الانتخابات الإيرانية عسكرة الثورة والدولة

الانتخابات الإيرانية... عسكرة الثورة والدولة

الانتخابات الإيرانية... عسكرة الثورة والدولة

 العرب اليوم -

الانتخابات الإيرانية عسكرة الثورة والدولة

مصطفى فحص
بقلم: مصطفى فحص

حسم ناظم ولاية الفقيه موقفه داخلياً، وحدَّد طبيعة جديدة للنظام تختلف عن الطبائع السابقة التي شهدت تنافساً بين تيارات متعددة إصلاحية ومعتدلة، ومتشددة، ضمن ثنائية «الثورة» و«الدولة»، وكان الانطباع العام أن التيارين الإصلاحي والمعتدل يميلان إلى فكرة «الدولة»، بينما ارتبط التيار المحافظ بطبيعة «الثورة». إلا أنَّ الانتخابات التشريعية الأخيرة فتحت الطريق رسمياً لإخضاع المؤسسات الرسمية والعقائدية، وثنائية «الثورة» و«الدولة»، لطبيعة واحدة.

تنتمي هذه الطبيعة الواحدة الجديدة بكاملها إلى عسكريتارية عقائدية موالية لمؤسسة «الحرس الثوري»، الذي بات بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة يسيطر على مجلس الشورى (البرلمان)، ومن المرجح أن يكون رئيسه أحد قادته السابقين. هذا التحول غير الصحي في الحياة السياسية للنظام يكشف عن مأزق بنيوي عند النخبة الحاكمة في عدم قدرتها على إعادة إنتاج طبقة سياسية جديدة وفقاً لشروطها الآيديولوجية في توقيت يجري فيه الاستعداد لمرحلة ما بعد المرشد، لذلك اتخذت قرارها الأصعب بإنهاء الإصلاحيين وإقصاء المعتدلين، رغم تداعيات هذا القرار المستقبلية التي ستظهر التراجع الحاد في شعبية النظام، الذي ترجم في ضعف الإقبال على الانتخابات، خصوصاً في المدن الكبرى المؤثرة في صناعة الرأي العام الإيراني، يقابله تراجع حاد في حضور التيار الأصولي في الشارع؛ الأمر الذي عجّل ببدء نقل السلطة إلى العسكر الذي يحظى بتأييد التيارات الراديكالية كافة التي تخوض معركة الدفاع عن النظام، بهدف ضمان استمراره.

أظهرت نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة سيطرة «الحرس الثوري» والتيار الأصولي على أغلبية مقاعد البرلمان، فلأول مرة يحصل «الحرس» على 120 مقعداً من أصل 290، فيما تراجعت حصة الإصلاحيين إلى 19 مقعداً، بينما تقاسمت أجنحة النظام المتشددة والأصولية بقية المقاعد. إلا أن هذه النتائج ستفرز برلماناً منسجماً في توجهاته الداخلية والخارجية، فهو داخلياً سيحمل على عاتقه مهمتين: الأولى داخلية في جزأين: الأول تعطيل ما تبقى من ولاية حسن روحاني الرئاسية ومحاصرته تشريعياً وإلغاء أي تأثير له حتى إخراجه نهائياً من المشهد السياسي الإيراني، لكيلا تتكرر تجربة ما بعد الرئاسة التي مارسها الرئيس رفسنجاني والرئيس خاتمي. أما الجزء الأهم لبرلمان العسكر فهو في تقديم تجربة تشريعية شعبوية تلامس واقع المواطن الإيراني المتذمر اقتصادياً ومعيشياً، وذلك بهدف التمهيد لسيطرة «الحرس» على موقع رئاسة الجمهورية. أما المهمة الثانية فهي تقديم تغطية تشريعية لقرارات النظام المتعلقة بالسياسة الخارجية واحتمال الانتقال إلى التصعيد مع واشنطن خلال المرحلة المقبلة؛ فمن المتوقع أن تشهد مزيداً من الاحتكاكات الخشنة الإيرانية عبر وكلائها في مقابل استمرار واشنطن في فرض مزيد من العقوبات على إيران.

من البرلمان حالياً إلى الرئاسة مستقبلاً، يستعد النظام الإيراني لعسكرة طبيعة السلطة، وهذا أشبه باعتراف ضمني من النخبة بتراجع خطابها العقائدي وتقلص تأثيره الثقافي والاجتماعي على المجتمعات الإيرانية إلى مرحلة تهدد وحدتها، التي قامت منذ عام 1979 على الربط بين هويتين؛ دينية ووطنية، جمعتهما مؤسسة الولي الفقيه الذي شكّل موقعه في رأس هرم السلطة ضماناً لهذا الربط الذي أمّن الغطاء الروحي لـ«الثورة» و«الدولة».

ولكن مع ازدياد صعوبات المرحلة الانتقالية وغياب وجه يمتلك إرثاً تاريخياً يسمح له بملء الفراغ الذي سيتركه غياب المرشد الحالي، لجأ النظام إلى التسليم بدور «الحرس الثوري» المطلق، وتسليمه زمام الأمور؛ حيث باستطاعته ضمان انتقال السلطة إلى مرشد جديد وتأمين الغطاء الثوري والعقائدي له وحماية موقعه في تركيبة السلطة، ولكن هذه المعادلة تفرض على «الحرس» التدخل مباشرة في الانتخابات الرئاسية؛ حيث من الصعب أن يقبل بوجود رئيس قوي في مرحلة انتقالية تضعف دور المرشد، كما أن معضلته الكبرى أنه لا يمكن له ضمان استقرار النظام إذا كان المرشد جديداً والرئيس ضعيفاً، لذلك بات أغلب التكهنات أن «الحرس» يتجه لحسم الموقف في الموقعين، وبات الأقرب والأكثر احتمالاً أن يكون الرئيس قوياً لكن بشرط أن يكون من «الحرس».

arabstoday

GMT 00:23 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل و«حزب الله».. سيناريو ما بعد التوغل

GMT 00:28 2024 الخميس ,13 حزيران / يونيو

مكاشفات غزة بين معسكرين

GMT 00:37 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

التطبيع بعد القمة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الانتخابات الإيرانية عسكرة الثورة والدولة الانتخابات الإيرانية عسكرة الثورة والدولة



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab