قانون السلطة القضائية الأسوأ

قانون السلطة القضائية الأسوأ

قانون السلطة القضائية الأسوأ

 العرب اليوم -

قانون السلطة القضائية الأسوأ

بقلم : عمرو الشوبكي

هو واحد من أسوأ القوانين التى صدرت فى حق السلطة القضائية منذ عهودنا الملكية والجمهورية، وهو قانون ترك كل ما يخص إصلاح منظومة العدالة والقضاء فى مصر، ليمسك فى نقطة واحدة، هى أن يعين رئيس الجمهورية رؤساء الهيئات القضائية، بما يعنى فتح الباب لأول مرة لهيمنة وتدخل مباشر للسلطة التنفيذية، تحكمهما الأهواء وتقارير الأجهزة الأمنية والولاءات، عوضا عن الأقدمية، التى كانت تمثل ضمانة- ولو نظريا- لاستقلال القضاء.

صحيح أن معيار الأقدمية لا يعنى بالضرورة الكفاءة، ولكنه يمثل حماية لعدم تغول السلطة التنفيذية على القضائية، بإعطائها الحق فى أن تختار رؤساء الهيئات القضائية، وأن المطلوب البحث فى معايير أخرى، بجانب الأقدمية، لاختيار رؤساء الهيئات القضائية، لا علاقة لها باختيارات السلطة التنفيذية.

ويبدو أن البرلمان نسى- وهو يقدم هذا القانون هدية للسلطة التنفيذية- أن العدالة معنى وقيمة قبل أن تكون إجراءات، وهى رسالة سامية يجب ألا تميز بين الناس على ضوء مواقفهم السياسية أو مراكزهم الوظيفية والاجتماعية، إنما هى تطبق- مغمضة العينين- القانون، فعلى خلاف السلطة التنفيذية التى لها تحيزات، فإن القاضى الوطنى هو الذى يطبق القانون ولا يصنف الناس ولا يستخدم تعبيرات سياسية يستخدمها بعض الإعلاميين، إنما هو رمانة الميزان فى أى مجتمع، وهو صاحب الرسالة الأسمى، التى تجعل المواطنين مطمئنين على حقوقهم وواجباتهم، ولتحقيق ذلك لابد أن تكون السلطة التنفيذية بعيدة تماما عن اختيار رؤساء الهيئات القضائية.

مدهش وصادم أن تُترك كل المشاكل التى تواجه منظومة العدالة فى مصر، ويتمسك البرلمان ورئيسه بجانب واحد فقط، هو بسط سطوة السلطة التنفيذية على القضائية، بما يعنى المساهمة فى إضعاف استقلال السلطة القضائية بدلا من دعمها، فى موقف مستحيل تصوره فى أى برلمان فى العالم، وهو أن يكون دوره هو إضعاف استقلال القضاء وليس العكس.

معضلة القانون تكمن فى أنه من ناحية تجاهل أى حوار مع رجال القضاء وفقهاء القانون الدستورى للإجابة عن سؤال رئيسى: كيف يمكن تطوير وإصلاح منظومة العدالة فى مصر، والتى تضم قضاة ومحامين وقبلهما مواطنين لديهم معاناة طويلة فى أروقة المحاكم مع عدم تنفيذ الأحكام؟

هذا ما كان يجب أن يقوم به البرلمان، وهذا ما كان يجب أن تقوم به السلطة التنفيذية، أن تبدأ بسؤال: هل هناك حاجة لإصلاح منظومة العدالة فى مصر؟ والإجابة الفورية ستكون: نعم، وهنا سيتم البحث فى طبيعة المشاكل وكيفية تجاوزها، وهى كلها أمور لا علاقة لها بتعيين رئيس الجمهورية رؤساء الهيئات القضائية.

مشاكل منظومة العدالة كثيرة ومتعددة، وهى شائكة ومعقدة، فمثلا هناك مَن طالب بأن يضم مجلس القضاء الأعلى فى عضويته اثنين فقط من الشباب، أحدهما يمثل النيابة العامة، والثانى يمثل شباب القضاة، بحيث لا يقتصر الأمر على شيوخ القضاة فقط؟ هل ناقش أحد هذا الأمر وبحثه؟ بالتأكيد لا، لأنه يستهدف الصالح العام لا هيمنة سلطة على أخرى.

إن القانون الذى أصدره البرلمان لقتل العمل الأهلى المحلى تحت حجة مواجهة التمويل الأجنبى، نجد أن القيود التى وضعها استهدفت فى الأساس آلاف الجمعيات الأهلية ذات التمويل المحلى، ولذا لم يصدق عليه رئيس الجمهورية حتى الآن.

ونفس الأمر تكرر مع الإعلام، فهناك مَن قدَّر ما أُنفق على قناة DMC بأنه حوالى 2 مليار جنيه مصرى، فى حين أنه كان يمكن أن ينفق نصف هذا المبلغ من أجل إصلاح وإعادة هيكلة ماسبيرو والإعلام الحكومى، حتى يصبح «إعلام الدولة» أو إعلام «الخدمة العامة» وليس النظام أو الحكومة، وهو ما لم يحدث، إنما تم استسهال فكرة القناة الجديدة بدلا من الإصلاح الجراحى المطلوب، ونفس الأمر تكرر مع الأزهر عقب الخلاف الذى حدث بين الرئاسة وهيئة كبار العلماء على موضوع الطلاق الشفهى، فالهجوم الذى تعرض له الأزهر لم يكن بسبب جوانب سلبية كثيرة موجودة فى أدائه، إنما نتيجة موقف مستقل اتخذه بعيدا عن السلطة التنفيذية.

قانون السلطة القضائية الذى أصدره مؤخرا البرلمان هو جزء من حالة متكررة تشهدها مصر، فالقوانين تصدر ليس بغرض الصالح العام ولا من أجل الإصلاح ولا تطوير وتحديث الأداء، إنما من أجل بسط نفوذ السلطة التنفيذية وأجهزتها على كل المؤسسات المدنية الأخرى.

قانون السلطة القضائية هو واحد من أسوأ القوانين التى أصدرها البرلمان مؤخرا، وهو يتعمد إدخال البلاد فى دوامة صراع مجانى مع السلطة القضائية، ولا يهدف إلى إصلاح من أى نوع، إنما تدخل وتغول من قِبَل السلطة التنفيذية فى أعمال باقى السلطات.

حين يصر رئيس البرلمان على السير عكس توقعات أغلب الناس- وتجاهل مشاكلهم، والعمل على خنق كل نقطة ضوء داخل المجتمع، وإهدار الأحكام القضائية، وإهانتها كل يوم، وفى نفس الوقت نجد هذا الحماس فى إصدار قانون يعتدى على استقلال القضاء، ويصر على إسكات أى صوت مختلف، فى حين تُفتح الأبواب والجلسات للشتائم والبذاءة، حتى صار الانحياز فجّا وصارخا وصادما للجميع- فإننا نكون أمام مشكلة كبيرة تستلزم تدخلا جراحيا من كل عقلاء هذا البلد قبل فوات الأوان.

المصدر : صحيفة المصري اليوم

arabstoday

GMT 00:14 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حوارات لبنانية

GMT 06:52 2024 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

صفحة جديدة

GMT 10:17 2024 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

خطاب ترامب

GMT 05:30 2024 الأحد ,18 آب / أغسطس

الهدنة المرتقبة

GMT 05:40 2024 الأحد ,28 تموز / يوليو

الإسقاط على «يوليو»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قانون السلطة القضائية الأسوأ قانون السلطة القضائية الأسوأ



ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 17:23 2024 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار عملية ومختلفة لتزيين الشرفة المنزلية الصغيرة
 العرب اليوم - أفكار عملية ومختلفة لتزيين الشرفة المنزلية الصغيرة

GMT 02:21 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

الجيش الإسرائيلي يكشف تفاصيل مقتل 4 جنود في مخيم جباليا
 العرب اليوم - الجيش الإسرائيلي يكشف تفاصيل مقتل 4 جنود في مخيم جباليا

GMT 17:07 2024 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

حلا شيحة تكشف عن سبب ابتعادها عن الأعمال الرمضانية
 العرب اليوم - حلا شيحة تكشف عن سبب ابتعادها عن الأعمال الرمضانية

GMT 15:27 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

كيف ستتمخض الأحداث في إيران؟

GMT 12:30 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

فولكسفاغن تعتزم إغلاق ثلاثة مصانع على الأقل في ألمانيا

GMT 16:30 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

بايدن يدلي بصوته في التصويت المبكر في الانتخابات الرئاسية

GMT 06:13 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري تتحدث عن مشوارها الفني وأبرز الموقف التي واجهتها

GMT 12:11 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

"حزب الله" يعلن استهداف شركة صناعات عسكرية إسرائيلية في عكا

GMT 05:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية

GMT 08:30 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

الأهلي المصري يعلن موعد رحيل علي معلول

GMT 15:52 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

نيللي كريم تتحدث عن تأثير أعمالها الدرامية على المجتمع

GMT 06:33 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إكس" توقف حساب المرشد الإيراني خامنئي بعد منشور بالعبرية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab