في ظرف 3 أشهر فقط شغل هذا اللاعب الأجواء وأعلن محمود عن نفسه نجما في دربه «ميلا» حيث نشأ وتربى وحيث اشتعلت حرب كادت تقتلع الرؤوس لولا ألطاف الله، ونهاية بما فجره صرخة وقولا خلال آخر أسبوعين.
من يلوم بنحليب على رعونة التصرف والفعل، عليه قبلها التحري في مسببات كل القهر الذي يفيض به هذا اللاعب والنبش في سيرته وكذا ظروف التنشئة وغيرها من المتلازمات الأخرى المحيطة بحياته والتي لا يمكنها إلا أن تفرز لنا ردات فعل تبدو للبعض غير سوية ولا طبيعية لكنها في واقع الأمر ترجمة لما تعايش ويتعايش معه هذا اللاعب من ظروف بئيسة.
لاعب لم يولد وفي فمه ملعقة ذهب، نشأ داخل وسط فقير واعترف اللاعب نفسه في كثير من خرجاته كونه اضطر لمزاولة مهن رخيصة كي يضمن بها رغيف عيش وخبز الأسرة موازاة مع ممارسة كرة منفوخة بالريح المسموم.
تورط اللاعب في احتكاك مجاني مع جماهير الوداد، جعل البعض يحمل بنحليب للمشانق مفتوح العينين دون أن يمكنه من ظروف التخفيف ولا هم طابقوا ردة الفعل مع الفعل أصلا.
فجماهير الغريم لا تجد حرجا في التهكم على اللاعب واستحضار بؤسه والفقر الذي انطلق منه لازمة لانتقاده والسخرية منه وهو ما أثمر الرد الشهير الذي سينتهي بتدخل وزارة الداخلية وأجهزة السلطة وليس الجامعة ولجنة التأديب التابعة لها لفرض عقوبة توقيف وغرامة مالية رمت ما بقي من ملح على جراح اللاعب.
اليوم غاريدو أظهر أنه يفهم العربية وأنه فهم معنى كلمة «الظالم» التي كتبها بنحليب ودونها بعد إقصائه من الديربي، ليقرر إعدام ما بقي من خيوط أمل بوجه هذا اللاعب ويقرر تقبيره ودعوته لعطالة قد تمتد حتى نهاية الموسم.
الرجاويون قبل غيرهم مدركون أن قرار استبعاد بنحليب قبل الديربي لم يكن قرار غاريدو، لأنه من أصدر قراره بتوقيف الراقي واستبعاد قديوي وكروسي في مرحلة تالية هو من أوحى لغاريدو بأن يجهز على بنحليب وإذا ظهر السبب بطل العجب.
غاريدو هو مجرد منفذ لتعليمات رئيسه حسبان الذي لم ينس لبنحليب صرخته المجنونة يوم سرق بها الأضواء والبطولة متوقفة في عز الشان ليخبر عموم متابعي الكرة أنه لا يتنقل للوازيس للتداريب لأنه لا يجد ما يضمن به نقله بل سيزيد من فظاعة وقساوة المشهد ليخبر المغترين بعناوين الاحتراف أنه لا يجد ما يسد به رمق جوعه رفقة أسرته.
ولأن حسبان تعود على تصدير الكذب وتصديق أطروحاته فإن تداول تصريح بنحليب فضائيا وفضائحيا على نطاق واسع كان لا بد له من عقاب ليكون غاريدو الأداء المنفذة للتعليمات بطبيعة الحال.
لا نختلف كثيرا كون بنحليب لما أقصي من مباراة الديربي ما كان عليه أن يقصد عالمه الأزرق ليرد على مدربه ويصفه بالظالم، لكن تدقيقنا في الكمة يقودنا لإجراء معاينة نفسية لحالة بنحليب لنخلص لحقيقة أن اللاعب ومن فرط الظلم والغبن الذي يعيشه يتراءى له الكل في صورة الظلمة.
بنحليب الذي كان يرمق الراقي والزنيتي وغيرهما ممن يحلون بمركز تدريب الفريق يستقلون آخر صيحات السيارات، ويتابع رئيس ناديه وهو يوزع الكذب ذات اليمين وذات الشمال وهو لا يجد ما يسد به رمق جوعه، طبيعي جدا أن ينفجر بالصور التي عايناها و تابعناها و طبيعي أكثر أن يخرج كل الغل الذي يسكنه بهته الطريقة.
فرقنا لا تستعين لغاية الأسف بمسعفين ذهنيين إلا في فترات استثنائية، قبل المواعيد الكبرى والمباريات المهمة، ولو حدث وفرضت الجامعة في دفتر تحملاتها المقبل هذا المكون فمؤكد سنتفادى انبعاث أكثر من بنحليب آخر.