التباكي على منظومتنا الأخلاقية

التباكي على منظومتنا الأخلاقية!

التباكي على منظومتنا الأخلاقية!

 العرب اليوم -

التباكي على منظومتنا الأخلاقية

بقلم : خالد الدخيل

بعضنا في مجتمعنا العربي يصيحون بأعلى أصواتهم على أن منظومة الأخلاق في مجتمعنا تعاني انهياراً وتدنياً في العديد من المجالات، على رغم أن الشرق هو مهد الرسالات الدينية التي كرست جزءاً كبيراً من تعاليمها على منظومة ضبط الأخلاق بين البشر، وعلى رغم أن الخطاب الديني وخطب الدعاة تجلَّت في الحفاظ على منظومة الأخلاق، إلا أننا نقرأ دراسات تبرز انحطاطاً لبعض المجتمعات العربية أخلاقياً.

السؤال الذي يفرض نفسه؛ هل بالفعل نحن مجتمعات تعاني من خلل واضح في هذه المنظومة، على رغم الدعوات القائمة على أساس ديني أو ثقافي أو اجتماعي للحفاظ على هذه الأخلاق؟ إن الإشكال لدينا يكمن في تقديس الفرد الممارس للشعائر الدينية، أو من يظهر عليه المظهر الديني على أنه قمة في الأخلاق، ولكننا لا نمعن النظر في سلوك وممارسة مثل هؤلاء، لذلك نجد الاحترام والتقدير لمن يظهر عليه هذه السمات الشكلية، وبعضنا للأسف يلجأ إلى هذا المسلك الشكلي للحصول على الحظوة الاجتماعية، وكم قرأنا أن من هؤلاء تورطوا في قضايا أخلاقية معيبة، ويكون رد الفعل الاجتماعي عليهم أخف وطأة مما لو كان من قام بهذا العمل لا تظهر عليه علامات التدين الشكلية.

مثلاً نشهد أنه في حال تم تغير في بعض الأجهزة الرسمية المعنية بضبط منظومة الأخلاق، نجد صراخاً وتحذيراً وخوفاً على مجتمعاتنا من انهيار أخلاقي وشيك، وهذه -في الحقيقة- إدانة لنا جميعاً، إذ المفترض أن تكون الأخلاق أصيلة فينا سراً وجهراً، والتزاماً ذاتياً غرس في قولبنا منذ الصغر، في مناهجنا وأنظمتنا المطبقة فعلياً، والغريب أن الكثير منا عندما يسافر إلى بلاد الغرب والشرق المتقدمة يعود وهو يتغنى بأخلاقيات وأنظمة تلك المجتمعات ودقة تطبيقها على الجميع من دون تفريق، ولكن بعد فترة يبدأ بنقد تلك المجتمعات وأنها منهارة أخلاقياً. والسؤال؛ كيف بتلك المجتمعات المنهارة أن تقود العالم؟ فمثلاً مفهوم الصدق وعدم الغش قيم كونية تحميها القوانين، ولكن في مجتمعاتنا وفي خطابنا الاجتماعي غير المعلن نجد الفاسد، والغشاش، ومن جمع المال بطرق غير مشروعة على أسس دينية وأخلاقية يطلق عليه ذكي و«ذئب»، برمزية واضحة أنه تعامل مع الواقع وأصبح من أصحاب الوجاهة الاجتماعية المرموقة في محيطه الاجتماعي، أما من لديهم التزام ذاتي وأخلاقي على أرض الواقع، خصوصاً ممن يصلون إلى مواقع قيادية في المؤسسات العامة فدائماً مكروهون وليس فيهم خير، مثل هذه التناقضات والدعوات تكشف إشكال مفهوم الأخلاق لدينا.

من هذا المنطلق، لا أشكك في أهمية الأديان في بناء المنظومة الأخلاقية، بدليل أنه حتى الدول العلمانية نجد الكثير من القيم الدينية في دساتيرها الوطنية، ونجد كلمة «الرب» حاضرة في خطابها الثقافي، ولكن تلك القيم تمت مأسستها وحمايتها بالقوانين المشددة، حتى أصبح من يخالفها يقع تحت طائلة القانون ويعتبر فعله مرفوضاً اجتماعياً.

شاهدت قبل فترة مقطع فيديو على يوتيوب، لاختبار قوة مفهوم الأمانة وعدم أخذ حق الغير وإرجاعه لأصحابه، لمجموعة من الأطفال في اليابان، والمشهد يعرض رجلاً يفقد محفظته في إحدى محطات النقل العام، ويعرض رد فعل الأطفال وكيفية تصرفهم إزاء ذلك الموقف، والتي كانت إيجابية بإعادة المحفظة إلى صاحبها، مثل هذه المواقف تبين أن تجسيد الأمانة كمفهوم أخلاقي ليست له علاقة بهذا الدين، سواءً أكان بوذياً أم مسلماً أم مسيحياً أم حتى غير دين، لأنها التزام وطبقت على أرض الواقع، وهذا هو المهم في اعتقادي.

arabstoday

GMT 04:32 2018 السبت ,21 تموز / يوليو

لا حرب إيرانية - إسرائيلية

GMT 02:48 2018 الثلاثاء ,27 شباط / فبراير

سورية مختلفة فعلاً

GMT 00:42 2018 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

موقف أحمد ابن حنبل من الدولة

GMT 11:25 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

كذبة الحرب الكبرى

GMT 08:49 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

خيار الحريري و«حزب الله»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التباكي على منظومتنا الأخلاقية التباكي على منظومتنا الأخلاقية



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان
 العرب اليوم - غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab