بقلم - منى بوسمرة
وقفت الإمارات منذ بداية الأزمة العالمية إثر اندلاع العنف في أوكرانيا، موقفاً شفافاً وعقلانياً، ينطلق من ثوابت الدولة التي تؤمن بأهمية التكاتف الدولي للحفاظ على السلم والأمن العالميين، إضافة إلى ما تتبناه من أولويات إنسانية في أي نزاع وفي صدارتها حماية المدنيين ووصول المساعدات.
أمام ما ندركه جميعاً من حجم الويلات التي تأتي بها الحروب وتعم تأثيراتها الجميع، فإن الدولة في خدمة الأهداف التي لا تتفوق على نبلها أي مساعٍ أخرى، لم تكتفِ بدعوات أطراف الأزمة إلى الحوار والدبلوماسية، وإنما مضت فوراً في جهود جادة على أعلى المستويات لاحتواء المواقف، وأكدت منذ اللحظة الأولى استعدادها للعمل مع مجلس الأمن ومع جميع الأطراف لخفض التصعيد.
ظهر ذلك بدور واضح في المباحثات الهاتفية بين محمد بن زايد والرئيس الروسي، أمس، وهي ضمن المباحثات التي يجريها سموه في هذا الإطار وشملت رئيس الوزراء البريطاني والرئيس الفرنسي، إضافة إلى تأكيد سموه مجدداً أن الإمارات ستواصل اتصالاتها مع مختلف الأطراف بهدف المساعدة في إيجاد حلول سياسية للأزمة ودعوته إلى ضرورة استمرار الاتصالات والمشاورات الجادة لحل الأزمة والتوصل إلى تسوية سياسية بما يحقق السلم والأمن العالمي.
صوت العقل الذي يجعل لدعوات الإمارات وزناً مهماً، وإن كان يستند إلى تمسكها الثابت بالمبادئ والشرائع الدولية وسيادة الدول ورفض الحلول العسكرية، فإنه يستند إلى تجربة طويلة في منطقة عانت من ويلات الصراع والأزمات، ما يعطي ثقلاً قوياً لإدراكها السياسي بأن الحروب لا تأتي إلى بالويلات على الجميع، وأنها لن تحقق أي مكاسب لأي طرف، بل سيدفع العالم بأسره، دولاً وشعوباً، الكلف الباهظة، نتيجة الاستمرار بهذه الصراعات، لذلك فإن ما تراه الإمارات من ضرورة تحرك الجميع، اليوم قبل الغد، بعيداً عن الاصطفاف والتموضع، لتشجيع أطراف أزمة أوكرانيا على تبني الدبلوماسية والتفاوض طريق وحيد لإيجاد تسوية سياسية تنهي الأزمة، هو رأي العقل والضمير الأكثر حكمة الذي سيحفظ مصالح الجميع ويحمي السلم والأمن لكل الدول المرتبطة بهذه الأزمة وللعالم أجمع.
بدورها العالمي المؤثر ورسالتها الإنسانية الاستثنائية، تسلمت الإمارات منذ أمس، وطوال الشهر الجاري قيادة مجلس الأمن، وهو ما نأمل معه أن يكون لصوتها العقلاني دور فاعل في ترسيخ السلام على مستوى الدولي، واستجابة أطراف الأزمة الحالية للحلول السياسية، التي تجنب العالم ما قد تأتي به الحروب من ويلات، خصوصاً أن البشرية بأمس الحاجة، وأكثر من أي وقت مضى، إلى التكاتف والتعاون والابتعاد عن الصراعات والنزاعات