقبل الخدمات في المملكة، وكنت ترى جلسة أخرى عن مستقبل الإعلام، وثالثة عن مستقبل المدن أو مدن المستقبل، ورابعة عن مستقبل الاستثمار أو الاستثمار الجريء، وخامسة، وسادسة، وسابعة، إلى آخر ما يمكن أن يشكل المستقبل ويرسم ملامحه في العموم!

وبمثل ما رعى الأمير فيصل بن بندر بن عبد العزيز، أمير الرياض، أعمال المنتدى في العام الماضي، فإنه حضره ورعاها هذا العام أيضاً. وكان وزير الإعلام تركي الشبانة حاضراً في الافتتاح، ليقول إن وسائل الإعلام مدعوة إلى صناعة وتقديم محتوى معرفي يواكب تطورات العصر ويسايرها!

وكانت جلسة الختام جلسة فريدة من نوعها حقاً، وهي كانت كذلك لأن رؤساء الجلسات جميعاً كانوا مدعوين للجلوس على منصتها، فاصطفوا 11 متحدثاً، بعضهم إلى جوار بعض، وكان هذا هو أكبر عدد من المتحدثين أراه على منصة واحدة. وكانت الفكرة لدى رئيس المنتدى الذي جلس يسألهم، أن كل واحد منهم مدعو إلى أن يلخص ما دار في جلسته في خمسة عناوين مختصرة، وأننا إذا اعتبرنا أن كل عنوان هو في حد ذاته مبادرة بمعنى من المعاني، فإن صانع القرار في العاصمة السعودية، سيجد نفسه أمام 60 مبادرة في شتى ميادين العمل العام، فإذا كانت عشر مبادرات منها هي فقط المبادرات العملية، وإذا كانت هي فقط القابلة للتطبيق، وإذا كانت هي وحدها التي يمكن تحويلها إلى واقع في حياة الناس، فهذا في حد ذاته مكسب كبير!

ولكن، لماذا جاء الشعار بهذه الصياغة؟ ولماذا كانت المملكة في عبارته ملهمة؟ ومن أي مصدر كان الإلهام ينهل ويأخذ؟!

كان الشعار اللافت يأخذ من «رؤية 2030» التي أطلقها الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، قبل سنوات، وكان الشعار ينهل من محاور الرؤية التي كانت لا تجتمع على شيء وقت الإعلان عنها، قدر اجتماعها على أن الذهاب إلى المستقبل ليس خياراً يمكن الاختيار بينه وبين غيره من الخيارات، إذ لا بديل عنه أمام الذين يرغبون في أن يكونوا جزءاً من العصر، والذين يحرصون على ألا ينفصلوا عن اللحظة التي يعيشها العالم ويمر بها، والذين يتمسكون بأن يكون لهم موطئ قدم معتبر على الأرض!

وبقدر ما كانت الإصلاحات التي أعقبت الإعلان عن الرؤية إصلاحات جريئة، وبقدر ما كانت خطواتها خطوات شجاعة، بقدر ما كانت ملهمة على مستويين: مستوى الشباب السعودي الذي ألهبت الرؤية حواسه، وخياله، وآماله، وأيقظت في أعماقه طيف الأحلام، ثم مستوى عواصم أخرى في المنطقة من حول السعودية، وجدت في «2030» وفي إطارها العام، حافزاً على التفكير الحر، وقدرة على الحديث بلغة المستقبل!

وفي واحدة من الجلسات، لخص رئيسها القصة في كلمات قليلة، عندما قال إن المملكة العربية السعودية تنتقل من بلد عاش لا يعرف غير النفط في باطن أرضه، ولا ينتظر دخلاً سوى دخله من عائد البترول، ولا يعتمد في بناء ميزانيته على باب قدر اعتماده على باب الذهب الأسود، ولا... ولا... إلى آخره، إلى دولة تدرك أن لديها موارد أخرى للدخل مختلفة، وأن عليها أن تبعث الحياة في هذه الموارد، وأنها يجب ألا تحيا تحت سقف الدولة الريعية التي تترقب فلوس البترول ولا تفكر في غيرها، وأن ذلك سوف يغير من وجه الحياة على أرضها، وأنها ستكون بهذه الطريقة على موعد مع ثروات واسعة تنام في أركانها الأربعة!

هذا دون سواه هو الذي دعا دورة المنتدى في هذا العام، إلى أن تفكر في شعار مغاير لها، يستطيع التعبير الدقيق عما يدور في أرض الجزيرة العربية هذه الأيام، ويستطيع الوصول به لدى المتابعين إلى مستوى الفهم والاستيعاب، عبر كلمتين اثنتين، تومئ كل واحدة منهما مع الأخرى وتوحي!

