بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
واضح تماماً التعارض بين المادة 42 من قانون الجمعيات الأهلية (رقم 48 لسنة 2002)، والمادة 75 من الدستور الذى مازال معظم أحكامه معطلاً من الناحية الفعلية. لم يتم تعديل المادة المذكورة فى قانون الجمعيات، والتى تجيز للجهة الإدارية حل مجلس إدارة أى جمعية، لكى تنسجم مع النص الدستورى الذى يجيز للقضاء وحده هذا الإجراء. فالدستور ينص على أن للمواطنين حق تكوين الجمعيات والمؤسسات الأهلية على أساس ديمقراطي، وعلى أن تمارس نشاطها بحرية دون تدخل من الجهات الإدارية فى شئونها. كما ينص فى المادة نفسها (75) على عدم جواز حلها، أو حل مجالس إدارتها، أو مجالس أمنائها، إلا بحكم قضائي.
ولذلك أحالت محكمة القضاء الإدارى قبل أيام المادة 42 من قانون الجمعيات الأهلية إلى المحكمة الدستورية العليا، خلال نظرها دعوى مقامة من مجلس إدارة إحدى الجمعيات.
وكان مفترضاً أن يتم تعديل هذه المادة، مثلها مثل مئات المواد فى قوانين كثيرة، منذ إصدار الدستور فى 18 يناير 2014. غير أنه على مدى أكثر من عامين، لم تقم السلطتان التنفيذية والتشريعية بواجبهما فى تفعيل الدستور عبر إصدار القوانين المكملة له، وتعديل النصوص القانونية التى تتعارض مع أحكامه.
ونظراً لهذا التباطؤ، بدأت محاكم القضاء الإدارى فى إحالة بعض المواد القانونية المتعلقة بدعاوى منظورة أمامها إلى المحكمة الدستورية العليا، التى أصبح واجباً عليها أن تضع القضايا المتعلقة بتعارض مواد قانونية مع الدستور الجديد فى مقدمة جدول أعمالها.
فلا يصح أن تبقى معظم الأحكام الجديدة فى الدستور الحالى حبراً على ورق طول هذه الفترة. فاحترام الدستور ضرورى لاستقامة عمل مختلف المؤسسات، وضمان حقوق المواطنين. وفضلاً عن هذه الضرورة العملية، ينطوى احترام الدستور على قيمة رمزية عليا مثله فى ذلك مثل العلم والنشيد الوطنيين.
ومن عجائب الأقوال فى زمننا هذا أن تتضمن الاتهامات التى توجه بعض الشباب الذين يُلقى القبض عليهم بسبب اختلافهم مع نظام الحكم تُهمة زتعطيل أحكام الدستورس رغم أن هذه الأحكام تعطيهم حقوق المواطنة كاملة، بما فيها الحق فى التعبير عن آرائهم مهما تكن مختلفة مع السياسات المتبعة. كما أن الأحكام الجديدة فى الدستور ليست مطبقة أصلاً لكى يتم اتهام أحد بالسعى الى تعطيلها. فلنطبق هذه الأحكام أولا0 وهذا هو ما يدفع للجوء إلى المحكمة الدستورية رغم كثرة أعبائها.