بقلم - فاروق جويدة
فى سباق مع الزمن وفى رحلة طويلة مع أحلام تحققت وأحلام أخرى مازلنا فى انتظارها لا يملك الإنسان غير أن يجدد أحلامه ويبحث عما بقى منها، خاصة أن رحلة الأحلام هى أطول مشوار فى عمر الإنسان منذ ميلاده حتى رحيله، ولأن الإنسان يدرك أن تحقيق الأحلام ليس شيئا متاحا فى الوقت والزمان فإنه يجلس فى منتصف الطريق, وهو لا يعلم أى الأحلام تحقق، وأى الأحلام تعثر, وهو فى النهاية يدرك أن أحلامه فى يد الآخرين, ورغم هذا يحافظ على ما بقى بين يديه من رصيد الأحلام.
إن الإنسان يحلم بالعدالة أن يحصل على حقه فى فرص الحياة حسب مواهبه وقدراته، وأن ينظر حوله ويجد كل إنسان يأخذ حقه فى حياة كريمة.. مازالت هناك بقايا أحلام تداعب البسطاء من الناس أن ينام مطمئنا على أطفال ألقى بهم فى بحار الحياة دون أن يعلمهم السباحة.. هناك شباب يحلم ببيت يؤويه, وفرصة عمل يحقق فيها ذاته ومستقبل آمن.. هناك من يحلم بهواء نقى بعد أن تلوثت كل الأشياء حوله وأصبح يعانى بعد أن فقد القدرة على الكلام والنطق وأدمن الصمت والمخاوف.. هناك من يتمنى أن يرى أسرته بعد أن فرقت بينهما الظروف والحدود والقضبان, ويجلس وحيدا يتخيل أطفالا صاروا رجالا فى سنوات غيابه عنهم.. هناك زوجة شهيد ترى صورة على الجدران وتحاول أن تمسك صورة منها ولكن الفراغ يحملها إلى فراغ .. هناك حلم أم أن تجد علاجا لابنها المريض ولكن الحياة أصبحت صعبة بعد أن غابت مواكب الرحمة .. هناك رجل عجوز يتمنى أن يزور المدينة ليقدم شكواه إلى المصطفى عليه الصلاة والسلام من زمن لم يرحم ضعفه وقلة حيلته, وهوانه على الناس, ومازالت مواكب الأحلام المؤجلة..