بقلم - عبد المنعم سعيد
الدارسون للعلاقات بين الدول والعالم سوف يجدون وحدات سياسية غير الدول تأخذ أدوارا نشطة عابرة للحدود مثل الشركات المتعددة الجنسية والمنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية. «العنف» أيضا يمكن أن تمارسه منظمات الجريمة مثل «المافيا» التى تعمل على المستويات القارية والعالمية. فى الشرق الأوسط نجد هذه المنظمات تأخذ أدوارا عنيفة تمارس الحرب، وتقوم بالتفاوض، وتخطف تمثيل الجماعات البشرية فى أمور الأمن القومي. وبعد أن كانت المنطقة تعرف ما عرفه العالم من حروب بين الدول، فكانت الحرب العراقية الإيرانية، والحروب العربية الإسرائيلية، وحرب تحرير الكويت، وغيرها فى اليمن وشمال إفريقيا؛ فإن تحولا حدث فى المنطقة ظهر فى الدور الذى تلعبه تنظيمات حماس والجهاد الإسلامى فى فلسطين، وحزب الله فى لبنان وسوريا واليمن، والحشد الشعبى فى العراق، وأنصار الله الحوثيون فى اليمن؛ ودائما كان لتنظيم الإخوان المسلمين وجود سياسى وعسكرى فى العديد من دول المنطقة مثل سوريا وليبيا واليمن.
ورغم وجود تناقضات فكرية ومذهبية بين هذه الجماعات، فإنها تحاول أن تضع لنفسها إطارا لامعا يجمعها وهو أنها تمثل «المقاومة» و«الممانعة» لجبهة عريضة من الغرب وإسرائيل وكل من خالفها فى الدين والعالم فى عمومه. هؤلاء لا يهمهم حدود الدولة، ولا إطارها الإقليمي، ولا قضايا التنمية المستدامة أو غير المستدامة، ولا السباق الكونى من أجل التقدم. وإذا كان هناك من أمر تهتم به فى التكنولوجيا فهو السلاح، وفى الاقتصاد فإنه المال السائل الذى يتيح الحركة بين مطارات العالم لكى يصل إلى بنوك متخصصة فى جزر صغيرة حول العالم. وخلال القرن العشرين فإن جميع شعوب دول المنطقة العربية سعت إلى الاستقلال وإقامة الدولة ضمن حدود تاريخية وتضم شعبا استقر على هوية مشتركة. فى القرن الحادى والعشرين تقوم هذه «الفواعل» بتمزيق الدولة إلى أقاليم وشيع وأحزاب، أو تحصل على «ثلث معطل» يمنع الدولة من اتخاذ القرارات. جميعها على صلة بإيران الدولة العريقة؟!.