المعتاد المصري الجديد

المعتاد المصري الجديد!

المعتاد المصري الجديد!

 العرب اليوم -

المعتاد المصري الجديد

بقلم : عبد المنعم سعيد

«المعتاد» هو الأمور مستقرة التواجد فى حياة الإنسان أو الأمة؛ هو ما ينبغى أن تتخذ على أساسه قراراتك، وتمشى فيه خطواتك. المعضلة أنه ماذا يحدث عندما يكون ذلك «المعتاد» عنوانه «عدم اليقين» أو الشك فى عدم قدرة الآخرين على العقلانية فى اتخاذ القرارات. حالة السيولة تسبب اضطرابات؛ ولا بأس أن تعرفها كذلك على أنه مُعتاد جديد. المجتمعات الغربية عندما تضطرب الأمور ولا يوجد توقع عودتها إلى الاستقرار فإن النصح يكون «تعود على ذلك أو Get used to it». هذا المدخل يطرح أن نعتاد على غير المعتاد، وهو أن تعيش مصر حالة من هذا النوع؛ وأكثر جوانبها خطورة هو ما يسمى حلقة النار المحيطة بالمحروسة. حرب غزة الخامسة بدأت بطوفان الأقصى فى 7 أكتوبر2023؛ وانتهت بأن الانفجار الذى بدأ فى فلسطين شاملًا القطاع والضفة والقدس؛ لا يزال مستمرًّا.
لم يتحد الفلسطينيون ولا كونوا اتحادًا حتى فى الألم؛ ولم تقلل إسرائيل من وحشيتها ومغالاة مطالبها، وامتد عنفها إلى لبنان واليمن، ومؤخرًا قامت بغزو سوريا تضم أرضًا وتدمر جيشا وتغرق أسطولًا؛ والآن فإن عددًا من قرى الدروز تريد الانضمام إلى إسرائيل. الحالة فى سوريا تتأرجح ما بين هيمنة هيئة تحرير الشام، التى تشبه الإخوان المسلمين؛ ونشوب حرب أهلية بينها وبين جميع الفصائل الجهادية. فى السودان الاشتباك جرى بين المكون المدنى والآخر العسكرى وفى داخل الأخير بين الجيش وقوات الدعم السريع. الحروب الأهلية ظلت ناشبة فى أماكن أخرى كما فى اليمن وليبيا. «حلقة النار» لا تنطفئ، ورغم الكثير من المحاولات، فإن ما تبقى هو الحديث عن الإغاثة وتقديم الغذاء والدواء؛ والتساؤل: ماذا نفعل مع اللاجئين والنازحين؟.

«حلقة النار» مستمرة، ومصيرها لا يوحى بأنها سوف يتراجع ما فيها من نار ولهب، رغم كل الجهود التى تبذلها مصر وأطراف دولية وإقليمية أخرى، وبعضها إنسانى وبعضها الآخر ليس له علاقة بالإنسانية. ولكن مصر تعيش هذا المعتاد النارى، بينما تمر بمرحلة اقتصادية دقيقة وحرجة؛ فبعد التخلص من آلام «الربيع المصرى» الإرهابية، وبعد النجاح فى تغيير الجغرافيا المصرية، فإن الأزمة الاقتصادية واقعة، وتعبر عن نفسها فى ديون وارتفاع الأسعار وانخفاض سعر الجنيه. لم يكن هناك غفران لأنه لا توجد فى مصر أزمة غذاء، ولا مساكن، ولا مواصلات، ولا طاقة، ولا بطالة؛ ومع ذلك فإن تعبيرات مثل «السخط» و«الإحباط» ومتى نخرج من الأزمات؟، موجودة، وكذلك مطالبات مستحيلة، كثير منها يعود إلى ارتفاع مستوى التوقعات والطموحات، التى لا تسارع إلى تلبيتها إمكانيات محدودة، وفقر فى معرفة ثمن تجارب التحول التاريخية؛ والعبء الهائل للنظام الإدارى للدولة، ومحدودية التواصل والإعلام فى العلاقة بين الدولة والأمة، والنظام والمجتمع. أصبحت وسائل التواصل الاجتماعى عبئًا ثقيلًا على صنع القرار بقدر ما هى تسليم مجتمعى لجماعات تتراوح ما بين الجهل والعداء التاريخى.
التعامل مع «المعتاد المصرى الجديد» لا يكون إلا بقدر كبير من الاعتياد القائم على فهم التغيرات الجارية فى العالم وفى الإقليم وداخل مصر نفسها. وإذا كان نصيبنا فى تغيرات العالم محدودًا بمحاولة فهمها، فإنها ليست كذلك بالنسبة للإقليم ولا فيما هو داخل حدودنا. الثابت هو أنه لا يمر يوم إلا ويأتى لنا من دول شقيقة عربية وزراء وأمراء وقيادات، خاصة من دول الخليج، وتتعلق زياراتهم بأمور اقتصادية واستثمارية. الإشكالية التى نواجهها هى أنه بعد أن تتم التغطية الإعلامية للزيارة، فإنها لا تلبث أن تذهب بعيدًا وتشحب آثارها. بعضها لفت أنظار الرأى العام، مثل مشروع «رأس الحكمة» الاستثمارى من دولة الإمارات العربية؛ وهذا من آن لآخر يوجد ما يدل على جديته بما تعلنه الحكومة عن التعويضات التى تدفعها الدولة للمقيمين على أرض المشروع. لم يحدث ذلك مع مشروع «برنيس» على البحر الأحمر؛ فبعد ضجة الإعلان اختفى الأمر. طريقة أخرى للتعامل مع الموضوعات الاقتصادية أن نفكر فيها بطريقة التعامل مع الموضوعات الاستراتيجية المهددة للأمن القومى، مثل حرب غزة ولبنان وسوريا الآن وغيرها لأننا نراها جزءًا من ساحة جيوسياسية وجيواستراتيجية واحدة ذات أهمية بالغة لدولة مصر. ما يلزم هو النظر إلى الموضوعات الاقتصادية الإقليمية بنفس الطريقة، وهى تمثل درجة كبيرة من الاعتماد المتبادل بين مصر وشقيقاتها فى الخليج، خاصة مع المملكة العربية السعودية والإمارات وقطر. داخليًّا نقول ما قلناه من قبل، وهو أننا أضفنا إلى مصر الكثير من الأصول الاقتصادية، وبقى أن نشغل هذه الأصول لصالح رفع الطاقة الاقتصادية المصرية التى تحقق الرضا للمواطنين.

arabstoday

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 03:56 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 03:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 03:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 03:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 03:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 03:37 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين وإسرائيل في وستمنستر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المعتاد المصري الجديد المعتاد المصري الجديد



الملكة رانيا تجسد الأناقة الملكية المعاصرة في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:16 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل
 العرب اليوم - أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab