بقلم: عبد المنعم سعيد
أجد نفسى مضطربا عندما تهل فجأة موجات عالية من الأخبار تأتى من مصادر رسمية ينهل منها الإعلام بأشكاله وتعقبها مصادر عالمية حسب الموضوع. ويكون الاضطراب مضاعفا عندما يكون الأمر باعثا على السعادة أو مبشرا بالخلاص من أزمة؛ وفيما يخص «رأس الحكمة» فإنه جاء على موجتين: الأولى كانت على سبيل الحلم الذى يحل عليه شك عما إذا كان حلما وعلما. الشك أولا ثم اليقين ثانيا مرهق لأن السؤال الذى سوف يأتى عاصفا يكون: لماذا تأخرنا؟ وهل كان ممكنا تفادى الأزمة الاقتصادية، وانهيار العملة الوطنية، وموجة الغلاء الفاحشة إذا ما جعلنا «تشغيل التغيير» متوازيا مع المشروعات القومية التى غيرت وجه البلاد؟ الإعلان عن المشروع جاء مصحوبا برفع الستار عن المشروع القومى ٢٠٥٢ للتخطيط الحضاري، والذى يتضمن ست مدن إضافية على ذات الساحل الفريد من نوعه الذى يجمع بين الرمال البيضاء والمياه ذات الزرقة الفسفورية الخاطفة للأبصار.
العزيمة قائمة فى المشروع الوطنى المصرى الذى أراد لنا جميعا أن نندم عليه مستفيدا من أزمة غاب عنها الشرح؛ فلا يوجد ما هو أسوأ من مسار كبير لا يعرف السائرون فيه أين توجد أقدامهم وإلى أين هم سائرون؟ لم يكن صعبا أن نعرف أننا إزاء نقلة تاريخية من النهر إلى البحر، ولا أننا نقوم بدأب كبير باختراق الإقليم المصرى فى جميع الاتجاهات الذى هو من شروط «الحداثة» الوطنية. ولم يكن عصيا أننا نحاول استغلال الثروة فى مصر أينما لاحت بما فيها الثروة البشرية. ولكن ما كان صعبا وعصيا هو لماذا لم يكن ممكنا تحرير الاقتصاد المصرى وفق النموذج الذى سارت عليه دول العالم النامية خلال العقود الخمسة الأخيرة؟ ولماذا بات تحرير العملة كابوسا وطنيا علينا أن نقترب منه مرة كل عقد من السنين حيث نبدأ ثم لا نعرف بعد ذلك إلى أين نسير وعما إذا كان الصندوق الدولى هو للنقد أو للنكد العالمي؟