بقلم : عمرو الشوبكي
لم يقدم ترامب فقط امتحانًا للعرب والفلسطينيين حول غزة، إنما امتدت أسئلته إلى أوكرانيا وقدم حلولًا مختلفة جذريًّا عما طرحته أمريكا وأوروبا طوال الأعوام الثلاثة الماضية بخصوص الحرب فى أوكرانيا.
فحين وضع ترامب تساؤلاته حول أوكرانيا كانت كلها تدور حول عجز «زيلينسكى» عن تحقيق النصر واتهم إدارته بالفساد، ولأنه يعتبر الموقف الأوروبى ضعيفًا تجاهلهم من الأصل فى اجتماعات الرياض التحضيرية، وبات من الواضح أن الرجل ينوى إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا فى القريب العاجل، بعد أن تأكد له أن أوكرانيا لن تنتصر على روسيا، وأن الحرب تعنى خسارة أموال دون فائدة أو نصر.
والحقيقة أن ترامب أعاد أسئلته بصورة مختلفة فيما يخص غزة، وكسر الصورة التقليدية لتعامل الزعماء الأمريكيين مع القضية الفلسطينية، والذين اعتادوا أن يعطوا دولة الاحتلال الحصانة لترتكب ما تشاء من جرائم دون حساب، أو يكرروا على سبيل إبراء الذمة جملًا من نوع: «حق الشعب الفلسطينى فى بناء دولته المستقلة» دون أن يضغطوا على إسرائيل للقبول بها، لكن أن يكون الحل فى تهجير ما تبقى من شعب سبق أن هُجِّر جانب منه سابقًا فتلك كارثة كبرى.
ومع ذلك سنجد أن ترامب تفاعل مع غزة كما فعل فى أوكرانيا من زاوية معرفته بنقاط الضعف الموجودة فى كل سياق.
ففى غزة كانت هناك مواقف أوروبية «مائعة» ومواقف عربية ضعيفة، فحل الدولتين- الذى طرحه الجميع غربًا وشرقًا وظل هو أساس التسوية السلمية وقرارات الشرعية الدولية- انتهكته إسرائيل منذ اتفاق أوسلو فى 1993 بالاستيطان وحصار الضفة وغزة وإضعاف السلطة الفلسطينية ودعم الانقسام بين فتح وحماس، أما الموقف العربى فقد ظل ضعيفًا ومفككًا وعاجزًا على فرض تسوية سلمية قائمة على قرارات الشرعية الدولية.
ومن هنا، وبعد 30 عامًا على مسار أوسلو، وبعد عجز الأمم المتحدة عن فرض أى تسوية سلمية على إسرائيل، كان الحل لدى حماس فى 7 أكتوبر وعملية طوفان الأقصى، التى كانت نتاج الفشل والتعثر والإحباط، وأخرجت فى مواجهتها مشروع اليمين الإسرائيلى المتطرف ليرتكب كل أنواع الجرائم فى حق الشعب الفلسطينى دون حساب ومعه مشروع ترامب.
أسئلة ترامب مستمدة أساسًا من ضعف الآخرين وميوعة مواقفهم، وهى أشبه بأسئلة نهاية العام التى بُنيت على «أعمال السنة»، وشملت ضعف البدائل الأوروبية ووهن الأداء العربى وعجز مؤسسات الشرعية الدولية عن فرض احترام قواعد القانون الدولى، وعدم قدرة تحركات الملايين فى مختلف دول العالم ومعها دولة مثل جنوب إفريقيا على وقف جرائم الإبادة الجماعية الإسرائيلية، وفى النهاية انكسار قدرات فصائل المقاومة المسلحة فى غزة ولبنان، كل ذلك جعل ترامب يقول مادمتم فشلتم فإن الحل فى البزنس وتحويل غزة إلى «ريفييرا»، ودَعوا المطور العقارى يحل، بعد فشل السياسيين، معتدلين ومقاومين.