رفسنجانى ملتقى التناقضات

رفسنجانى ملتقى التناقضات

رفسنجانى ملتقى التناقضات

 العرب اليوم -

رفسنجانى ملتقى التناقضات

بقلم : عمرو الشوبكي

رحل على أكبر هاشمى رفسنجانى ، أحد أبرز رموز النظام الإيرانى، عن عمر ناهز الـ82 عاما، إثر أزمة قلبية حادة، وودعت إيران واحداً من أبرز السياسيين فى المنطقة، ونموذجاً غير متكرر كثيراً فى عالم السياسة فى بلد عرف ثورة كبرى ونظاماً سياسياً مليئاً بالثغرات والعيوب، ولكنه ظل أكثر قدرة على التجديد من داخله مقارنة بتجارب عربية كثيرة، من خلال مشاريع سياسية تتنافس فيما بينها ولو على أرضية النظام.

ويعتبر رفسنجانى واحداً من أبرز المقربين للمرشد الحالى على خامنئى، وأحد طلاب مؤسس الجمهورية الإيرانية، الإمام روح الله الخمينى، وعقب انتصار الثورة فى إيران أصبح أكثر السياسيين نفوذًا بعد قائد الجمهورية «الولى الفقيه». ورفسنجانى هو الشخصية التى تولّت جميع المناصب القيادية فى النظام الإيرانى منذ الثورة فى 1979، بدءاً برئاسة الجمهورية والبرلمان، مروراً برئاسة مجلس تشخيص مصلحة النظام، وانتهاء برئاسة مجلس الخبراء، ولم يكن ينقصه سوى قيادة الجمهورية فعليًّا بعدما ظلّ لعقود يقودها من وراء الستار.

ويُعدّ رفسنجانى أحد مؤسِّسى مجمع رجال الدين المناضلين فى 1978، الذى تَحوَّل بعد انتصار الثورة إلى أكثر التشكيلات السياسية لرجال الدين المحافظين تأثيرًا، وظلّ عضوًا فيه حتى وفاته، ولم يمنع هذا الوجه المحافظ للرجل من دعم الإصلاحى محمد خاتمى فى انتخابات 1996 الرئاسية، وأصبح منذ ذلك الوقت مؤسسة فى ذاتها يلتقى عندها ما يعرف بالمعتدلين من داخل ثنائية الاستقطاب فى إيران: أى الإصلاحيون والمحافظون، فهو لم يكن إصلاحياً تماماً ولا محافظاً بشكل كامل، إنما هو نصف إصلاحى ونصف محافظ، فصار بالفعل ملتقى التناقضات السياسية الإيرانية وشخصية فريدة داخل النخبة الحاكمة فى البلاد.

والمؤكد أن تأثير الرجل على خامنئى قائد الجمهورية الإسلامية فى إيران مثل رافدا إصلاحيا حاول أن يوازن تأثير الاتجاهات المحافظة الأخرى التى هيمنت على كثير من مفاصل الدولة، وخاصة مجلسى الخبراء ومجلس تشخيص مصلحة النظام.

صحيح أن النظام السياسى الإيرانى يأخذ عليه أنه نظام تعددى مقيد وليس نظاما ديمقراطياً، أى أن التعددية الموجودة داخله، والتى أحيانا ما تكون قاسية وغير شفافة، هى بين قوى تعمل فى إطار نظام الولى الفقيه، أى رجل الدين أو المرشد الذى يحكم فعليا البلاد، وفوق كل المؤسسات المنتخبة (رئاسة الجمهورية والبرلمان)، وهو الآن المرشد على خامنئى، وأن ثنائية المحافظين والإصلاحيين ما هى إلا تنافس شكلى بين قوى من داخل النظام، وأن وصول أحدهما لا يعنى بأى حال تغييرا جذريا فى النظام.

والمؤكد أن هذا المفهوم صحيح، ولكنه ينسى أو يتناسى أن تداول السلطة فى أى نظام سياسى ولو بين أجنحة النظام هو أمر أفضل بكثير من حالة الركود والجمود التام التى نجدها فى كثير من الأقطار العربية، وأن هذا الوضع جعل النظام الإيرانى أكثر كفاءة فى إدارة شؤونه الداخلية والخارجية من نظم عربية كثيرة، لأنه عرف تداولاً للسلطة ولو من داخل أجنحتها، وفق قواعد قانونية واضحة (ولو غير ديمقراطية)، وهو أمر يفتح الباب لتغيير تلك القواعد فى المستقبل المنظور وانتقالها من نظام تعددى مقيد إلى نظام ديمقراطى يلعب فيه المرشد العام دوراً روحياً بالأساس (على طريقة النظم الملكية الدستورية، ولكن وفق السياق التاريخى والثقافى الشيعى) وسياسياً رمزياً.

قوة الراحل رفسنجانى أنه لم يمس ثوابت النظام الإيرانى ولم يتحدث عن تغييره، ولكن وجوده كان يفتح الطريق أمام تحول آمن لإيران من نظام المرشد الحاكم إلى المرشد الرمز.

المصدر: صحيفة المصري اليوم

arabstoday

GMT 04:06 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

صاحب الزاوية

GMT 04:04 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

الدخيل وشفافية الذكاء الاصطناعي

GMT 04:01 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

«ديب سيك» كلحظة جيوسياسية

GMT 04:00 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

حرب ترمب الاقتصادية

GMT 03:58 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

«رؤية 2030»... أنموذج فريد

GMT 03:57 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

الرياض تحتضن دمشق

GMT 03:55 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

مواجهة التهجير

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رفسنجانى ملتقى التناقضات رفسنجانى ملتقى التناقضات



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 05:31 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

نتنياهو يسعى لتعطيل المرحلة الثانية من اتفاق غزة
 العرب اليوم - نتنياهو يسعى لتعطيل المرحلة الثانية من اتفاق غزة

GMT 12:15 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

زلزال بقوة 4.1 درجة يضرب جنوب شرق تايوان

GMT 03:37 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

6 قتلى في حادث طيران جديد شرقي أميركا

GMT 12:00 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

مقتل 18 جندياً في باكستان على يد مسلحين
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab