بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
يبدى بعض أعضاء مجلس النواب من حين إلى آخر ضيقهم من جهود تُبذل للمساهمة فى تفعيل الدستور. أُثير هذا الموضوع فى عدد من النقاشات. وطرحت الأستاذة رشا نبيل مقدمة برنامج »كلام تانى« أسئلة بشأنه قبل أيام، عندما خصصت حلقة من برنامجها للمسألة الدستورية، ودعت إليها المستشارة تهانى الجبالى وكاتب السطور. كما أبلغنى الصديق د. أحمد سعيد عضو مجلس النواب أن أعضاء فى المجلس غاضبون بسبب الحديث عن حماية الدستور وتفعيله.
وكان جوابى فى هذه النقاشات هو أن من يزعجه حديث يتردد عن حماية الدستور قد يكون مُحقاً لأنه دستور الشعب كله، وليس ملكاً لأحد. أما الانزعاج من جهد يهدف إلى تقديم أفكار وتصورات تساعد فى تفعيل الدستور فهو أمر غير مفهوم، فضلاً عن أنه ينطوى على سوء فهم لعدة أسباب.
أولها أن تفعيل أى دستور يتضمن الكثير من المبادئ والقواعد الجديدة يتطلب جهداً هائلاً، الأمر الذى يفرض كل من يستطيع المساهمة بأفكاره أن يبادر بذلك.
وثانيها أن تفعيل معظم الدساتير التى صدرت فى العقدين الأخيرين اعتمد على مشاركة واسعة من المجتمع المدنى. وقد بدأ قبل ذلك فى مصر بالفعل، ولكن على نطاق محدود، كما نرى فى الدور الذى تقوم به نقابة الصحفيين فى إعداد مشروع قانون الإعلام الموحد، وجهود نقابة الأطباء سعياً لأن يكون قانون الرعاية الصحية منسجماً مع الدستور.
وثالثها أن تفعيل الدستور لا يقتصر على التشريعات فقط، لأن جزءاً مهماً منه يتطلب تطوير السياسات العامة. ودور البرلمان فى التشريع ليس حصرياً، سواء فيما يتعلق بتفعيل الدستور أو غيره. فهناك ثلاث مراحل فى هذه العملية منها اثنتان تحدثان غالبا خارج البرلمان قبل أن يتلقى مشاريع القوانين من الحكومة0
الأولى طرح الأفكار التى يقوم عليها التشريع والتفاعل حولها0 وكلما شارك المجتمع والاعلام فى هذا التفاعل, أمكن بلورة الأفكار المتعلقة بالتشريع بطريقة أفضل. والمرحلة الثانية صياغة هذه الأفكار فى صورة مشروع قانون. وما يسعى إليه المهتمون بتفعيل الدستور هو المساهمة فى هاتين المرحلتين. أما مرحلة مناقشة المشروع وإقراره كما هو أو مُعدَّلاً فهى اختصاص البرلمان دون غيره.
ولذلك فلا مبرر لأن يكون أحد فى البرلمان »زعلان«، بل العكس تماماً لأن كل جهد يُبذل خارجه يسهَّل مهمته ويتيح له أن ينجز ويُحسَّن صورته التى أساءت بدايته المرتبكة إليها.