وكنت من جانبي مدعواً إلى المشاركة في نقاش حول كتاب صدر للمؤلف الأميركي دينيس ماكويل، الذي رحل قبل عامين تاركاً وراءه كتابه المهم في موضوعه. الكتاب هو «نظرية ماكويل للاتصال الجماهيري» الذي صدرت طبعته الأولى عام 198، وصدرت طبعته السادسة عام 2009. وقد أتاحها المترجمان عبير خالد وأيمن باجنيد لقراء العربية في ألف صفحة، ثم تولى المنتدى نشرها لطلاب الإعلام، الذين لا بديل عندهم عن أساس نظري للمهنة يقدمه الكتاب ويضمنه!

وليس من الممكن تقديم كتاب بهذا الحجم في سطور قليلة هنا، ولكن الممكن أن أختار عبارة واحدة من عباراته، وأن أضع تحتها خطاً، أو أرسم حولها إطاراً، لعلنا ننتبه إلى معناها، ولعلنا نتوقف أمامها بما يجب، وبما يتعين علينا أن نفعله!

العبارة تقول ما معناه أن الإنترنت باعتباره وسيلة تحمل إلى الناس ما يسمى الإعلام الجديد، لا يعرف المسؤولية أمام المجتمع!

فما المعنى؟! المعنى أن علينا ونحن نمارس هذا النوع من الإعلام، أو نأخذ عنه، أن نلتفت إلى أننا إزاء إعلام لا يعرف المسؤولية التي يعرفها الإعلام التقليدي، لا يعرفها الإعلام الجديد ولا يراعيها، فإذا جاءت العبارة من رجل في وزن ماكويل في مجاله، كان ذلك أدعى إلى أن نحذر ونحن نأخذ عن هذا الإعلام الجديد، وكان أدعى أيضاً إلى أن ندعم الإعلام التقليدي ونعزز مكانته بيننا؛ لأنه لا يزال يعرف المسؤولية فيما ينشره على الناس، ولأنه لا يزال يراعي مبادئها العامة في أقل القليل!

تعزيز مكانة الإعلام التقليدي بيننا، مسموعاً، ومكتوباً، ومرئياً، يظل دعماً للمسؤولية باعتبارها الوجه الآخر للحرية فيه عند ممارسة المهنة، والتخلي عنه هو منح مساحة مجانية للفوضى المهنية، التي تميز الإعلام الجديد في أغلب الحالات!

 

arabstoday

GMT 00:23 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل و«حزب الله».. سيناريو ما بعد التوغل

GMT 00:28 2024 الخميس ,13 حزيران / يونيو

مكاشفات غزة بين معسكرين

GMT 00:37 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

التطبيع بعد القمة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السعودية التي تجسَّدت في شعار منتدى السعودية التي تجسَّدت في شعار منتدى



أحلام بإطلالات ناعمة وراقية في المملكة العربية السعودية

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 09:58 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

أنغام تثير الجدل بتصريحاتها عن "صوت مصر" والزواج والاكتئاب
 العرب اليوم - أنغام تثير الجدل بتصريحاتها عن "صوت مصر" والزواج والاكتئاب

GMT 11:30 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 15:40 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

SpaceX تطلق 21 قمرًا صناعيًا من Starlink إلى المدار

GMT 05:56 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

حريق جديد في لوس أنجلوس وسط رياح سانتا آنا

GMT 15:41 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتي يعرض 65 مليون يورو لضم كامبياسو موهبة يوفنتوس

GMT 03:25 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

استمرار غياب تيك توك عن متجري أبل وغوغل في أميركا

GMT 03:02 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

زلزال بالقرب من سواحل تركيا بقوة 5 درجات

GMT 03:10 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

استشهاد مسؤول حزب الله في البقاع الغربي محمد حمادة

GMT 16:11 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

أحمد الفيشاوي يعلق على خسارته جائزة "أحسن ممثل"

GMT 03:08 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

ارتفاع ضحايا حريق منتجع للتزلج في تركيا لـ76 قتيلًا

GMT 05:52 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

الصين تختبر صاروخاً فضائياً قابل لإعادة الاستخدام

GMT 16:06 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

ميس حمدان تكشف ردود فعل الرجال على أغنيتها الجديدة

GMT 02:59 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

تحذيرات من رياح خطرة وحرائق جديدة في جنوب كاليفورنيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab