عبدالمعطى المسيرى و«قهوته»

عبدالمعطى المسيرى و«قهوته»

عبدالمعطى المسيرى و«قهوته»

 العرب اليوم -

عبدالمعطى المسيرى و«قهوته»

عمار علي حسن

أرسل لى الأستاذ «كامل رحومة» رسالة تقطر ألماً من عدم إلمام بعض المسئولين عن الثقافة فى بلادنا ببعض المبدعين والمفكرين والمثقفين والحركيين فى مجال الثقافة الذين يستحقون منا أن نهتم بهم دوماً، ونحتفى بمسيرتهم ومسارهم وإبداعهم، وها هى الرسالة نصاً:
استدعانى المبدع أ.محمد ظريف مدير أوبرا دمنهور، بصفتى رئيس مجلس إدارة جمعية محبى عبدالوهاب المسيرى لرعاية الفنون والآداب؛ للتشاور فى طرح أسماء من أعلام محافظة البحيرة مؤهلة للتكريم، فتساءلت عن عدم إدراج اسم الأديب الكبير «عبدالمعطى المسيرى» صاحب مقهى المسيرى الشهير بدمنهور، ففوجئت بتعليق أحد أعضاء مجلس الإدارة: «مين عبدالمعطى المسيرى ده.. وما قيمة قهوجى حتى يشمله مثل هذا التكريم؟!».. فعزمت على بعث هذه الرسالة لشخصكم الكريم؛ اعتراضاً على ما قيل، وتوضيحاً لمن أراد أن يفهم من غير استكبار منه أو جحود؛ لذا أستميحكم تفضلاً منكم أن تأذن بنشر رسالتى والتى نصها:
«لعبت بعض المقاهى فى مصر دوراً هاماً فى الحياة الثقافية والسياسية فى النصف الأول من القرن الماضى. ومن أهم هذه المقاهى، التى كانت بمثابة جامعة أهلية للمعرفة وكذا الثقافة، مقهى المسيرى الشهير بمدينة دمنهور لصاحبه أ.عبدالمعطى المسيرى، الذى تربطه صلة قرابة بالدكتور عبدالوهاب المسيرى، لكون الأجداد أولاد عم.
وهو: الأديب الكبير، والمناضل الوطنى، والقهوجى مكتشف المواهب، والدمنهورى الفقير ابن العائلة الأرستقراطية الثرية، وأخطر أدباء القرن العشرين لفرط آثاره الثقافية على العالم العربى أجمع، والأمى تلميذ الكبار وأستاذ الكبار، والذى تتلمذ على يد توفيق الحكيم وأحمد محرم، وصاحب الجامعة الأهلية العظمى، والذى تخرج على يديه منها عظماء رجال الفكر والأدب، ومنهم من تصدروا المشهد الثقافى فى القرن الماضى، وما زالت آثارهم ممتدة عبر القرن الحالى، مثل: «محمد عبدالحليم عبدالله ومحمد صدقى وأمين يوسف غراب وخيرى شلبى ومحسن الخياط ورجب البنا وفتحى سعيد وعبدالقادر حميدة وحامدالأطمس وإسماعيل الحبروك وعلى شلش وصبرى العسكرى»، وغيرهم كثير.
قال عنه أ.رجب البنا: «هو ينتمى إلى طائفة سقراط، فأعظم ما تركه ليس كتبه، ولكن عظمته فى أنه صاحب مدرسة فى دمنهور، فمقهاه كان حقيقة مدرسة وتلاميذه اليوم فى كل مجلة وصحيفة وفى الإذاعة والتليفزيون».
ولقد قام بالتقديم لكتبه كبار الأدباء مثل: «طه حسين ومحمود تيمور». وممن أثنى على أسلوبه الأدبى صديقه عميد الأدب العربى د.طه حسين، على صفحات الصحف، وحين كتب له مقدمة كتابه «فى القهوة والأدب» قال فيه: «أحسست إعجاباً عظيما بهذا الرجل الذى ثقف نفسه، لم يختلف إلى مدرسة ولم يجلس إلى أستاذ، وإنما تعلّم القراءة والكتابة فى السوق، وأخذ يقرأ ما يذاع فى العامة، ثم قرأ لأكثر الكتاب المصريين، ثم ما نقل إلى العربية من آثار الغربيين، وهو الآن على كثرة ثقل أعباء الحياة عليه لا يستطيع أن يستقبل النهار والليل إلا قارئاً كاتباً وناقداً مفكراً. كل هذا خليق بالإعجاب وخليق بأن يحملنى على أن أهنئ هذا الكاتب الأديب تهنئة صادقة بهذا الجهد الخصب المتصل وبهذا التوفيق العظيم الذى أتيح له».
وهو نفس الكتاب الذى قال فيه المفكر اليسارى محمود أمين العالم: «صاحب المقهى الأديب عبدالمعطى المسيرى استطاع بكتابه «فى القهوة والأدب» الصادر سنة 1936م أن ينتزع من رأسى فلسفة أفلاطون ومثالياته». وكذا قد أثنى عليه المستشرق الروسى الكبير إغناطيوس كرانشوفسكى. ومما يذكر عنه أنه حينما راسل الزعيم جمال عبدالناصر طالباً منه تدعيم دور الأقاليم فى الحركة الثقافية ضد الإقطاع الثقافى المسيطر فى القاهرة، بعث عبدالناصر عضو مجلس قيادة الثورة ورئيس تحرير جريدة «الجمهورية» -آنذاك- أنور السادات إلى المقهى، وقام بتدشين نادى الأدب بدمنهور، وقد كان من زوار مقهاه الدائمين أكبر رموز الفكر والأدب والفن مثل: «يحيى حقى ومحمود تيمور وتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ وزكى مبارك ومصطفى صادق الرافعى ومحمدحسن الشجاعى وزكريا الحجاوى وعبدالمعطى حجازى وصلاح عبدالصبور وعلى الراعى وأنور عبدالملك وعباس العقاد وعبدالقادر المازنى». كما زاره كل من: «أ.هدى شعراوى، وأ.محمودالبدوى، والرئيس السادات، وأ.يوسف السباعى، ود.لويس عوض، ود.محمد مندور»، وغيرهم الكثير. ومن ضمن ما كتب قصة قصيرة عن علاقته بالأديب الكبير توفيق الحكيم بعنوان: «أهل الكهف»، نشرت فى مجموعته القصصية الأشهر «مشوار طويل»، ومن المعروف لرواد المقهى إلى الآن أن توفيق الحكيم قد كتب أكثر من رواية فى ركن معروف من أركانه، مثل رواية «أهل الكهف» و«يوميات نائب فى الأرياف»، ولما ذاع صيته تعاقدت معه «إذاعة لندن» لتسجيل قصصه القصيرة، مقابل 5 جنيهات عن القصة الواحدة، وبالفعل كان وقت إذاعتها فى المساء تجلس الجموع الغفيرة فى المقهى تلتف حول المذياع لسماعها. وقد كان مفجراً لكثير من التظاهرات السياسية التى تخرج من المقهى، ومنها تظاهرة سنة 1948م، التى ضمت أدباء وساسة ورجال دين شيوخاً وقساوسة؛ إذ كانت تربطه صداقات عميقة مع رجال الأزهر والكنيسة. وقد توفى فى يوم مشهود غفل الناس عنه؛ لانشغالهم بتشييع فقيدهم الزعيم جمال عبدالناصر. إنه الذى قال عنه الأديب الكبير يحيى حقى: «ذلك المثقف أو الأديب الذى يفكر فى زيارة مدينة التاريخ القديم والتجار الشطار لكى يتعرف إلى صور الحياة وعادات الناس هناك لا بد من أن يجلس على رصيف مقهى المسيرى الذى يمثل ظاهرة مهمة عند أبناء المدينة المثقفين والأدباء والزجالين».
انتهت الرسالة وعليها أدعو المسئولين عن الثقافة بالبحيرة إلى تخصيص احتفالية عن عبدالمعطى المسيرى حتى تعرف الأجيال الجديدة عنه شيئاً.

 

arabstoday

GMT 07:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 07:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 06:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 06:56 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 06:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 06:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 06:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عبدالمعطى المسيرى و«قهوته» عبدالمعطى المسيرى و«قهوته»



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab