النباشون في القمامة في المغرب أثرياء يجوبون المزابل
آخر تحديث GMT12:45:37
 العرب اليوم -

"النباشون" في القمامة في المغرب أثرياء يجوبون المزابل

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - "النباشون" في القمامة في المغرب أثرياء يجوبون المزابل

الدار البيضاء - سعيد بونوار

يميز المفكر آتون بين الفقير والغني بالقول "الفرق الوحيد بين الفقير وصاحب الملايين، أن الأول يتعب من أجل وجبته التالية، أما الثاني فيتعب بسبب وجبته السابقة"، يبدو الموضوع أكثر غموضا لو أن هذا الفقير هو نفسه الغني، ويبدو بسيطا في الفهم إذا قلنا إن الفقير المغني هو البخيل. هم ليسوا بخلاء، ولا هم فقراء، ولا بأثرياء يجوبون شوارع المدينة على سيارات فارهة، هم أجساد آدمية "مرعبة" لا تظهر إلا في الليل حاملة أكياسا على ظهورهم، هم ليسوا لصوصا ولا أشباحا توزع الخوف، وإنما مواطنون قادتهم ظروف الحياة إلى النبش في النفايات. خيالات بشرية تجوب شوارع المدن بحثا عن أشياء في القمامة، يبدؤون في التجوال مع منتصف الليل، تبدو ملابسهم متسخة، لا يكلمون أحدا، ويتظاهرون بالحمق والعته لزرع الرعب في المحيطين بهم أو نسج رباط تعاطف، ومنهم من يخفون وجوههم حتى لا يتعرف عليهم الأصدقاء أو الجيران أو أفراد من العائلة، فمهنة "النباش" أحقر وظيفة يمكن أن تلتصق بأحد، ومنهم من دفعتهم حقارة المهنة إلى "التخدير". هم شيوخ وشباب وأكثرهم نساء مهنتهم البحث في القمامة عن بقايا متسللة من مواد معدنية أو زجاجية أو أشياء نفيسة، منهم آخرون يجمعون بقايا الخضر والفواكه لإطعام ماشيتهم، ومنهم آخرون يجمعون ما تبقى من خبز، وهم آخرون متخصصون في جمع بقايا "البلاستيك"، يبحثون في القمامة دون استعمال قفازات يسابقون شاحنات جمع القمامة. ولكن من هم؟ كيف يعيشون؟ هل هم فعلا أثرياء المزابل؟ أم هم سواعد فقيرة تجمع القمامة لخدمة صناع إعادة التصنيع؟. ما إن تخلو شوارع العاصمة الاقتصادية الدار البيضاء من المارة، ويخلد السكان في منازلهم بحثا عن الراحة، حتى تتحرك أجساد أخرى تنتمي إلى فئة الباحثين في القمامة، نساء ورجال يبدؤون يومهم قبل منتصف الليل، يتوزعون في الأزقة باحثين في حاويات عن مواد ورقية أو "بلاستيك" أو زجاج أو خبزاً يابساً، وقد تبتسم الأقدار فيعثر بعضهم على حلي أو جواهر أو أموال، ينتمون في أغلبيتهم إلى أسر فقيرة تقطن في الأحياء القصديرية المحيطة بالمدن الكبرى. حتى وقت قريب كانت الأسر المغربية تخوف أبناءها الصغار إذا رفضوا النوم، أو حاولوا التسلل خارج البيت ليلا بـ"بوعو"، أو "الميخالي"، والمقصود طبعا هؤلاء النباشين، الذين ينهون ليلهم بالتوجه جماعات أو فرادى إلى المزبلة الكبرى بطريق "مديونة" بالدار البيضاء لمواصلة النبش في النفايات، ويواصلون العمل حتى ضحى اليوم التالي. غير أن هذا التخويف المقرون باحتقار "النباشين" و"النباشات" بات ملاذا للحكومة مع الأزمة الاقتصادية التي ترخي ستائرها على عدد واسع من الأسر الفقيرة، فالدولة تتجه إلى تقنين المهنة، ومحاصرة مترفيها ممن يجنون أموالا طائلة عبر إعادة تحويل المواد "المنبوشة" وتصنيعها، فالمهنة في نظر الحكومة تنتمي إلى القطاع غير المهيكل، وهي تفقد خزينة الدولة الملايين كعائدات الضرائب التي يفترض أن يؤديها هؤلاء للدولة. بين"النباش" أو (البقشاش) أو (الهباش) كما يسميه المغاربة مسافة احتكار كبيرة، فالنباشون الذين يخاطرون بالبحث وسط القمامة، إذ يشكو أكثرهم من أمراض مختلفة نتيجة العمل وسط الأزبال دون إتباع الإرشادات الصحية والبيئية الضرورية لا يجنون غير دراهم معدودة عن حصيلة ما يلتقطوه من الحاويات وأماكن رمي الأزبال، في ما يجني الوسطاء وأرباب المصانع أموالا كبيرة من إعادة تصنيع المُحصل عليه من الأزبال. يرى عدد من الخبراء المغاربة أن "قطاع جمع وفرز النفايات، يلعب دوراً مهماً في النهوض بالتشغيل وحماية البيئة بل ويعد مصدراً أساسياً للمواد الأولية بالنسبة للصناعات التحويلية". ويجري التفكير حاليا في تجميع النباشين في إطار والعمل على تقنين مهنتهم، وضمان حقوقهم في التأمين الصحي وغيره من حقوق العمال المعمول بها، لتتخلص مهنة "النباشة" من صوره العته إلى الرسمية. ويراهن المغرب على التجربة الإيطالية في هذا المجال، إذ نجحت فكرة تأطير النباشين في إطار تعاونيات، وهي تستقطب أعدادا وافرة من العمال الأجانب في هذا البلد.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النباشون في القمامة في المغرب أثرياء يجوبون المزابل النباشون في القمامة في المغرب أثرياء يجوبون المزابل



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab