د. وحيد عبدالمجيد
كم هى ساحرة بحق الكرة البرازيلية. ولذلك يكتسب «المونديال» الذى افتتح أمس الأول مذاقاً خاصاً جداً لأنه يقام فى البرازيل التى لا تكف عن إنجاب لاعبين فوق العادة يلعبون الكرة وكأنهم يرقصون رقصتهم الشعبية المسماة «السامبا».
ففى هذه الحالة يبدو أن المسابقة الرياضية الأكبر فى العالم تقام فى «بيتها». غير أن تفوق البرازيل هذا ليس إلا جزءاً من ظاهرة إقليمية تشمل أمريكا اللاتينية. ففى النظام الكروى العالمى، تتنافس أمريكا اللاتينية وأوروبا على المرتبة الأولى. واذا أخذنا عدد مرات التأهل إلى »المونديال« مقياساً تأتى البرازيل، التى تأهلت 20 مرة وحصدت الكأس 5 مرات، فى موقع القوة الأكبر الذى تحتله الولايات المتحدة فى النظام السياسى الاستراتيجى العالمى.
وتجئ ألمانيا وإيطاليا بعد البرازيل مباشرة، حيث تأهل كل منهما 18 مرة. ولكن إيطاليا التى حصلت على الكأس أربع مرات تسبق ألمانيا التى نالته ثلاث مرات.
أما الدولتان الأوروبيتان الكبريان الأخريان، وهما فرنسا وانجلترا اللتان حصلت كل منهما على الكأس مرة واحدة، فهما تأتيان بعد الأرجنتين وأوروجواى اللتين فازت كل منهما به مرتين. وإذا أضفنا المكسيك وشيلى وبوروجواى وسلفادور وهندوراس التى تعتبر دولاً أكثر من متوسطة فى النظام الكروى العالمى، تكون أمريكا اللاتينية هى قارة السحر الكروى الذى تتربع البرازيل على عرشه فى الوقت الذى تشق طريقها بسرعة وقوة إلى قمة النظام السياسى العالمى أيضاً.
وهى الوحيدة بين الدول الصاعدة نحو القمة العالمية التى تعتبر قوة كروية كبرى، فضلاً عن كونها الأكبر. فالهند، مثلا، وهى التى تقترب مع البرازيل من تلك القمة لا وزن لها فى النظام الكروى العالمى.فمازالت آسيا عموما, بخلاف أمريكا اللتينية وأوروبا, تبحث عن مكان لها فى النظام العالمى الكروى. وإذ نجحت الصين فى أن تنتزع لنفسها موقعاً مميزاً آخذاً فى الازدياد والتوسع فى هيكل النظام السياسى العالمى، لم تحقق أية دولة آسيوية نجاحاً مماثلاً فى هيكل النظام الكروى العالمى. فقد أخفقت هذه الدول فى الوصول إلى نهائى »المونديال« حتى الآن، فظل المركز الثانى كما الأول حكراً لأمريكا اللاتينية وأوروبا. وكان أكبر إنجاز آسيوى حتى الآن هو الذى حققته تركيا عندما حصلت على المركز الثالث وكوريا الجنوبية التى حصلت على المركز الرابع فى »مونديال« 2002 الذى استضافته الأخيرة مشاركة مع اليابان.ويكفى الآسيويين، كما يكفينا، أن يستمتعوا بسحر الكرة البرازيلية، والأمريكية اللاتينية عموماً، هذه الأيام.