ثمن التقدم

ثمن التقدم..!

ثمن التقدم..!

 العرب اليوم -

ثمن التقدم

بقلم - عبد المنعم سعيد

انتقال الأمم من حالة إلى أخرى هو عملية سياسية بامتياز؛ ولما كان جوهر السياسة هو فى النهاية سلسلة من الإجراءات تعبر عنها قرارات تُتخذ ويجرى التوافق عليها، وبعدها ندعو الله أن تحقق الأهداف المراد تحقيقها.

من التاريخ أن كل «قرار» يُتخذ له «ثمن» و«زمن»؛ الثمن يمثل التكلفة المادية أو المعنوية، والزمن يعبر عن الفترة التى عندها يستقر تنفيذ القرار ويعبر عن عوائده. وفى عام ٢٠٠٦ نشرت كتابًا بعنوان: «ثمن الإصلاح.

أهمية التفكير الجاد فى مستقبل مصر»، جمعت فيه كل الأفكار التى كتبتها خلال سنوات سابقة عن تقويم الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية فى البلاد، ووضعها على الطريق نحو العصر الحديث. ويبدو أن خيبة الأمل من بطء التقدم قد حفزتنى مرة أخرى لكى أتناول الموضوع من زاوية أخرى، وهى أن الأفكار وحدها لا تكفى.

وإنما لابد لـ«الساسة» أن يحملوها إلى عالم التطبيق، فأصدرت كتابًا آخر عام ٢٠١٠ بعنوان «إصلاح الساسة: الحزب الوطنى، الإخوان، والليبراليون»، فلم يكن كافيًا أن تكون هناك أفكار جيدة، وإنما ما لا يقل عن ذلك أهمية أن يكون هناك رجال يحملونها على عاتقهم؛ وكان الظن ساعتها أن الطبقة السياسية- إذا جاز التعبير- تحتاج هى الأخرى إلى الإصلاح حتى تكتمل المنظومة، التى تأخذ مصر من واقعها غير المقبول إلى حقيقة أخرى مرغوبة ومطلوبة.

ما كان غائبًا عن كل ذلك أمران: أولهما كان ممكنًا معرفته من تجارب الأمم المختلفة التى سبقتنا إلى الدرب، وهو أن عمليات التحديث والتقدم والتغيير عامة تخلق حالة صادمة لمجتمعات اعتادت تقاليد الزيادة السكانية؛ أو أنها تعودت على درجات من الرعاية الناجمة عن عمليات إدارة الفقر التى شاعت فى المجتمعات «الاشتراكية».

وفى غير الصدمة فإن «التقدم» يتطلب درجات كبرى من العمل الشاق، والتضحيات العظيمة، والأمران ليسا من الأمور التى يجرى القبول بها دون معارضة أو غضب وسخط. وثانيهما أن الدول والمجتمعات لا توجد فى فراغ إقليمى أو دولى، وكلاهما عادة ما يكون حافلًا بالمفاجآت، التى بعضها يكون لها ثمن فادح وغير متوقع، والأخطر أنه لا تُعرف له نهاية.

شىء من ذلك حدث لمصر خلال السنوات الثمانى الماضية حينما نجحنا فى تحقيق درجة عالية من التقدم ظهر فى معدلات النمو الإيجابية، التى استمرت حتى فى سنوات «الجائحة»؛ وزيادة مساحة المعمور المصرى؛ وظهر فى التقارير المالية الدولية التى أعطت لمصر تقديرات إيجابية. خرجت مصر من الاحتجاز حول نهر النيل فى اتجاه بحارها وخلجانها، وتماسك ذلك كله بشبكة بنية تحتية ربطت بين الوادى والصحراء.

والوادى وشبه جزيرة سيناء. ومع نشوب الحرب الأوكرانية وتفاعل مضاعفاتها مع نتائج أزمة الكورونا وإنتاجها لأزمة اقتصادية عالمية ظهرت معالم ضغوط كبيرة على الاقتصاد المصرى حتى بات يواجه صعوبات كبيرة فى التعامل مع التضخم المتزايد، الذى بلغ حوالى ٣٠٪ خلال الفترة الأخيرة؛ وما ظهر من صعوبات للوفاء بالتزامات مصر المالية الدولية.

مع الحفاظ على مصداقيتها المالية الدولية التى حافظت عليها الدولة المصرية طول الوقت. وللحق، فإن الشعب المصرى كما فعل فى أزمات سابقة- الإرهاب والكورونا- صمد للصعوبات التى ولّدتها اللحظة؛ ولكن هذا الصمود تحديدًا يفرض واجبًا بالاستمرارية وتعميق الإصلاح فى الدولة.

الإعلان أخيرًا عن تعمير سيناء ليس أكثر من إشهار جهد فائق جرى بذله خلال السنوات الماضية؛ كما أنه يستكمل رسالة اختراق الإقليم المصرى كله باعتباره واحدًا من فرضيات الدولة الحديثة. ولكن فى التجربة العالمية فإن اختراق إقليم الدولة بالتحديث والتقدم ليس كافيًا لحمايتها من الظروف العالمية الضاغطة والمفاجئة.

وفى حالتنا فإن استكمال المشروعات الجارية يشكل خطوة أساسية، ولكنها لا تكتمل دون تطوير قدراتنا الإنتاجية لكى تكفل زيادة عرض السلع من ناحية والتصدير من ناحية أخرى والقدرة على جذب الاستثمار الداخلى والدولى من ناحية ثالثة.

هذه المشروعات هى: ثلاثة ملايين فدان يجرى استصلاحها فى الصحراء الغربية وسيناء، و١٧ منطقة صناعية انتهت، ولكنها لم تستوعب بعد طاقتها الكاملة من المشروعات الصناعية، مخرجات البحث العلمى والتعليمى فى ٣١ جامعة جديدة، ٢٤ مدينة حضرية حديثة، وكيف تنتقل من أصول مادية إلى أصول حضارية.

وببساطة، فإن المطلوب الآن هو التجهيز لطفرة كبيرة تحقق عددًا من الأهداف، مثل ١٠٠ مليار دولار تصديرًا، وهو ليس كثيرًا، و٣٠ مليون سائح، وهو متواضع، ولكنه نقطة بداية. كل ذلك سوف يمكن تحقيقه إذا ما التزمنا بما طُرح بوثيقة ملكية الدولة، ودخلنا بقوة فى مجال إصلاح النظام الإدارى غير الصديق للتنمية.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثمن التقدم ثمن التقدم



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان
 العرب اليوم - غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 العرب اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية

GMT 19:28 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الآداب

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 09:52 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تشوّق جمهورها لمسرحيتها الأولى في "موسم الرياض"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab