بقلم: سليمان جودة
وصل تطرف الحكومة الجديدة، التى يقودها بنيامين نتنياهو فى تل أبيب، إلى حد أن أصواتا إسرائيلية تدعوها إلى ضم الضفة الغربية بكاملها.
ورغم أن هذه هى الحكومة السادسة التى يشكلها نتنياهو، إلا أنها الأشد تطرفا بين الحكومات الست، ليس فقط من حيث أفكار رئيسها نفسه، ولكن من حيث الوزراء المتطرفين الذين تضمهم أعضاء فيها، وفى المقدمة منهم إيتمار بن غفير، وزير الأمن، الذى اقتحم باحات المسجد الأقصى وهو لا يبالى.
ولست مع الذين يصورون رئيس الحكومة على أنه حمامة سلام تقود حكومة من الصقور.. فهذا تصوير غير دقيق، وغير مطابق لمقتضى الحال.. ولا بد أن نظرة عابرة على تصريحاته منذ أن حصل على تكليف بتشكيل الحكومة من الرئيس الإسرائيلى إسحاق هيرتسوج، سوف تقول إنه لا حمامة سلام ولا يحزنون، وإنه فقط يتقاسم أداء الأدوار مع الوزراء.
فهو مثلا يوجه وزراء حكومته إلى مواصلة ضرب الفلسطينيين بكل طريقة ممكنة، ثم ينبه الحكومة إلى أن الضرب يمكن أن يذهب بالأمور فى الضفة إلى حافة الهاوية ولكن دون الوقوع فيها!.. والوقوع فى الهاوية من وجهة نظره هو انهيار السلطة التى يرأسها محمود عباس.. ولاتزال هذه هى سياسته وسوف تبقى، وقد كانت هى نفسها السياسة المتبعة من كل حكومة سبقته إلى مقاعد السلطة فى الدولة العبرية، وكان الاختلاف بينها فى الدرجة دائما لا فى النوع.
وإذا كان كل هذا لا جديد فيه تقريبا، فالجديد هو رغبة نتنياهو وسط هذا كله فى عقد لقاءات لحكومته مع الدول العربية الأربع، التى أطلقت إسرائيل معها علاقات دبلوماسية أيام حكومته الخامسة.. كان ذلك فى نهايات ٢٠٢٠، وكان ترامب فى البيت الأبيض، وكان الاثنان يتبنيان ما يسمى الاتفاقيات الإبراهيمية للسلام التى وصل قطارها إلى أربع عواصم عربية، وكان المخطط أن يواصل القطار انطلاقته إلى عواصم عربية أخرى، لولا أن ترامب غادر السلطة، ومن ورائه غادر نتنياهو أيضا.
كانت الدول الأربع هى الإمارات، والبحرين، والسودان، والمغرب، وكانت قد ذهبت إلى التوقيع على الاتفاقيات الإبراهيمية على أمل أن يؤدى ذلك إلى سلوك إسرائيلى مختلف فى قضية فلسطين.
ولكن هذا الأمل لايزال مُعلقاً، ولاتزال الدول الأربع تراهن على ألا يغلب الطبع التطبع فى تل أبيب، ولاتزال تأمل فى أن يتوقف نتنياهو عن إحراجها.