ومتى نقيل الفساد

ومتى نقيل الفساد؟

ومتى نقيل الفساد؟

 العرب اليوم -

ومتى نقيل الفساد

بقلم : عمرو الشوبكي

لا أحد عاقلاً يتصور أنه سيقضى على الفساد فى مصر بمرسوم رئاسى ينص فيه على محاربة الفساد، أو بحمله إعلامية تعتبر أن المعركة ضد الفساد هى شعارات وتصريحات، فيتصور أنه كلما صرخ ضد الفساد فإن ذلك سيعنى القضاء عليه.

والحقيقة أن الفساد فى مصر مثل بلدان كثيرة هو منظومة متكاملة، يستفيد منها الراشى والمرتشى، ويعيش عليها ملايين البشر، صحيح أن الأطراف والمؤسسات الأقوى تستفيد من الفساد أكثر من الأضعف، وأن ارتفاع نسبه مؤشر على أنك تعيش فى بلد مأزوم غير قادر على التقدم، لأن أحد شروط التقدم هو التخلص من الفساد من خلال وضع منظومة قانونية تحاربه، وتضع الجميع أفراداً ومؤسسات سواسية أمام القانون.

ويصبح الاستثناء والتمييز بين أفراد ومؤسسات أمام القانون (مهما كانت الحجج والمبررات) دليلاً على عدم الجدية فى محاربة الفساد حتى لو كانت مواجهة المؤسسات الحاكمة والشخصيات القوية النافذة أمراً ليس سهلاً، ويجب أن يتم بشكل تدريجى ويحتاج إلى حنكة وإرادة سياسية لا بديل عنها لكى ينجح أى بلد فى التقدم بجد وليس بالشعارات.

ما جرى فى مصر مؤخرا كان عكس ذلك، فقد اختلف كثيرون على تصريح المستشار النزيه هشام جنينة حين تحدث عن أن أرقام الفساد فى مصر تصل إلى 600 مليار جنيه بصورة بدت أو فهمت وكأن هذا الرقم يخص فترة حكم الرئيس السيسى، وهو بالقطع غير صحيح، وترتبت عليه حملة استهداف شرسة للرجل ولتاريخه القضائى الناصع انتهت بأن أصدر الرئيس، الأسبوع الماضى، قراراً بإقالته مستنداً إلى قانون أصدره منذ عده أشهر وسمح لرئيس الجمهورية بإقالة رؤساء الأجهزة الرقابية فى 4 حالات، منها فقدان الثقة والاعتبار وتهديد أمن البلاد وهو ما لا نرى أنه ينطبق على حالة جنينة حتى لو اختلفنا مع توقيت تصريحاته ومضمونها، بل ومجمل طريقته فى التعامل مع الإعلام.

وقد مس تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات (الجهاز الوطنى العملاق ذو التاريخ المشرف) وليس تقرير جنينة، فى نهاية العام الماضى، مؤسسات سيادية، خاصة الداخلية، مازالت بمثابة صندوق أسود مغلق غير مسموح لأى جهة رقابية أو غير رقابية أن تقترب منها، وبالتالى هو خروج عن الخطوط الحمراء التى جرى العرف وليس القانون على عدم التعرض لها.

وهنا سنجد أن الرئيس السابق للجهاز قد صرح أكثر من مرة قبل إقالته بأنه على استعداد ألا يراقب جهات ووزارات سيادية إذا وضع نص قانونى يطلب من الجهاز المركزى للمحاسبات ألا يراقبها، وطالما أن الرئيس وكل رموز الدولة أعلنوا أكثر من مرة أنهم ضد الفساد وأنه لا توجد جهة فوق القانون والمحاسبة فإن الرجل تحرك وفق القانون والصلاحيات المعطاة له.

وإذا افترضنا أن رقم الـ 600 مليار جنيه الذى أعلنه جنينة مبالغ فيه؟ فهل هذا يلغى جوهر القضية التى تضمنها تقريره حول الفساد، بل وحتى تقرير اللجنة التى شكلتها الرئاسة وأقرت بوجود فساد بمئات المليارات، وخرجت معهما تقارير أخرى تحدثت عن أن كلفة الفساد فى مصر سنويا 200 مليار جنيه؟ فهل إقالة جنينة ستحل مشكلة الفساد أم أنها ستقدم رسالة سلبية للمجتمع أنه تمت إقالة الرجل الذى جرؤ وتحدث بشكل علنى عن منظومة الفساد.

القضية ليست شخص هشام جنينة إنما فى غياب أى تصور أو خطة متدرجة تؤدى بنا إلى «إقالة الفساد» قبل إقالة جنينة.

 

arabstoday

GMT 23:16 2024 السبت ,22 حزيران / يونيو

الفكرة المغروسة

GMT 00:36 2024 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

«آيديولوجيا» التضامن الإنساني

GMT 22:21 2024 الثلاثاء ,18 حزيران / يونيو

طوفان الدماء

GMT 23:07 2024 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

غزة والانتخابات الفرنسية

GMT 03:12 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

أوروبا فى أقصى اليمين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ومتى نقيل الفساد ومتى نقيل الفساد



درّة تتألق بفستان من تصميمها يجمع بين الأناقة الكلاسيكية واللمسة العصرية

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 13:01 2024 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

أردوغان يرحب بمبادرات تطبيع العلاقات مع سوريا
 العرب اليوم - أردوغان يرحب بمبادرات تطبيع العلاقات مع سوريا

GMT 12:22 2024 الخميس ,27 حزيران / يونيو

كيمياء الدماغ تكشف سر صعوبة إنقاص الوزن

GMT 09:48 2024 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

العيش بالقرب من المطار قد يصيبك بالسكري والخرف

GMT 00:25 2024 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

الغرب والرغبة في انهياره!

GMT 11:18 2024 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

الجيش الإسرائيلي يعلن سقوط جندياً في معارك رفح

GMT 08:11 2024 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

زلزال بقوة 5 درجات يضرب جنوب أذربيجان

GMT 00:22 2024 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

بناء الجدران يصل إلى إيران
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab