بقلم - منى بوسمرة
الحراك الإنساني والخيري الكبير الذي تشهده دبي في هذا الشهر الفضيل، ويلتفت إليه العالم أجمع بنظرات الإعجاب، يبث إلهاماً من نوع مختلف أساسه الانتقال بالعمل الخيري والإنساني إلى أدوات عصرية مبتكرة تعظم آثاره وتزيد من زخمه وتنمية نتائجه وضمان ديمومته، إضافة إلى توسيع قاعدة المساهمين فيه من الأفراد والمؤسسات، في نهج يرسخ ثقافته بين الجميع.
هذه الأهداف النبيلة جميعاً كانت في مقدمة رؤية دبي في إطلاقها «صكوك الوقف الخيرية»، كمبادرة نوعية، أكد حمدان بن محمد أهميتها ودورها في ترسيخ مكانة دبي السباقة عالمياً في إطلاق المبادرات النوعية ليس فقط في المجالات الاقتصادية والتطويرية، وإنما أيضاً في المجالات الإنسانية، فـ«صكوك الوقف» من شأنها في المقام الأول أن تدعم بشكل كبير المساهمة المجتمعية للشركات في المشاريع النفعية.
المبادرة التي تعد خطوة فاعلة في تطبيق رؤية محمد بن راشد لإعادة إحياء الوقف كأداة تنموية للمجتمعات، تفتح أبواباً واسعة لتنمية هذا المجال، خصوصاً أنها تبدأ بمئة مليون درهم، وتمتاز بأنها منتج إنساني خيري مبتكر سيتم الصرف من عوائده على المشاريع الصحية والتعليمية والإنسانية مع حفظ الأصول، والمساهمة متاحة للشركات والأفراد جميعاً.
مع هذه الانطلاقة القوية من الواضح أن المبادرة ستحدث تأثيراً مهماً في تحسين معيشة المستفيدين صحياً وتعليمياً واجتماعياً، حيث سيتم تحويل عوائدها كل 6 أشهر للصرف على الأعمال الخيرية في الدولة، غير أن الأكثر أهمية في المبادرة أنها تنشر فكراً جديداً في المسؤولية المجتمعية، وتقدم مثالاً واقعياً على ما يمكن أن تقوم به الشركات والمؤسسات الاقتصادية عموماً، إضافة إلى الشراكة المجتمعية الكاملة، من تعزيز لثمار العمل الخيري واستدامة موارده.
اللافت في هذه المبادرة أيضاً، أدواتها المبتكرة التي تتيح للجميع المشاركة وترسخ عمل البر لدى الجميع، حيث أتاحت صكوكاً للوقف الدائم وأخرى للوقف المؤقت، كما تفتح الباب أمام الأفراد لشراء الصكوك ابتداءً من ألف درهم وأمام الشركات لشراء صكوك ابتداءً من 10 آلاف درهم، إضافة إلى أن العوائد المالية المتوقعة لنوعية الصكوك التي تطرحها، تعد مرتفعة مع تميّزها بالحماية التامة لرأس المال الأصلي، سواء بالنسبة للوقف الدائم، أو الوقف المؤقت، وجميعها مزايا مشجعة جداً للراغبين في عمل الخير.
هذه المبادرة وغيرها من المبادرات النوعية المتواصلة، تجعل من دبي مرجعاً ونموذجاً ملهماً في العمل الخيري والإنساني المبتكر، ونهجها الذي تضع فيه مفاهيم وأسساً جديداً لتنمية أموال البر، وضمان استدامتها وصرفها في مساراتها الأكثر استحقاقاً، وزيادة أثرها في تحسين حياة الناس.