المعارك الخاسرة

المعارك الخاسرة

المعارك الخاسرة

 العرب اليوم -

المعارك الخاسرة

بقلم : عمرو الشوبكي

معركة السلطة السياسية مع منظمات المجتمع المدنى ستخسرها السلطة وستضرها أكثر مما ستفيدها، لأنها أولاً معركة خلطت فيها بشكل فج بين القانونى والسياسى، وضمت ثانياً منظمات تعمل في مجال التنمية ولا علاقة لها بالسياسة مع أخرى حقوقية تعمل ولو بشكل غير مباشر في السياسة تحت تهمة وحيدة هي التمويل الأجنبى.

والسؤال: لماذا ستخسر الحكومة المصرية هذه المعركة وستضطر للتراجع عما تقوم به؟ الحقيقة أن هناك عدة أسباب وراء الخسارة القادمة، فهناك الموقف الدولى الضاغط في معركة وضعت 173 جمعية ومنظمة مدنية رهن التحقيق، وفى سلة واحدة، في حين أنه كان يجب على الدولة أن تجيب عن السؤال: هل معركتها مع هذه الجمعيات سياسية أم قانونية؟ أو بالأحرى هل يتعلق بخطابها وتوجه بعضها الحقوقى، وموقف قلة منها لم تُضبط مرة ولو سهوا تدين الإرهاب أو تنعى شهداء الجيش والشرطة في سيناء وغيرها، وبالتالى فإن الأمر يحتاج لمواجهة سياسية وليست أمنية، أم أن هذا الهجوم هو نتيجة مخالفات مالية وإدارية قامت بها بعض هذه المنظمات ويصبح الأمر في حاجة إلى سلطة رقابة مثل الجهاز المركزى للمحاسبات وليس سلطة تحقيق؟

مدهش أن معظم هذه المنظمات تعمل في مجال التنمية ولها إنجازات كبيرة على الأرض في مواجهة البطالة والفقر والأمية، مثل الهيئة القبطية الإنجيلية وغيرها الكثير، كما أن خطاب كثير منها لا يعارض النظام الحالى، ودور بعضها في الدفاع عن قضايا المرأة والمواطنة مؤكد، فهل يمكن أن تواجه الدولة كل منظمات المجتمع المدنى بتهمة التمويل الأجنبى الذي سمحت به على مدار عقود واكتشفت فجأة أنه عيب وحرام؟

يقيناً، هذه المنظمات ليس على رأسها ريشة لأنها مدعومة من الخارج ومن قوى دولية، وبالتالى يحتاج الأمر إلى تقارير الأجهزة الرقابية حول أموالها، وإذا كانت الحكومة شفافة وتؤسس لموقف مبدئى (أيا كانت صحته) فيمكنها أن تصدر قانونا جديدا يلغى التمويل الأجنبى لمنظمات المجتمع المدنى وعندها سيكون من حقها أن تحاسب هذه المنظمات وفق هذا القانون، أو تلتزم بالقانون الحالى وتطبقه دون استهداف سياسى يميز بين من معنا ومن ضدنا، وتراقب هذه المنظمات مالياً في مواجهة أي انحراف أو فساد مثلما تفعل مع أي مؤسسة حكومية أو خاصة.

لا يواجه الحكم أي مخالف في الرأى، سواء كان تيارا سياسيا أو منظمة حقوقية، برأى سياسى آخر إنما بهجمة أمنية، كما أن الدولة كما هي العادة لم تقترب من مؤسسات تلقت ملايين الدولارات من الخارج دون أي رقابة، ومارست تخريبا حقيقيا داخل المجتمع ولكنها لم تُمس لأنها تنافق السلطة القائمة وتخوّن من يعارض أو ينتقد من أجل الإصلاح، في حين لاحقت آخرين لأنهم معارضون وليس لأنهم مخالفون لقانون وضعته الدولة وتطبقه على الجميع.

والمؤكد أن هذه انتقائية ستجعل معركة الدولة مع منظمات المجتمع المدنى خاسرة منذ البداية لأنها لن تجد من يصدقها في الداخل حتى من بين المختلفين مع توجهات بعض هذه المنظمات، أو في الخارج الذي صار لا يثق فيما نقوله وندعيه.

النجاح حين تدخل معركة أن تكون مسلحا بكل أدوات الفوز والانتصار، أما أن تدخل معركة وأنت تجمع حولك كل أدوات الخسارة فهذه موهبة استثنائية لا حسد عليها.

arabstoday

GMT 00:14 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حوارات لبنانية

GMT 06:52 2024 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

صفحة جديدة

GMT 10:17 2024 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

خطاب ترامب

GMT 05:30 2024 الأحد ,18 آب / أغسطس

الهدنة المرتقبة

GMT 05:40 2024 الأحد ,28 تموز / يوليو

الإسقاط على «يوليو»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المعارك الخاسرة المعارك الخاسرة



ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:17 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية في غرب إفريقيا تجمع بين جمال الطبيعة والثقافة
 العرب اليوم - وجهات سياحية في غرب إفريقيا تجمع بين جمال الطبيعة  والثقافة

GMT 09:12 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

خامنئي يحذر من التهويل بشأن الهجمات الإسرائيلية على إيران
 العرب اليوم - خامنئي يحذر من التهويل بشأن الهجمات الإسرائيلية على إيران

GMT 15:14 2024 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

جهاز مبتكر ورخيص يكشف السرطان خلال ساعة

GMT 12:48 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

حسين فهمي يعلن للمرة الأولى سراً عن أحد أعماله

GMT 01:06 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

كأنّك تعيش أبداً... كأنّك تموت غداً

GMT 22:47 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله يصدر تحذيرا لإخلاء مستوطنات إسرائيلية "فورا"

GMT 14:24 2024 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

مجموعة العمل المالي 'فاتف' تدرج لبنان في قائمتها الرمادية

GMT 09:26 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

رونالدو يبحث عن مشجع ذرف الدموع وهتف باسمه في دبي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab