بقلم - عبد المنعم سعيد
تُعرف الدولة الحديثة بمؤسساتها، والمدى الذى وصلت إليه فى أداء وظائفها فى دولة عصرية و تبعا للأغراض التى خلقت لها. وقد اكتسبت مصر مكانتها فى المنطقة لأنها، ومبكرا عن باقى جيرانها، عرفت مؤسسات حديثة مثل الوزارة والبرلمان والأحزاب والنقابات والصحافة والإعلام والروابط الأهلية، وغيرها مما هو حديث ومعاصر. ورغم هذا السبق فإن عددا من المؤسسات لم تعرفها مصر أو سبقتها إليها دول مجاورة؛ ومن بينها استطلاعات الرأى العام التى تقوم بها مؤسسات ناضجة لديها القدرات المالية والبشرية لكى تقيس نبض الناس سواء كان ذلك عن مدى الرضا أو القبول. صحيح أن قياس الرأى العام هو حالة ظرفية ومؤقتة، وربما تختلف فى مرحلة عن أخرى، إلا أنها ضرورية فى رسم الخطط وتحديد الأولويات، والمدى الذى يصل إليه الشعب فى الموافقة أو عدم الموافقة على القرارات. وفى كل الأحوال فإن قياس الرأى العام ليس تصويتا كما هو الحال فى الانتخابات، ولكنه مقياس مفيد لمن يتخذ القرار، ولمن يسعى للتأثير فيه.
وفى الوقت الراهن فإنه لا يوجد فى مصر لاستطلاعات الرأى العام سوى دراسات التسويق و مركز «بصيرة» الذى أصبح العين التى نملكها لمعرفة توجهات الشعب المصري. وفى أوقات سابقة كان المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية يقوم بهذه المهمة وربما لا يزال، ولكن بحوثه كانت أكاديمية وللدولة، كما أن نشرها ظل فى دوائر ضيقة. وفى العموم فقد كانت هناك دائما شكوك فى مدى مصداقية وفائدة هذه الوسيلة من وسائل المعرفة؛ ومع ذلك قام مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية بإجراء ١٢ استطلاعا للرأى العام المصرى خلال الفترة من ١٩٩٧ إلى ٢٠٠٥ حصل أولها على «مانشيت» الأهرام لأول وآخر مرة فى التاريخ. بعد ذلك لعب دورا فى طلب الإصلاح وجرى ذلك فى قصة مثيرة؛ ولكن ما يهمنا الآن هو أن نعرف كيف حال الأشقاء فى غزة. كان ذلك هو ما فعله المركز الفلسطينى للبحوث السياسية والمسحية؟!