التنافس التعاوني أمريكا والصين

التنافس التعاوني: أمريكا والصين!

التنافس التعاوني: أمريكا والصين!

 العرب اليوم -

التنافس التعاوني أمريكا والصين

بقلم - عبد المنعم سعيد

كان عالِم السياسة الدولية فى جامعة هارفارد، «جوزيف ناى»، هو الذى صك تعبير «التنافس التعاونى» بين الصين والولايات المتحدة، باعتباره من ناحية يجمع ما بين حقيقة «التنافس» فى العلاقة بين البلدين من حيث التكييف الاستراتيجى؛ والواقع الذى يغلب عليه الكثير من التعاون الذى تصاعد خلال العقود الأخيرة. ما دفع الموضوع إلى السطح هو الزيارة التى قامت بها وزيرة الخزانة الأمريكية «جانيت يلين» إلى بكين.

وما قالت به من تعبيرات تؤكد عمق العلاقات الثنائية بين البلدين، حتى ولو دار فى إطار تنافسى، المهم فيه أن تكون المنافسة «عادلة». ولكن العدالة، مثل الجمال، توجد فى أعين الناظرين؛ ومن جانب آخر يمكن قياسها بمعايير دولية كثيرًا ما تتهم بها الولايات المتحدة الصين، ولها علاقة بالتشغيل، الذى يكفل رخص العمالة المرتبط بالأطفال أو المسجونين أو الأهم بالتخفيض المتعمد للعملة الصينية «اليوان».

الصين لها هى الأخرى اتهاماتها للولايات المتحدة بمحاولة السيطرة على السوق العالمية؛ بل إن فكرة «العولمة» تريدها واشنطن حقيقة أمريكية. المسألة فى كل الأحوال تختلط بها أمور «جيوسياسية» و«وجيواستراتيجية»، وكلاهما يعبر عن حقيقة دولة تقع على قمة النظام العالمى- الولايات المتحدة الأمريكية- ودولة أخرى صاعدة تتوافر لها صفات الدولة العظمى والقطب الأعظم من حيث القوة العسكرية والاقتصادية والتكنولوجية القادرة على الوصول إلى كل أرجاء الكوكب، مع نية واضحة لاختراق الفضاء.

المشهد هكذا تاريخى، بمعنى أنه تكرر أثناء الزمن بين القوة أو القوى المهيمنة وتلك الصاعدة، حيث تأخذ عجلة التوتر فى الدوران. الجديد فى الأمر أن العولمة خلقت عناصر الاعتماد المتبادل فى التجارة والتكنولوجيا وحتى مواجهة قضايا كونية تحتم التعاون؛ ولكنها ليست كافية لتلافى حقيقة أن الصين بقدراتها العظمى حاليًا توجد وسط محيط جغرافى، مثل اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان بالطبع وحتى أستراليا، القارة اللصيقة بالقارة الآسيوية، ولكنها جزء رئيسى من التحالف الغربى.

هنا، فإن التحركات المضادة للصين، من خلال خلق روابط عسكرية مع دول التحالف، بما فيها من أسلحة نووية، تعطى للتنافس الاقتصادى نكهة حريفة ومتوترة، خاصة إذا ما كان ثمن التوتر هو ما قامت به الإدارة الأمريكية من تأكيد على انقسام العالم بين «الديمقراطيين» و«السلطويين». الفكرة فى حد ذاتها خرقاء لأن خلط «الشيوعية» بالرأسمالية خلق صينًا مختلفة عن «الصين الشعبية» المعروفة.

حيث تضع شرعية النظام السياسى الصينى على المحك، بينما هو فى الواقع يحقق أكبر طفرة تنموية عرفتها الصين فى تاريخها، حتى باتت الصين تقدم نموذجًا للكفاءة لكثير من دول العالم النامى أو «الجنوب الكونى». زيارة وزيرة الخزانة الأمريكية، وتبنيها مفهوم «التنافس التعاونى» ربما أخرج الكثير من السموم التنافسية؛ ولكن الأرجح هو أن عامل الحرب الأوكرانية ربما يكون هو الاختبار للمفهوم ليس فى مسألة اقتصادية يجوز فيها اقتسام الفائدة.

وإنما فى قضية «جيواستراتيجية» تحتاج الكثير من الجهد السياسى والدبلوماسى. ومن المعلوم أن هذه الزيارة أعقبت زيارة أخرى قام بها وزير الخارجية الأمريكى «أنتونى بلينكن»، وسوف تتلوها زيارة ثالثة تقوم بها وزيرة التجارة الأمريكية «جينا ريموندو»، ثم زيارة رابعة يقوم بها «جون كيرى»، الممثل الخاص الرئاسى فى قضايا التغير المناخى، وليس مستبعدًا زيارة خامسة يقوم بها «جيك سوليفان»، مستشار الرئيس الأمريكى لشؤون الأمن القومى.

هذه الخلطة الأمريكية الجديدة من التهدئة نحو التعاون، حتى ولو كان تنافسيًّا، أتت نتيجة ضغوط جاءت من أوروبا، التى تخشى لهيب الحرب الأوكرانية من جانب، ولا تريد تحول ما هو مرغوب من «تنافس تعاونى» إلى «حرب باردة جديدة» تجرى هذه المرة بين واشنطن وبكين من جانب آخر. التعاون الذى جرى بين واشنطن وبرلين، خلال انعقاد القمة الأطلنطية فى ليتوانيا.

لتفادى وضع خريطة طريق لدخول أوكرانيا إلى حلف الأطلنطى، لم يكن إشارة موجهة فقط إلى موسكو بأن توسعة الحلف ليست مطروحة الآن على الأقل، وإنما أيضًا موجهة إلى الصين بأن ما تثيره من رفض توسعات الأحلاف العسكرية قد وصل إلى العنوان الصحيح. بعد ذلك، فإن قائمة التعاون، حتى بدون تنافس، موجودة فى موقف مشترك من رفض امتلاك إيران السلاح النووى.

وضرورة تحقيق أمن الغذاء والطاقة فى العالم؛ ومقاومة الاحتباس الحرارى والأوبئة فى العالم؛ ومن يعلم، فربما تكون إعادة بناء أوكرانيا مهمة مشتركة للطرفين. ولكن ما هو غائب عن قائمة التعاون هو الظروف الداخلية، حيث التشدد وفير فى دوائر الحزب الشيوعى الصينى، وفى الولايات المتحدة، فإن اليمين المتشدد فى الانتخابات العامة وجد فى الصين عدوه المنتظر.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التنافس التعاوني أمريكا والصين التنافس التعاوني أمريكا والصين



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:17 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

خالد النبوي يوجه نصيحة لنجله ويكشف عن أعماله الجديدة
 العرب اليوم - خالد النبوي يوجه نصيحة لنجله ويكشف عن أعماله الجديدة

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 14:36 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مورينيو ومويس مرشحان لتدريب إيفرتون في الدوري الانجليزي

GMT 14:39 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

وست هام يعلن تعيين جراهام بوتر مديراً فنياً موسمين ونصف

GMT 09:33 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أنغام تحتفل بألبومها وتحسم جدل لقب "صوت مصر"

GMT 14:38 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتى يحسم صفقة مدافع بالميراس البرازيلى

GMT 14:30 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

جوزيف عون يصل إلى قصر بعبدا

GMT 20:44 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مانشستر يونايتد يعلن تجديد عقد أماد ديالو حتي 2030

GMT 14:32 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

كييف تعلن إسقاط 46 من أصل 70 طائرة مسيرة روسية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab