الأمل استثمار المستقبل

الأمل استثمار المستقبل

الأمل استثمار المستقبل

 العرب اليوم -

الأمل استثمار المستقبل

بقلم- بكر عويضة

في رسالة «الكريسماس» السنوية للملكة إليزابيث الثانية، بعد ظهر السبت الماضي، كان لافتاً للنظر تركيز الاهتمام على أهمية الأمل في صنع المستقبل، كما بدا واضحاً بين فقرات الرسالة. امتزج ذلك التركيز مع نَفَسٍ اتسم بحزن متميز أيضاً سطع بين الكلمات عند أول إشارة تذكر رحيل الأمير فيليب قبل بضعة أشهر (9 - 4 - 2021). لكن زوج الملكة الغائب، لأول مرة، عن احتفال أسرته بأعياد هذا العام، كان الحاضر الأبرز بين أسطر الخطاب من خلال ما كان يعنيه الأمل عنده. «لهذا السبب» - تقول الملكة - «أنشأ جائزة دوق أدنبره، التي توفر للجيل الشاب، في دول الكومنولث، وفي العالم ككل، فرصة الاكتشاف والمغامرة، والتي لم تزل تحقق كل مدهش من النجاحات، على أرضية إيمانه العميق بالمستقبل». أليس مُدهشاً، بالفعل، أن تسمو الملكة إليزابيث الثانية فوق حزنها الخاص، كي تشع مفردات نص رسالتها الموجهة إلى رعاياها داخل المملكة المتحدة، وخارجها، بريقَ أملٍ في المستقبل، رغم إقرارها المنطقي أن «كل حياة بدأت بلقاء، سوف تنتهي ذات يوم بفراق»؟ بلى.

بيد أن تصرف الملكة إليزابيث الثانية هو المُتوَقع من كل قيادة تعمل بحكمة، وتتولى تصريف الأمور بمنطق يوظف العقل، وليس بخطاب غوغائي متشبع بنشوة الذات إذ تدغدغ عواطف الناس، فتنتشي قبل غيرها، ظناً منها أن كل سامع يشاركها ما يساورها من أوهام. أول ما سوف يتطلبه تحكيم العقلانية، بغرض ضمان بلوغ غد أفضل، في كل مجتمعات الأرض، وبصرف النظر عن تباين ثقافات الأمم، هو أن ينظر الممسك بزمام وضع الخطط، واتخاذ القرار، إلى أبعد من محيط الأنف، فيتطلع نحو المسافات الأبعد، زمناً، من شروق فجر يوم، وغروب شمس نهار. إذا أمكن له، ولها، مثل ذلك الإبداع في التحليق، بأجنحة تخطيط علمي دقيق، حينئذ، فقط، ينبغي أن تحط الرؤى على ضفاف غد أفضل، وشطآن مستقبل، ليس ممكناً الوصول إليهما بلا استثمار للأمل قائم على أسس العلم، وليس مجرد الأماني والخيال.
حقاً، ما أفلح قوم ظلوا أسرى ماضيهم بعدما تولى منذ زمن سحيق، وباعدت بينه وبينهم ليس مجرد المسافات الزمنية فحسب، بل نشوء هوة في المفاهيم تباعد بين الأجيال. ذلك واضح ومفهوم، إذ أنّى للأنفس أن تتنفس مُنعشَ الهواء كل صبح، إن هي بقيت ترضى العيش تحت سقوف ليل يبدو لها كأنه سرمدي بلا زوال؟ غير ممكن. مستحيل. تُرى، هل من حلول، إذنْ؟ نعم، بل إن الحل أقرب مما يتخيل كثيرون مقصدهم الأساس هو تعقيد أبسط الأمور، بوضع أصعب الشروط أمام أيسر المسائل. الواقع أن تفكيك عُقد أي مجتمع، ليس يحتاج «عبقرية» من خارج العصر، أو «فلتة» من «فلتات الزمان»، كما يقول عوام الناس، أهم ما في الأمر، أو قل إن حجر أساس البدء في إنشاء بنيان أي تغيير، هو التوافق على أن التجديد مطلوب، ثم إنه يتطلب إعادة نظر في المنهاج، حتى في حال اختلاف مضامين المطروح من مناهج التغيير. حين يتفق جمع أناس يوصفون بأنهم مفكرون، أو أنهم حُكماء أقوامهم، على مبدأ «دعنا نتفق على أن نختلف»، شرط ألا يصيب اختلافنا المجتمع ككل بأي ضرر، حينئذ سوف يكون ممكناً التوصل إلى «خريطة طريق»، الأرجح أن توصل إلى المتاح من تحقيق التجديد.
ربما التوصل إلى ما سبق صعب، لكنه ليس ضمن نطاق المستحيل. لقد قيل منذ زمن بعيد ما مضمونه «عندما توجد الإرادة يوجد الطريق». صحيح تماماً. ومن الصحيح أيضاً أن معظم البشر حول العالم، يعقدون العزم مع أفول عام وحلول العام الجديد، على بدء تغيير ما في طرائق، أو أساليب حياتهم. بمعنى آخر، المقصود هو الخروج من عام وولوج آخر بمنهاج مختلف، على أمل أن التغيير المأمول سوف يحمل الخير للمستقبل الآتي. كما ترون، الأعوام تمضي، والأيام تنقضي، وما من شيء، شاء أي من الناس أم أبى، يبقى على حاله، التغيير واحد من نواميس الحياة، التي تأبى، بطبيعتها المتغيرة، أياً من أشكال الجمود، كي تبقى منسجمة مع سننها القائمة على الاستمرار في تطور دائم. وهي كذلك، حقاً.  
arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأمل استثمار المستقبل الأمل استثمار المستقبل



أحلام بإطلالات ناعمة وراقية في المملكة العربية السعودية

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 03:23 2025 الأربعاء ,15 كانون الثاني / يناير

أنتوني بلينكن يكشف عن خطة "تشمل قرارات صعبة" لغزة بعد الحرب
 العرب اليوم - أنتوني بلينكن يكشف عن خطة "تشمل قرارات صعبة" لغزة بعد الحرب

GMT 08:21 2025 الأربعاء ,15 كانون الثاني / يناير

محمد هنيدي في ورطة جديدة قبل رمضان
 العرب اليوم - محمد هنيدي في ورطة جديدة قبل رمضان

GMT 10:46 2025 الإثنين ,13 كانون الثاني / يناير

أخطاء شائعة تؤثر على دقة قياس ضغط الدم في المنزل

GMT 04:19 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

بايدن يعلن ولاية كاليفورنيا منطقة منكوبة

GMT 07:10 2025 الإثنين ,13 كانون الثاني / يناير

أحلام بإطلالات ناعمة وراقية في المملكة العربية السعودية

GMT 03:27 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

وكالة الفضاء الأوروبية تخطط لاختبار محركات لصواريخ Ariane 6

GMT 05:20 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

إغلاق تسعة شواطئ في سيدني بعد ظهور حطام غامض على شكل كرات

GMT 03:24 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

مقتل 5 عسكريين اسرائيليين من لواء النخبة بمعركة في غزة

GMT 04:37 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

ثغرة برمجية تسمح باختراق بعض هواتف سامسونغ

GMT 04:31 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

أنباء تفيد باقتراب حرائق الغابات من مقر ميتا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab