30 يونيو عودة الروح

30 يونيو.. عودة الروح

30 يونيو.. عودة الروح

 العرب اليوم -

30 يونيو عودة الروح

بقلم - منى بوسمرة

من الإمارات إلى مصر، طريق عريض باتجاهين مرصوف بالإيمان القوي بوحدة الأهداف والمصير المشترك والمستقبل الآمن، فمصر القوية العزيزة، أمن العرب وعزتهم ومستقبلهم ومرجل نهضتهم، هكذا علّمنا المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، وهكذا ننقل هذه المعادلة للأجيال في التربية الأسرية ومناهج التعليم، وهي في العقل والوجدان الإماراتي، حالة فريدة من العلاقات بين الدول والشعوب، تتجاوز العلاقات العادية إلى علاقة عضوية متشابكة دائمة لا تنفك، ترتكز إلى فهم عميق وإدراك واسع لحتمية تلاقي الأهداف وتوحيد السياسات التي يفرضها التاريخ المشترك وجغرافيا الإقليم وتحالفاته.

وليس من المبالغة القول إن علاقة الإمارات بمصر، علامة مضيئة في تاريخ العلاقات العربية العربية، بقيت شعلتها مضيئة في كل الأوقات بل زاد نورها أوقات الأزمات، فهي علاقة أخوة وترابط ومحبة وتواصل وتفاهم، تستند الإمارات فيها إلى وصية زايد لأبنائه «كونوا إلى جانب مصر»، لتكون جوهر وعمق سياسة الإمارات نحو مصر، لم تغيرها الأحداث ولم يزدها الزمن إلا رسوخاً، وتجلت بوضوح في العقد الأخير في أبهى صورها، وكما يفترض أن تكون.

ففي قراءة الإمارات للمشهد المصري منذ العام 2011 أدركت عمق تأثيرات ذلك المشهد على المنطقة بحكم حجم التأثير التاريخي لمصر، وأن أي تحول في مصر أو مكروه يصيبها ينتقل بالعدوى إلى كل العرب، فهي القلب الذي يحيا به العرب، لذلك وقفت الإمارات إلى جانب خيارات الشعب المصري، وراقبت بعين الحريص على شقيقه تطور الأحداث، حتى جاءت لحظة 30 يونيو 2013 التي حسم فيها الشعب المصري خياره بالتخلص من الطغيان والتفرد، وإنهاء حكم اختطف الدولة وسعى لتغيير هويتها وتوازنات المنطقة والدخول في مؤامرات تبيع الوهم للشعوب، بما يهدد مصالح الأمة ويستبدل الأهداف القومية بأخرى ظلامية، تتستر بالدين، وفي الوقت نفسه تشوّه رسالته وتحرفها حسب مصالحها، وتضرب المشروع الوطني والقومي لصالح الغريب والفوضى وفتح أبواب المنطقة على المجهول.

وكانت الإمارات سباقة في دعم مصر والوقوف إلى جانبها، سياسياً ومادياً في محنتها، لإنقاذها من الغرق في الفوضى، فنهضت بدورها في الوقوف إلى جانب الشعب المصري بعد ثورة 30 يونيو، باعتبار ذلك واجباً قومياً يحقق مصلحة جماعية لكل العرب في الحفاظ على أمن واستقرار أهم وأكبر دولة إقليمية في المنطقة، فساندتها بالمواقف السياسية في المحافل الدولية كافة، وضخت مليارات الدولارات في شرايين الاقتصاد المصري عبر مشاريع استثمارية عملاقة في البنى التحتية والخدمية والإنتاجية؛ لتكون الإمارات أكبر مستثمر خارجي في مصر يوفر آلاف فرص العمل للمصريين، ويدعم الاقتصاد نحو نمو اقتصادي مستدام يحقق الازدهار.  

كانت ثورة 30 يونيو لحظة مفصلية في التاريخ المصري والعربي عموماً، حافظت على هوية مصر العربية وأحبطت المؤامرات على وحدتها، واختارت الثورة قيادة وطنية عبرت بمصر والمنطقة، إلى الاستقرار، واجتازت رمال الإقليم المتحركة والمؤامرات الخارجية، وعادت لتتكامل مع الأمن القومي العربي وتمنحه قوته وصموده، وتشكل محور مصر والإمارات والسعودية، الذي صان الأمن القومي والمصالح المشتركة طوال العقد الماضي. وأنقذت الثورة مصر من أن تصبح مثل دول إقليمية تشهد صراعات وأزمات واضطرابات سياسية وأمنية، وأحبطت مؤامرات توسع تلك الصراعات في المنطقة بل حاصرتها وضيّقت الخناق عليها كما حصل في ليبيا.

هي اختيار الشعب وقراره بعد أن اكتشف أن قوى الظلام اختطفت الدولة وأن مصيره يسير إلى المجهول، فصنع المستحيل وهزم التحدي وأعلن جمهورية جديدة، وأسقط المؤامرة بتهاوي وإنهاء المشروع الإخواني وعدم قدرته على النهوض، وزاد تعميق القناعة الشعبية بزيفه وإفلاسه وأن ظلاميته تقود المنطقة نحو مخاطر المجهول وسيناريو الفوضى في سائر المنطقة.

كانت تلك الثورة صدمة في العقل والوجدان لإعادة اكتشاف مصر والعرب لذاتهم وإمكاناتهم وقوتهم وقدرتهم على التغيير من الداخل لصالح شعوبهم وهويتهم الأصيلة؛ والتي تتضح معالمها بحصد النتائج بالنمو والاستقرار وصد المخاطر وحماية المنجزات وإعادة بناء العلاقات مع المحيط الإقليمي على أساس المنافع المتبادلة، بعد أن تعرضت للتأزيم في كل الاتجاهات. كما قدمت الثورة للخارج الصورة الحقيقية لمصر وكل العرب، برفضهم للإرهاب، بعد أن شوهتها فترة حكم الإخوان وتقديم مصر بؤرة للإرهاب وتصديره، فأطلت مع الثورة صورة مغايرة جوهرها التسامح والانفتاح على الآخر، كما هو حال المصري والعربي دائماً.

مصر بعد 30 يونيو غير مصر قبله، فهي اليوم تنتهج سياسات تعزز استقلالية قرارها، مثل سياسة تنويع مصادر السلاح والغذاء والدواء والاعتماد على الذات، لتتحرر من ضغوط المصدر الواحد، وبما يسمح لها بمناورات سياسية أوسع لخدمة مصالحها ومصالح العرب، بحيث تكون أكثر توازناً واستقلالية، وهو ما تجسد أخيراً في الموقف المصري والعربي عموماً من الحرب الأوكرانية.

مكاسب الثورة، مصرية وعربية، فمصر تنهض وتستنهض العرب، صحيح أنها خرجت من تلك المرحلة متعبة، لكنها بقيت صامدة بالدعم العربي، تؤدي دورها القومي رغم آلام الجراح الداخلية، لأنها تعرف مسؤولياتها في منطقة تموج بالصراعات والتدخلات الخارجية والأطماع الأجنبية ومحاولة مصادرة قرارها، فكانت ثورة 30 يونيو انتفاضة ضد كل ذلك؛ حفظت للعرب حضورهم وصانت أمنهم، وكتبت خلاص الشعب المصري من أيادي الشر، وكتبت شهادة ميلاد مصر الجديدة.

لولا ثورة 30 يونيو لكانت مصر اليوم تبحث عن نفسها وعن هويتها، ولتوقف قلب الأمة، فكانت أنجح عملية إنعاش أعادت الروح لمصر والحياة للعرب ولفظت الكراهية وأشعلت النور من جديد؛ ليبقى الأمل حاضراً ولتبقى مصر حضارة قوية في قضايا أمتها، ولتزرع في نفوس الأجيال أن أمن مصر واستقرارها هو أمن لكل عربي؛ وأن أم الدنيا حاضنة الحلم العربي، من دونها يتبخر الأمل.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

30 يونيو عودة الروح 30 يونيو عودة الروح



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!

GMT 11:51 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تليغرام يطلق تحديثات ضخمة لاستعادة ثقة مستخدميه من جديد

GMT 08:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد العوضي يكشف عن بطلة مسلسله بعد انتقاد الجمهور

GMT 06:02 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم... نحتاج لأهل الفكر في هذا العصر
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab