خوفا على أجيالنا القادمة

خوفا على أجيالنا القادمة

خوفا على أجيالنا القادمة

 العرب اليوم -

خوفا على أجيالنا القادمة

بقلم - فاروق جويدة

ينتابنى إحساس غريب أن المؤامرة أكبر مما نرى من الأحداث وأن القادم لم يأت بعد، وأن ما نراه الآن تمهيد وليس جوهر القضية، إذا كانت أحداث غزة قد فتحت جراحا كثيرة وكشفت عن أشياء كنا نعرفها ونتجاهل أبعادها .. إلا أن إنكار الحقيقة أسوأ ما يصيب البشر وحين يكون الدم والشهادة اتهامات كاذبة ومضللة من أبواق تستخدمها إسرائيل ضد مقاومة الشعب الفلسطينى فهذه اهانة لكل من دافع عن فلسطين القضية والدم والبطولة..

ـــــ لا أنكر أن أحداث غزة قد وضعت العالم العربى أمام واقع جديد يتطلب أن يعاد النظر فى ثوابت ومسلمات قامت على التضليل وإنكار الحقائق ، وعلى الشعوب أن تطهر نفسها وأرضها وأجيالها من أبواق سلمت نفسها للشيطان، وأن العالم العربى دخل فى غيبوبة قد تطول ، وأن ذلك يتطلب صحوة فى الفكر والوعى والضمائر أمام مخاوف كثيرة تطل علينا .. وكانت أحداث غزة ناقوس خطر يدق فى أرجاء العالم العربى حتى يفيق الغافلون، كان انقسام الشعوب العربية أمام أحداث غزة بين المؤيدين والشامتين شيئا غريبا أمام قضية هى أم القضايا وقد اجتمعت الشعوب العربية حولها حربا وسلاما سنوات طويلة..

ـــــ لم يكن أحد يتصور أن يكون رفع أعلام فلسطين جريمة سياسية أو أن يكون الدفاع عن المقاومة الفلسطينية مخالفا للشرائع والأعراف، أو أن تقف جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية تدافع عن الشعب الفلسطينى الذى يذبح كل يوم على يد أمريكا وإسرائيل، أو أن تغيب الشعوب العربية عن كل المحافل الدولية التى تؤيد حق الفلسطينيين فى أرضهم أو أن تمنع المظاهرات فى بعض العواصم العربية التى تطالب بحماية دولية لسكان غزة وكأن الدفاع عن الحق جريمة ..

ـــــ كان موقف غزة قصة كفاح تضاف إلى تاريخ هذه الأمة وكان صمود المقاومة أمام الجيش الذى لا يقهر حدثا عالميا بكل المقاييس .. ولكن الغريب فى الأمر أن بعض العواصم العربية استقبلت كل هذه الأحداث بصورة سلبية لم تحدث من قبل وكان ما يحدث لا يعنى أحدا من شعوب هذه الأمة، واقتصرت الأشياء على مشاعر سجينة لم تجد صدى وكأنها تحدث فى عالم آخر .. كانت سلبية المشاعر شيئا جديدا على الإنسان العربى وغابت الصور القديمة من مواقف الشعوب العربية التى شيدت حضارات عظيمة وخاضت معارك كثيرة دفاعا عن الأرض والإنسان والكرامة..

ـــــ كانت صورة الشارع العربى تدعو للأسى أمام شعب عربى تسحقه أقدام الغزاة فى الوقت الذى كانت حشود التحالفات تجتمع حول غزة وتقدم الدعم المالى والعسكرى والبشرى لإسرائيل وتقاتل من أجل حمايتها .. كان العالم العربى يصدر بيانات الشجب والإدانة ، وهو الذى قدم يوما آلاف الشهداء وكلما كنت أرى شهيدا محمولا على الأعناق كنت أتذكر جنود مصر وهم يعبرون القناة وصيحاتهم تهز أركان الكون الله أكبر الله أكبر..

ـــــ كانت أحداث غزة وصور الشهداء تحرك مشاعر الأجيال الجديدة الذين سقطوا ضحايا أكاذيب التطبيع ، ولأول مرة يسمعون عن وطن محتل يسمى فلسطين، وشعب صامد فى غزة وقضية حركت الملايين فى بلاد العالم، لأول مرة يشاهدون أطفالا يقتلون وبيوتا تنهار وشعبا يقاتل بلا طعام أو دواء أو سكن ، لأول مرة تشاهد أجيالنا الجديدة إسرائيل العدو المغتصب وهى تحاكم فى اكبر محاكم الكون ، وهناك دولة افريقية عريقة تتحمل مسئولية الدفاع عن شهداء غزة بينما الأهل صامتون..

ـــــ أعترف بأننى أمام أحداث غزة أصبحت أخاف على ذاكرة أجيالنا الجديدة ، وهناك من يعبث فى عقولها بالأكاذيب والتضليل .. إن تشويه العقول بالأكاذيب أكبر الجرائم فى دنيا البشر وما تعرضت له أجيالنا الجديدة جريمة لن تسقط بالتقادم .. إن اللغة العربية التى أصبحت غريبة بين أهلها جريمة ، وإهمال ذاكرة الشعوب وتشويه تاريخها ودينها ورموزها جريمة ، وتشجيع مواكب التبعية جريمة والتخلى عن قضاياها الحقيقية فى الحرية والكرامة جريمة ، وهنا يجب أن تكون لنا وقفة لإنقاذ أجيالنا الجديدة من مواكب التشويه والتضليل والأكاذيب، أن نعود إلى جذورنا وثوابتنا عن إيمان وعقيدة، إننا امة عظيمة فى تراثها وتاريخها ورموزها ودينها وثوابتها أن نحمى أجيالنا الجديدة من كل فكر مضلل وسلوك شاذ، وأن نحرص على توفير مناخ فكرى وثقافى لا ينكر ثقافات الآخرين ولا يتصور أن القادم لنا هو الأفضل .. إن الأجيال الجديدة من حقها أن تناقش وتحاور وتختار دون حجر أو وصاية من أحد ولكن يجب أن تحرص على ثوابتها، لغة ودينا وثقافة..

ـــــ لقد كشفت أحداث غزة جوانب قصور كثيرة ويجب أن نستوعب الدرس ونصلح ما أصاب العقل العربى من مواكب التضليل والأكاذيب وان تكون قضية الوعى طريقنا نحو أجيال أكثر إيمانا ووعيا .. هل يعقل أن أجيالنا الجديدة فوجئت بأن هناك قضية اسمها القضية الفلسطينية وهناك شعب يدافع عن وطنه المحتل وأن غزة قدمت آلاف الشهداء وأن عشرة آلاف طفل قتلتهم إسرائيل وأن أكثر من ٢ مليون إنسان يعيشون بلا طعام أو ماء أو دواء.. إن السؤال هنا: من ضلل هذه الأجيال وأقنعها أن هناك بلدا للحريات وحقوق الإنسان يسمى إسرائيل أليست هذه جناية فى حق المستقبل وحق وطن محتل وارض مستباحة..؟!

ـــــ بأى حق يشيد البعض بكيان محتل مغتصب بينما غزة تنزف دماء أطفالها، أى كرامة تسمح أن يهاجم البعض المقاومة الفلسطينية وتصبح هى المدانة بينما يتغنى البعض بالأداء الأسطورى للجيش الإسرائيلى .. وأين زعامات فلسطين مما جرى فى غزة وهل أصبحت المناصب أهم من النضال وهل أصبح انقسام رفاق الوطن ولا أقول رفاق السلاح بديلا للدم والشهادة ..

ـــــ إن الصحوة التى عاشتها الأجيال الجديدة فى العالم العربى حركت الضمائر وألهبت المشاعر لأن أبواق التضليل والكذب من تجار الحروب وباعة الأوطان قد أخفت كل الحقائق أمام أجيال أغرقتها الدعاية السوداء فى ثقافات مريضة وشهادات كاذبة .. ولعل غزة التى حاربت ومات شعبها تحيى ما بقى فى هذه الأمة من مشاعر الانتماء والكرامة..

ـــــ أصبح واجبا علينا كشعوب لها جذورها الثابتة أن نرفض كل أبواب الكذب والتضليل وأن نقدم لأجيالنا الجديدة حقيقة الواقع المؤلم وما ينتظرهم من بحار الدم التى تحاصرهم فى كل مكان وأن يكون لديهم إيمان حقيقى بأننا أمة غنية بتراثها وثوابتها ولسنا فى حاجة إلى دين جديد أو حرية تبيح القتل والدماء والدمار أو أى أفكار شاذة لوثت بيوتنا وأفسدت أجيالنا وحرمتنا من ثوابتنا وفرضت علينا طقوسا غريبة أفسدت أوطاننا وشوهت عقولنا وأهانت ضمائرنا.

 

..ويبقى الشعر

أتيتُكِ نهراً حزينَ الضِفافِ

فلا ماءَ عندي، ولا سنبلة

فلا تسألى الرّوضَ كيف انتهيت

ولا تسألى النهر من أَهْمَلَه

أنا زهرةٌ من ربيعٍ قديمٍ

أحَبَّ الجمال، وكم ظلله

حقائب عُمرى بقايا سراب

وأطلالُ حلمى بها مُهْمَلَة

وجوهٌ على العينِ مرَّت سريعاً

فمن خان قلبي، ومن دَلله

ولا تسألى الشِعْرَ من كان قبلي

ومن فى رحاب الهوى رَتّلَه

أنا عَابِدٌ فى رِحَابِ الجَمَالِ

رأى فى عيونكِ ما أَذْهَلَه

يقولون فى القتلِ ذنبٌ كبيرٌ

وقتل المحبينَ مَن حَلّلَه

أناديكِ كالضوءِ خلفَ الغيوم

وأسأل قلبكِ من بَدَّلَه

وأصبحتُ كالنهرِ طيفاً عجوزاً

زمانٌ من القهرِ قد أَثْقَلَه

فهذا الحريقُ الذى فى يديكِ

يثير شجونى فمَن أَشْعَلَه

وهذا الشموخُ الذى كان يوماً

يضيءُ سماءَكِ مَن أَسْدَلَه

أَعيدى الربيع لهذى الضفاف

وقومى من اليأسِ، ما أَطْوَلَه

فخيرُ الخلائقِ شعبٌ عنيدٌ

إذا ما ابتدا حُلْمَهُ، أَكْمَلَه

حَزينٌ غنائى فهل تسمعينَ

بكاءَ الطيورِ على المِقْصَلَة

أنا صرخةٌ من زمانٍ عريقٍ

غَدَتْ فى عيون الورى مَهْزَلَة

أنا طائرٌ من بقايا النسورِ

سلامُ الحمائمِ، قد كَبَّلَه

أنا جذوةٌ من بقايا حَريقٍ

وبستان وردٍ به قُنْبُلَة

فلا تسألى الفجر عن قاتليهِ

وعن سارقيهِ، ومن أَجَّلَه

ولا تسألى النَّهر عن عاشقيهِ

وعن بائعيهِ، وما أَمَّلَه

تعالى أحبُّكِ ما عاد عندي

سوى الحب والموت والأسئلة

زَمانٌ دميمٌ أذلَّ الخيولَ

فما كان مني، وما كنت له

خيولٌ تعرَّت فصارت نعاجا

فمن روّج القُبحَ، مَن جَمَّلَة

ومن علَّم الخيلَ أنَّ النباحَ

وراء المرابينَ، ما أجمله

هنا كان بالأمس صوتُ الخيولِ

على كل باغٍ له جَلْجَلَة

فكم أسقط الحقُّ عرشَ الطغاة

وكم واجَهَ الزيفَ كم زَلْزَلة

فكيفَ انتهى المجدُ للباكياتِ

ومن أخرس الحقَّ، من ضَلَّلَة

ومن قال إن البُكا كالصهيلِ

وَعَدو الفوارس كَالهَرْوَلَه

سلامٌ على كلِ نسرِ جسور

يرى فى سماءِ العلا مَنْزِلَه

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خوفا على أجيالنا القادمة خوفا على أجيالنا القادمة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف

GMT 08:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

تنسيق الأوشحة الملونة بطرق عصرية جذابة

GMT 09:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات أوشحة متنوعة موضة خريف وشتاء 2024-2025

GMT 06:33 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صهينة كرة القدم!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab