بقلم - منى بوسمرة
تبدو المؤشرات الأولى مع عودة الأعمال إلى وتيرتها الطبيعية في دبي، مبشرة، ببدء مرحلة التعافي الاقتصادي وعودة الأمور إلى نصابها ومسارها بعد ثلاثة أشهر من الإجراءات الاحترازية الصحية.
ففي دبي ساهم تخفيف القيود الاحترازية في مايو في تسجيل تحسن على مؤشر مديري المشتريات، حيث بدأ يعكس اتجاهه مغادراً مرحلة التباطؤ نحو التعافي ومعاودة النمو، أما الآن وقد عادت دبي إلى الأعمال بكامل طاقتها اعتباراً من أمس، فمن المتوقع أن يسجل المؤشر تحسناً ملحوظاً، خاصة أن كافة القطاعات تستنفر كامل قدراتها لتعويض مرحلة التوقف التي أجبرت كل العالم على الإغلاق لمواجهة جائحة «كورونا».
معنى هذا أن الاقتصاد غير النفطي بدأ التعافي التدريجي، كما أكدت وكالة بلومبيرغ أمس، بعد أن نجحت قطاعاته ومؤسساته الحكومية والخاصة في التأقلم سريعاً مع المتغيرات التي فرضتها الجائحة على أرض الواقع، خاصة أنه أكثر اقتصادات المنطقة تنوعاً باعتماده على التجارة والتجزئة والسياحة والعقارات والخدمات، ويشكل وجهة للاستثمار والسياحة بكافة أنواعها.
الطيران يعود للتحليق، والأسهم تنتعش بتأثير فتح الاقتصاد، ومؤشر أسهم دبي يواصل الصعود لليوم الثالث ويلامس حاجز 2000 نقطة، والأسواق والمراكز التجارية تضيء بالمتسوقين، والحدائق والشواطئ والفنادق ترحب بالزوار، ورافعات المشاريع لم تتوقف، لتضيف أيقونات معمارية، جمالاً إضافياً إلى أفق دبي، والازدحام المروري يعود إلى الشوارع، رغم أننا كنا نشتكي منه، أما اليوم فنرحب به ونفرح له كعلامة على التعافي وعودة الحركة إلى سابق عهدها.
كل ذلك من دون المساس بالاشتراطات الصحية، بل بالحرص على الالتزام بها، لأن الدرس تعلمه الجميع، وأن التراخي والتساهل قد يعيدانا للمربع الأول، أي أن المعادلة التي توافق عليها الجميع تنص على العودة الكاملة للأعمال وفي الوقت نفسه الالتزام الكامل بالسلامة والصحة العامة، واعتبار ذلك جزءاً من مشهد الأعمال.
دبي الأولى في كل شيء إقليمياً على مدار سنوات، ولها مراتب الصدارة العالمية على العديد من المؤشرات الدولية، واليوم تدشن مرحلة ما بعد فيروس «كورونا» لتكون الأولى التي تعود بكامل طاقتها إلى الأعمال والخدمات وتحافظ على تألقها العالمي، المدعوم بطاقات ومهارات كوادر وطنية تتهيأ لإبداعات مختلفة لا تقل عن إبداعها في إدارة الأزمة الصحية.
«لن نتوقف فالطموحات بلا حدود» هكذا قال محمد بن راشد في حفل التخريج الافتراضي للدفعة 40 لجامعة الإمارات قبل يومين، مشيراً بذلك إلى عنوان المرحلة المقبلة، التي ترتسم ملامحها الآن، بأنها ستكون أكثر إبداعاً، بعدة أسباب، أولها العزيمة والإدارة التي أعلنتها القيادة للانتقال للمرحلة التالية من النهضة ومواصلة المشاريع النوعية على الأرض وفي الفضاء، والثاني صلابة الاقتصاد الوطني وقدرته على امتصاص الصدمات، مثلما اختبرته أزمات سابقة وانتصر عليها، والثالث أن البيئة الحاضنة للأعمال في دبي وفي الإمارات عموماً، هي بيئة صديقة للإبداع والمواهب وحاضنة لهما، رابعاً قدرات البنية التحتية المتطورة سواء التقليدية أو الرقمية على إعادة ربط الأعمال بما يخدم الرؤية الوطنية التي قال عنها محمد بن راشد إنها تكبر كل يوم، وما دامت تكبر، فستكبر معها الآمال والأعمال وتزداد الإنجازات التي تزين وطناً طموحاً لن تعرقله التحديات بل يصهرها فكر قيادته فرصة لإنجاز فريد.