نكبة سنة العراق

نكبة سنة العراق

نكبة سنة العراق

 العرب اليوم -

نكبة سنة العراق

نكبة سنة العراق
عمرو الشوبكي

نكبة سنة العراق كبيرة وعميقة، فقد دفعوا ثمن استبداد نظام صدام حسين، لأنه حين سقط تعاملت معهم الأحزاب الشيعية باعتبارهم من «أهل الحكم» و«النظام الصدامى»، والحقيقة أن نظام صدام حسين كان نظاما ديكتاتوريا ولكنه لم يكن نظاما طائفيا سنيا، ولم يقتل الشيعة ولا أى طائفة على الهوية المذهبية، إنما كان يقمعهم ويقتلهم إذا احتاج الأمر، فى حال إذا كانوا معارضين، سواء كانوا شيعة أو سنة أو أكراداً، والنتيجة واحدة هى القمع السياسى وليس القتل المذهبى.

سقط نظام صدام حسين وتفككت الدولة العراقية وبنى نظام جديد قائم على المحاصصة الطائفية، وغزت الأحزاب الشيعية مفاصل الدولة الجديدة وبنت لها أذرعا فى كل المؤسسات، خاصة الأمنية، لتقتل وتذبح على الهوية المذهبية، واستهدفوا السنة وضباط الجيش السابقين بصورة ممنهجة.

وتواطأت الحكومات العراقية مع الأحزاب الطائفية الشيعية، ربما باستثناء حكومة إياد علاوى، واستهدفت السنة بشكل كامل، وهو ما أدى إلى ظهور حاضنة اجتماعية لـ«طائفية سنية» أخرى، نما فيها أولا تنظيم القاعدة تحت قيادة أبومصعب الزرقاوى، وارتكب جرائم مشينة ضد شيعة العراق قتلاً وذبحاً وتفجيراً، ثم جاءت تجربة رئيس الوزراء العراقى السابق نورى المالكى، الذى عمق من النظام الطائفى، ودفع قطاعا من السنة إلى قبول الطبعة الأكثر وحشية من القاعدة، أى تنظيم داعش تحت قيادة أبوبكر البغدادى، متصورين أنهم طوق نجاة، ورفعوا الشعار الشهير: «ألف داعشى ولا مالكى».

ونجحت داعش فى السيطرة على ثلاث محافظات سنية فى نهاية عهد المالكى، إلى أن جاءت الحكومة الجديدة ونجحت فى تحريرها مدعومة بميليشيات الحشد الشعبى الشيعية الطائفية، وقامت على أثرها الأخيرة بارتكاب مذابح بحق السنة، وحرقت ممتلكاتهم تحت سمع وبصر الجيش العراقى.

وبدا المشهد بائساً بالنسبة لأهالى المحافظات السنية، فقد مارس سنة داعش إرهابا إجراميا بحق أى سنى خارج تنظيمهم مثلما فعلوا مع الشيعة وباقى الطوائف، وحين جاء الجيش العراقى ليحرر هذه المناطق اعتمد على ميليشيات شيعية طائفية، مارست بدورها مذابح بحق سنة الأنبار والرمادى وباقى المناطق السنية العراقية.

وقد دفعت جرائم هذه الميليشيات سنة المناطق العراقية المنكوبة إلى رفض مشاركتهم فى أى حرب ضد داعش، وكانت النتيجة أن عاقبتهم الحكومة العراقية وسحبت قوات الجيش من تلك المناطق، فى مشهد مهين وصادم تابعه الجميع الأسبوع الماضى، وتركتها تسقط مرة أخرى فى يد تنظيم داعش، الذى مارس هوايته الإجرامية مرة أخرى فى ذبح السنة المناوئين له مثلما فعلت التنظيمات الشيعية مع أهل السنة الشهر الماضى.

مأساة سنة العراق ونكبتهم أن النظام الطائفى فى العراق دفع قطاعاً منهم إلى أن يكونوا بيئة حاضنة لتنظيم داعش الذى قتلهم وذبحهم، على عكس التنظيمات والأحزاب الطائفية الشيعية التى لم ترتكب جرائم تذكر بحق الشيعة، وظلت فى تواصل مذهبى واجتماعى مع البيئة الشيعية الحاضنة لها، واعتبرت معركتها الأساسية مع السنة.

والمطلوب ليس كما قد يتصور البعض أن يتوقف السنة عن قتل بعضهم البعض ويكتفوا بقتل الشيعة، إنما المطلوب العكس تماما، أى يتوقف الجميع عن القتل على الهوية المذهبية، وإعادة بناء الدولة الوطنية العراقية على أسس غير طائفية، وفى نفس الوقت، وهذا هو الأهم، تأمل واقع السنة العرب، خاصة العراقيين، وكيف أن بيئتهم الحاضنة بالمعنى الاجتماعى والسياسى أنتجت تنظيمات طائفية مثل داعش، تقتل الجميع، الشيعة والمسيحيين، وأيضا السنة أنفسهم.. فهل هناك من نكبة أكثر من ذلك؟!

arabstoday

GMT 20:01 2024 السبت ,18 أيار / مايو

القمة والأمل الذي لا شِفاءَ منه!

GMT 19:55 2024 السبت ,18 أيار / مايو

تقدم مصر؟!

GMT 19:30 2024 السبت ,18 أيار / مايو

السودان وذاكرة العالم

GMT 18:17 2024 السبت ,18 أيار / مايو

قارون و«القرننة»

GMT 18:13 2024 السبت ,18 أيار / مايو

صالحوا أولادنا على اللغة العربية؟

GMT 18:05 2024 السبت ,18 أيار / مايو

«لا إكراه في الدين»

GMT 17:47 2024 السبت ,18 أيار / مايو

هل نفد الصبر المصرى من إسرائيل؟

GMT 17:45 2024 السبت ,18 أيار / مايو

VAR دقة أكثر مقابل روح اللعبة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نكبة سنة العراق نكبة سنة العراق



اختيارات النجمات العرب لأجمل التصاميم من نيكولا جبران

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 11:26 2024 السبت ,18 أيار / مايو

استلهمي ألوان واجهة منزلك من مدينة كانّ
 العرب اليوم - استلهمي ألوان واجهة منزلك من مدينة كانّ

GMT 16:34 2024 الجمعة ,17 أيار / مايو

وفاة أحمد نوير مراسل قنوات بين سبورت
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab