اوكسجين الفكر

اوكسجين الفكر

اوكسجين الفكر

 العرب اليوم -

اوكسجين الفكر

بقلم : مظهر محمد صالح

تطلع عالم الفيزياء ماكس بلانك الى اعالي السماء في ليلة خلت من كل شيء الا من النجوم اللامعة التي تناثرت بشكل مغترب وهو يتذكر نظريته في الكم التي تقول فرضيتها، ان عملية اصدار او امتصاص مقدار من الطاقة من قبل الجزيئات او الذرات، لا تتم على نحو متواصل بل على مراحل، ثم توقف ماكس بلانك عن اي حراك ذهني وهو يستمع الى همس السماء قائلا في سره: لا استبعد ان اسمع ذات ليلة الصوت نفسه وهو يأمرني بعمل خارق يذهل له من لا يؤمن بالمعجزات، فقد قال العلم في النجوم كلمته ولكن ما هي في الحقيقة الا افراد عالم آثروا الوحدة فتباعدوا عن بعضهم آلاف السنين الضوئية.

غادر ماكس بلانك حديقة منزله وجلس على كرسيه الهزاز في مكتبه وهو يقول عبارته التي رددها بيأس مرارا :بان النجم العالم يصنع نعشه سوية في يوم تقدمه ليدفن فيه فور تفوق لمعانه الفكري و اشعاعه المعرفي.

لقد اراد ماكس بلانك من اطلاق عبارته الاخيرة ليقول لنا بان موت العقل المهيمن اوالنجم العالِم في حقل معارفه سيحرر الاخرين ممن لديهم وجهات نظر مختلفة لبلوغ افكارهم ونشرها بحرية اوسع قبل ان تطأ اصابع ارجلهم الارض الصلدة التي اسسها نفوذ ذلك النجم قبل ان يدركه الموت .

اهتم الباحثون في معهد ماساسوتش للتكنولوجيا في الولايات المتحدة بمقولة ماكس بلانك يوم قالها وهو على كرسيه الهزاز،ليقدم لنا الدكتور ازويلي ومساعدوه بحثا تحليليا في تفسير تلك المقولة نشر في المجلة الاقتصادية الفصلية الاميركية في العام 2010 معتمدين حقائق ثلاثا هي: البايولوجي واميركا والفترة 1975الى 2003 .

اذ اقام الباحثون فحصاً من خلال انظمة الحاسوب على كمية الابحات التي اجراها علماء البايولوجي حصرياً قبل موت النجم(العالم) وبعد موت النجم(العالم) نفسه، متضمنة كلا النوعين من الناس،اولئك ممن تعاون مع النجم في تنفيذ ابحاثه وممن لم يتعاون مع النجم وانفرد بنفسه في صنع ابحاثه.

فبين اولئك النجوم لوحظ ان 452 من علماء البايولوجي المعروفين قد توفوا بشكل مبكر اي قبل بلوغ سن التقاعد .

وبهذا فان النتائج التي خرج بها الدكتور ازويلي وفريقه قد توصلت : الى ان التعاون في نشر الابحاث التي كانت تتم مع النجم نفسه قد انخفض بنسبة 40 بالمئة سنويا.

وعلى العكس من ذلك ارتفعت البحوث الفردية (غير التعاونية) المنشورة بنسبة 8 بالمئة،. فخلال خمس سنوات من موت النجم العالم ، لوحظ ان الزيادة في الابحاث التي لاتأخذ صفة التعاون، اخذت تعوض نسبة الانخفاض في الابحاث التي كانت تنشر تعاونيا قبل وفاة العالم.
ختاما، توصل الدكتور ازويلي الى حقيقة مفادها بان موت النجم العالم يعطي فسحة لاولئك الباحثين الخارجيين (الغرباء) للتنفس ،وهي ظاهرة اجتماعية غامضة في تطور سلوكيات البحث في العلوم الطبيعية يطلق عليها (اوكسجين الفكر).

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اوكسجين الفكر اوكسجين الفكر



GMT 17:06 2022 الخميس ,03 آذار/ مارس

تأهيل الحكومة الرقمية من أجل التنمية

GMT 10:28 2019 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

ميراث العلماء يعمر الكون ويقهر ظلمات الجهل والخرافة

GMT 13:25 2017 الإثنين ,02 تشرين الأول / أكتوبر

التكنولوجيا الحديثة والمجتمع

GMT 05:47 2017 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

الثروة الحقيقية تكمن في العقول

GMT 13:28 2017 الخميس ,03 آب / أغسطس

قانون للتواصل الاجتماعي

GMT 13:20 2016 الإثنين ,13 حزيران / يونيو

المشاركات على مواقع التواصل الاجتماعي

GMT 14:35 2016 الخميس ,04 شباط / فبراير

اقتراح علمي لمكافحة الإرهاب والصراع

الملكة رانيا تجسد الأناقة الملكية المعاصرة في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 20:02 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

ألبانيا "جزر المالديف الأوروبية" أفضل وجهة سياحية لعام 2025
 العرب اليوم - ألبانيا "جزر المالديف الأوروبية" أفضل وجهة سياحية لعام 2025

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
 العرب اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 07:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:07 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

عن الرئيس ورئاسة الجمهورية!

GMT 04:30 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

قصف متفرق على أنحاء غزة والاحتلال ينسف مباني في جباليا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab