بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
ليس متوقعاً أن يختلف أداء الأمين العام الجديد للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس الذى سيتولى المنصب فى أول يناير القادم عن الأمين الحالى بان كى مون، الذى يوجد اتفاق واسع على أنه لم يفعل شيئا مفيداً للعالم على مدى ثمانى سنوات. قد يكون جوتيريس أكثر كفاءة على المستوى الشخصى بسبب خبرته الطويلة فى العلاقات الدولية، ومعرفته الوثيقة بقضايا الإغاثة التى اكتسبها خلال الفترة التى عمل فيها مفوضاً أعلى لشئون اللاجئين فى الأمم المتحدة.
غير أن الفرق فى مستوى الكفاءة لا يكفى لتوقع أداء أفضل، أو قل أقوى لأن أسوأ ما اتسمت به فترة بان كى مون هى ضعف الأداء. وهو ليس فريداً فى هذا الضعف الذى أصبح سمة عامة فى أداء المسئولين والموظفين الدوليين؟
وإذا أردنا تكييفا أكثر دقة من ضعف الأداء فى مجال الوظيفة الدولية، يمكن القول إن المزايا الهائلة التى يتمتع بها العاملون فى هذا المجال تدفعهم إلى التخلى عن الشجاعة الواجبة فى المواقف التى تتطلبها إما للحصول على دورة ثانية بالنسبة لكبار الموظفين الدوليين مثل الأمين العام للأمم المتحدة، أو للحفاظ على الوظيفة بالنسبة إلى باقى الموظفين.
وكان افتقاد الشجاعة فى أداء العمل بغض النظر عن ضغوط الدول ذات النفوذ أحد أهم عوامل تهادى دور المنظمات الدولية والإقليمية فى العقود الأخيرة. ولا نتوقع أن يكون جوتيريس أكثر شجاعة، أو أن يتخذ موقفاً يُغضب إحدى الدول الخمس الدائمة العضوية فى مجلس الأمن لأنه يريد كغيره فترة ثانية. وعندما يحصل عليها يكون قد تعود على قبول الأمر الواقع والرضوخ له بدلاً من السعى إلى تغييره. فلم يتخذ أمين عام الأمم المتحدة موقفاً شجاعاً منذ أكثر من عقدين، عندما عارض الراحل الكبير د.بطرس غالى السياسة الأمريكية وأصر على إعلان تقرير لجنة التحقيق فى مذبحة قانا.
والأرجح أننا لن نجد أميناً عاما شجاعا للأمم المتحدة يتصرف بما يمليه عليه ضميره إلا فى حالة إصلاح طريقة اختياره، وتحريره من تحكم الدول دائمة العضوية فى مجلس الأمن، فضلا عن قصر ولايته على دورة واحدة مع إمكان زيادة مدتها من 5 إلى 7 سنوات، بدلا من دورتين.