بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
لم يعد لدينا ترف عدم مواجهة الحقيقة بعد الاقدام على خطوة كبيرة بحجم تحرير سعر صرف الجنيه0 والحقيقة هى أن مشكلة سعر الصرف تعد أحد أعراض المرض الأساسى الذى يعانية منه الاقتصاد المصرى, وهو ضعف الطاقة الانتاجية, وبالتالى ضآلة الصادرات قياسا الى ما يمكن أن تصدره فى حالة اعطاء أولوية قصوى لمعالجة هذا المرض.
ويتطلب ذلك رؤية واضحة لترتيب الأولويات, وبرنامجا يهدف الى اعادة بناء الاقتصاد وفق منهج يقوم على التوجه التصديرى0 وينبغى تصميم هذا البرنامج بطريقة تهدف الى نقلة نوعية فى الصادرات تؤدى الى زيادة لا تقل عن 50% خلال عامين, ومضاعفتها فى غضون أربع سنوات0 ويمكن التطلع الى ذلك من خلال اعطاء أولوية فى المرحلة الأولى للمشاريع الصغيرة فى اطار خطة تضعها الحكومة, أو تختارها من بين ما اقترحه خبراء فى هذا المجال فى الفترة الماضية.
والمهم أن تخلق هذه الخطة منظومة متكاملة للمشاريع الجديدة فى مختلف المحافظات تربط بينها, وتصلها تدريجيا بالمشاريع القديمة الموجودة (معظمها غير رسمى), مع خفض الأعباء المستحدثة التى فرضت عليها أخيرا فى صورة ضرائب جديدة وزيادة هائلة فى أسعار الكهرباء والمياه ، ومن الضرورى أن تكون نسبة معتبرة من هذه المشاريع قائمة على ابتكارات وتطبيقات جديدة لدى بعض شبابنا إمكانات جيدة فيها يمكن الاستفادة منها, وتدعيمها عبر توسيع مساحة الحرية وفتح المجال العام لكى تظهر المواهب وتزدهر فى قلب المجتمع بشكل طبيعى, الأمر الذى يجعل الإنقاذ الاقتصادى مرتبطا بالضرورة بإصلاح سياسى0 ويمكن تخصيص معظم الموارد التى تنفق على مشاريع كبرى غير عاجلة لهذا الغرض.
وإذا فعلنا ذلك, وغيره مما لا يتسع له المجال, سنبدأ فى معالجة المرض وليست أعراضه فقط, حتى لا نكون مثل من يركز على خفض حرارة المريض أو اعطائه مسكنا للصداع, بدلا من البحث عن الدواء الشافى من المرض الذى يؤدى الى تجدد مثل هذه الأعراض فى حالة السيطرة عليها.
ولذلك ينبغى التنبيه الى أن الدواء الشافى هو زيادة طاقتنا الإنتاجية وقدراتنا التصديرية0 ودون هذا الدواء تظل معالجة أعراض المرض, ومنها سعر الدولار مؤقتة، لأن سببها يبقى مستمرا ويؤدى الى تجددها بعد حين.