بقلم - عبد المنعم سعيد
كان تطوير الهجوم يوم ١٤ أكتوبر قرارا للرئيس السادات استجاب فيه لضغوط سورية وعربية؛ وعلى خلاف لما كان متصوراً من قبل الفريق سعد الدين الشاذلى أن يكون العبور إلى المدى الذى لا يكون فيه خروج عن مظلة الصواريخ، وتبقى قواتنا مطحنة لقوات العدو، وهو ما حدث بالفعل فى الأيام الأولى حيث كانت الخسائر الإسرائيلية فادحة. فى فجر هذا اليوم خرجت كتيبتنا (٦٥٤ م.م.م./د) المدعمة بسرية إضافية من معاونة الفرقة ١٦ مشاة إلى دعم الفرقة ٢١ المدرعة؛ وكان علينا الدخول فى معركة فى ظل ظروف تمركز العدو بصواريخ، وتفوقه بطيرانه. كان أداؤنا رائعا خلال الأيام السابقة، ولكن فى هذا اليوم كان التوازن على غير ما اعتدنا عليه، ورجعنا إلى مواقعنا السابقة مثخنين بالجراح، وفى اليوم التالى اتجهنا شمالا واتخذنا مواقعنا، وفى صباح يوم ١٦ أكتوبر شاهدت عربة من عربات الكتيبة التى أعلم أن فيها صديقى عبد المنعم المشاط. كلانا كان من المنوفية، الباجور والشهداء، وخلال سنوات الجامعة كنا من القرب والأخوة إلى الدرجة التى كنا نراجع فيها مراجعة الامتحانات فى بيت واحد منا لمدة أسبوع إقامة ومذاكرة. كنت خريج الثانوية «علمى» فكنت أعرف أكثر منه فى مادة الإحصاء وأفيده، وهو «أدبى» يفيدنى فى كل شيء آخر. أصبحنا أبناء أسرة واحدة.
كان الذهاب له أشبه برحلة مقررة من أقدار فقد بدأ القصف الجوى وأنا فى الطريق إليه، وعندما دخلت فى نطاق الكتيبة وأشار أحدهم إلى حيث يوجد الملازم أول احتياط، ألقيت بنفسى إلى داخل الحفرة التى يوجد فيها. كان اللقاء حماسيا وكان هناك الكثير الذى يقال، ولكن كما هى العادة قال الصديق هل تأكل؛ وفتح علبتين من الفاصوليا البيضاء بينما نتكلم ونترقب ما سوف ينتهى إليه القصف. تواعدنا على من يعود حيا أن يذهب إلى أسرة الآخر ليخبرها أننا تقابلنا فى ذلك اليوم.