حتى الثقافة تتغير

حتى الثقافة تتغير

حتى الثقافة تتغير

 العرب اليوم -

حتى الثقافة تتغير

بقلم - عمرو الشوبكي

بعضنا يستسهل الأحكام القيمية على الشعوب والمجتمعات، فيقول هذا شعب كسول وهذا شعب خانع وهذا شعب تنفع معه الديمقراطية وهذا لا، وغيرها من الأحكام والتعميمات، التي ثبت بالدليل العلمى والعملى أنها غير دقيقة، وأن ثقافة الشعوب وقيمها وعاداتها تتغير تبعًا للظروف الاجتماعية والسياسية المحيطة.

والحقيقة أن هذا الكلام أصبح تقريبًا ضد العلم، وضد كل النظريات الحديثة التي فصلت بين كتابات القرون الوسطى، التي كرست أحكامًا قيمية وثقافية على الشعوب، وخاصة كتابات المستشرقين، الذين وصفهم إدوارد سعيد، في كتابه «الاستشراق»، بأنهم قاموا «بشرقنة الشرق»، أي نعته بصفات خاصة به منفصلة عن المسار الإنسانى.

والمؤكد أنه منذ القرن الماضى أصبح نادرًا أن يتحدث أحد عن عيوب أصيلة في شعب، إنما عن واقع مجتمعى تشكله الظروف السياسية والاجتماعية المحيطة، وأن النظر إلى الهوية الحضارية لبلد ولثقافة شعبه ليس من أجل تنميطها، إنما من أجل تفسير تطورها وتحليل مساراتها عبر تحليل دور أدوات النظم المختلفة سواء كانت تعليمية أو ثقافية أو اقتصادية أو إعلامية، وهنا سنجد اهتمام الكثيرين العلمى والسياسى بكيفية تأهيل بلاد أوروبا الشرقية للتحول الديمقراطى وبناء مجتمع منسجم مع المنظومة السياسية الجديدة، وكيف تم تغيير الثقافة السياسية الألمانية التي أنتجت النازية عبر أدوات فعل اجتماعى وسياسى وإعلامى لتصبح جزءًا أصيلًا من النسق الديمقراطى الغربى.

لم يعد هناك تقريبًا مَن يقول إن سلوكيات الشعوب وقيمهم وعاداتهم ترجع إلى عيوب «جينات» أو نتيجة إرث ثقافى ساكن لا يتأثر بالسياق السياسى المحيط، ولم يعد هناك مَن ينظر إلى الشعوب على أنها مصدر التعاسة والشقاء، إنما إلى منظومة الحكم والإدارة وأدواتها المختلفة سياسيًّا واجتماعيًّا وثقافيًّا القادرة على بناء شعب متقدم يحترم القانون والعلم وآخر نامٍ غارق في الجهل والأمية.

فلا يزال كثيرون منّا في العالم العربى يتحدثون عن كيف كانت ثقافة الناس وعاداتهم وتقاليدهم في أربعينيات وخمسينيات وستينيات القرن الماضى، وكيف تغيرت وتحولت في العصر الحالى، وأن ملابس النساء في بلد مثل مصر في ستينيات القرن الماضى مقارنة بما عليه الحال الآن تقول وكأنهن في بلد آخر، ودون أن يعنى ذلك حكمًا قيميًّا بتفضيل زى على آخر، إنما يعنى التحول والتغير في منظومة القيم الحاكمة وفى الهوية السائدة، التي رجحت شكلًا لسيدات الطبقة الوسطى في ستينيات القرن الماضى، وأفرزت آخر (حجاب وغطاء الرأس) منذ ثمانينيات القرن الماضى حتى الآن، وفى كلتا الحالتين كان الشعب واحدًا، وأن الفرق في السياق السياسى والاجتماعى والتعليمى أنه لم يعد هناك حديث يُذكر عن شعب متحضر وآخر متخلف لأسباب ثقافية وحضارية، وأن نظرية العيب في ثقافة الشعوب باتت تقريبًا خارج العلم لأنه ببساطة حتى القيم الثقافية وعادات الناس وسلوكياتهم تتغير عبر الزمن والسياق السياسى.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حتى الثقافة تتغير حتى الثقافة تتغير



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 07:53 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"
 العرب اليوم - ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
 العرب اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة
 العرب اليوم - ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 22:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان

GMT 10:02 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

اثنان فيتو ضد العرب!

GMT 11:05 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد صلاح يعبر عن استيائه من إدارة ليفربول ويقترب من الرحيل

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab