عجمان – العرب اليوم
يندر حضور الممرضات أو "ملائكة الرحمة" المواطنات في ردهات المستشفيات والعيادات على مستوى الأمارات، لتتوقف نسبتهن عند 4%، بسبب ضعف المردود المالي وطبيعة العمل المضنية، ونظرة المجتمع "المجحفة" بحق من يتولين العناية بالمرضى، فهناك ألفاً و433 وظيفة تمريضية في الدولة، يشغل المواطنون منها 759 فقط .
تبذل مؤسسات الدولة الصحية والأكاديمية جهوداً في جذب المواطنين والمواطنات لمهنة التمريض التي ظلت لسنوات تشهد عزوفاً ونقصاً كبيراً في الكوادر المؤهلة لأسباب عدة على رأسها ضعف العائد والمحفزات المادية، ونظام العمل الذي يتطلب الدوام بنظام المناوبة، ونظرة المجتمع والعادات والتقاليد. وقد بدأت هذه الجهود تؤتي ثمارها في استقطاب المواطنات للمهنة وإرجاع المتسربين.
وقالت جميلة الحوسني رئيسة هيئة التمريض في منطقة عجمان الطبية إن ظاهرة العزوف عن مهنة التمريض، لا تقتصر على إمارة عجمان، أو دولة الإمارات بل هي مشكلة عالمية، مضيفة أن الدولة اتخذت إجراءات عدة من شأنها تعزيز مهنة التمريض في الدولة، مثل فتح عدد من الجامعات لتخريج ممرضين حاصلين على شهادة البكالوريوس، وفتح عدد من الجامعات برامج الماجستير لعدد من الدراسات الخاصة بالتمريض.
وأضافت "فيما يخص إمارة عجمان، نبذل مزيداً من الجهد لإعطاء صورة مشرفة عن مهنة التمريض، من خلال زيارة المدارس والمنشآت التابعة للإمارة، والتعاون مع بعض الإدارات لإبراز هذه الوظيفة، وبيان أهميتها وأدت الجهود لتحسين صورة مهنة التمريض".
وأوضحت "يبلغ عدد الكادر التمريضي في إمارة عجمان 438 ممرضاً وممرضة، منهم 14 ممرضة إماراتية ويتوزعون على المنشآت الصحية في الإمارة على النحو التالي: مستشفى الشيخ خليفة بن زايد 177، الرعاية الصحية الأولية 40، مستشفى الولادة 157، الأمومة والطفولة 10، والطب الوقائي 6، وعيادات الأسنان 7، والصحة المدرسية 35، ومنطقة عجمان الطبية 5".
وأشارت إلى أن من أبرز الجهود التي قام بها قسم التمريض في منطقة عجمان الطبية لدعم الممرضات المواطنات وحل المشاكل التي تعترضهن إنشاء ناد للتمريض الإماراتي يشمل 14 ممرضة إماراتية يعملن في منطقة عجمان الطبية.
وقالت "إن هذا النادي يهدف إلى دعم الممرضات الإماراتيات وتطوير المهارات الإدارية والقيادية من خلال دورات تدريبية عالية المستوى ليكن قائدات مؤهلات لإدارة المنشأة الصحية في إمارة عجمان. كما يتم من خلال هذا النادي تشجيعهن على إكمال دراستهن التمريضية والحصول على الشهادات العليا في العلوم التمريضية".
وأشارت إلى أن واحدة من أهم أهداف هذا النادي التعريف بالتمريض وأهميته للمجتمع الإماراتي من خلال التعاون مع كلية فاطمة للعلوم الصحية فرع عجمان في الوصول إلى طالبات الثانوية المواطنات في المدارس الحكومية في الإمارة وتشجيعهن على الالتحاق بقسم التمريض في الكلية وكانت أحد أهم نتائج هذه الحملات دخول أكثر من 35 طالبة إماراتية لدراسة التمريض في كلية فاطمة في السنة الأولى من افتتاحها.
كما تتضمن الخطط المستقبلية الوصول للمجتمع الإماراتي من خلال حملات التوعية بأهمية مهنة التمريض وضرورة توطين هذه المهنة ويتم الوصول للمجتمع في الأماكن العامة والحدائق النسائية. وجميع هذه الحملات التي تقوم بها عضوات النادي تطوعية.
وأكدت أن النادي نجح في استقطاب 4 من الممرضات المواطنات اللاتي تركن التمريض من خلال منحهن الامتيازات، التي من شأنها تذليل العقبات التي أدت لتسربهن من المهنة، وأهمها منحهن مناصب قيادية بعد تأهيلهن مع إعفائهن من نظام المناوبات واقتصار دوامهن على الفترة الصباحية، فضلاً عن منحهن الفرصة لاستكمال دراستهن من خلال مراعاتهن في ساعات الدوام.
وقالت "يبذل النادي أقصى جهده لتشجيع المنتسبات لديه على إكمال دراستهن للارتقاء بمستواهن العلمي ورفع درجاتهن الوظيفية، مشيرة إلى أن الممرضات يمتلكن الطموح الذي جعلهن يكملن مسيرتهن التعليمية فقد حصلت سبع منهن على البكالوريوس واثنتان على درجة الماجستير ويعمد النادي على توجيههن إلى التخصص في مجالات التمريض المختلفة بعد انتهائهن من البكالوريوس".
وأضافت أن النادي نظم ورشاً قيادية لتأهيل الممرضات المواطنات وغرس اعتزازهن بدورهن كأداة نافعة وتوجيههن لأساسيات القيادة الصحيحة، ليكونوا قادة فاعلين في المجتمع، بهدف تأسيس القيادات المواطنة في مهنة التمريض. وأكدت أن من ضمن البرامج التي ينفذها النادي وتشكل عاملاً جاذباً، هي المشاركة في الندوات والمؤتمرات داخل الدولة وخارجها، بهدف إكساب الممرضات المهارات وتوفير فرص تعلم مستمرة وتسليحهن بالعلوم الحديثة، وتعزيز الخدمات المجتمعية مع الشركاء.
ونوهت بحرص مدير المنطقة الطبية في عجمان حمد تريم الشامسي على تطوير الكادر التمريضي، من خلال دعمه لنشاطات النادي وبرامجه لتحقيق أهدافه في دعم الطاقم التمريض المواطن، والارتقاء بمستواه المهني والأكاديمي، فما زال قطاع التمريض في الإمارات متعطشاً للكوادر المواطنة التي ينبغي جذبها للعمل فيه، باعتبار أنه جزء من القطاع الصحي الذي يعد من أهم القطاعات في الدولة التي لابد أن يتحمل مسؤوليته أبناء الإمارات. وأوضحت أن برنامج بكالوريوس التمريض في فرع كلية فاطمة للعلوم الصحية بعجمان يستوعب 100 طالبة سنوياً، وأن التسجيل مستمر لالتحاق المزيد من الطالبات. وقالت: ما زلنا في عملية استقطاب المواطنات ولدينا برنامج تسويقي مكثف. وأشارت إلى أن النادي بدأ بزيارات لمدارس البنات في عجمان، للتعريف ببرنامج بكالوريوس التمريض، وتحفيز الطالبات على الالتحاق به لسد حاجة المؤسسات الصحية بالدولة من الممرضات المواطنات، في ظل ما يعانيه القطاع الطبي في الدولة من نقص في أعداد المواطنين العاملين بهذا المجال، لافتة إلى تجاوب الطالبات واقتناعهن بأهمية تخصص التمريض مما ينم عن تنامي وعي المجتمع والأهالي بأهمية المهنة وتغير الأفكار المغلوطة عنها حيث بات الناس أكثر وعيا بحاجة الدولة لسواعد أبنائها في هذا القطاع الحيوي. ودعت الفتيات إلى استغلال هذه الفرصة التي تتيحها كلية فاطمة والمسارعة للتسجيل، مؤكدة أن المزايا التي تقدمها الجامعة للطالبات تعتبر أكبر حافز كما طالبت الأهالي بتشجيع بناتهم على الانضمام إلى كوكبة من المواطنات اللاتي نجحن في هذه المهنة وسطرن أسماءهن عالياً في سماء العمل الإنساني.
وتتمثل الحوافز التي تقدمها الكلية بالدعم المادي الذي تحظى به الدارسة طوال فترة الدراسة وضمان الوظيفة بعد التخرج. وأوضحت أن تسجيل الطالبات ينتهي في أول أسبوع من شهر أغسطس المقبل، ويخضع لمعايير عدة منها حصول الطالبة على شهادة إتمام الصف الثاني عشر بنسبة لا تقل عن 70% في المساق العلمي، إضافة إلى الحصول على معدل 50 في "الأيلتس" للدخول في التخصص مباشرة، وفي حالة الحصول على أقل من هذه النسبة في معدل "الأيلتس" يتم قبول الطالبة في السنة التأسيسية ليتم إعدادها أكاديمياً للالتحاق بالكلية.
تذليل العقبات المؤدية إلى العزوف عن المهنة
أعلنت وزارة الصحة مؤخراً أنها تدرس تخصيص كادر وظيفي للعاملين في قطاع التمريض، بهدف تطوير مساراتهم الوظيفية، مما يعزز جاذبية المهنة في الدولة.
وتعمل وزارة الصحة على تذليل جميع العقبات المؤدية للعزوف عن مهنة التمريض، وذلك من خلال خطة لتوطين مهنة التمريض بالتنسيق مع الجهات المعنية وتطوير المسارات الوظيفية ونظام للحوافز والترقيات، وزيادة سلم الرواتب وغيرها من الحوافز تشمل السكن، ومكافآت شهرية مجزية للراغبات بدراسة البكالوريوس للحصول على وظيفة «فني طبي مبتدئ»، فيما تعمل الوزارة على ترغيب الطلبة في دراسة التمريض من خلال إنشاء مجلس الإمارات للتمريض والقبالة، وإنشاء جمعية مهنية للتمريض وتنظيم عملية مزاولة المهنة، الأمر الذي يستقطب الفتيات الإماراتيات للالتحاق بالمهنة، وزيادة كفاءة الخدمات التي يقدمنها.
وتركز الوزارة حالياً على إقرار معايير دولية لمنح تراخيص مزاولة المهنة، ورفع مستوى التعليم المهني والأكاديمي، وأنها تتواصل مع إدارات المناطق الطبية باستمرار لتوظيف المواطنات من حملة الدبلوم والبكالوريوس فور تخرجهن، لافتة إلى غياب البطالة بين المواطنات في هذا التخصص.
دراسة التمريض واجب وطني
أكد عدد من الممرضات المواطنات بعجمان أن دراسة التمريض والعمل فيه واجب وطني في ظل انخفاض نسبة المواطنين في قطاع التمريض وتزايد هجرتهم منه وهذا القطاع الصحي بالدولة يجب أن تتحمله سواعد وطنية تقدر أهميته، في المقابل طالبوا بتشجيع المواطنين والمواطنات للتخصص فيه، وذلك بتقدير العاملين فيه من خلال منحهم درجات وظيفية وحوافز تشجيعية تتناسب والجهد الذي يبذلونه، مشيدين بدور نادي التمريض في تشجيعهم على المواصلة في العمل.
وقالت الممرضة نادية قاسم: نقدر الدعم الذي تقدمه لنا منطقة عجمان التعليمية من خلال تأسيسها لنادي التمريض الذي أسهم في إعادتي للمهنة بعد انقطاع دام ثلاث سنوات وتذليلها للعقبات التي جعلتني أترك المهنة، أهمها التقدير من خلال منحي وجميع زميلاتي المواطنات مناصب تتناسب مع مؤهلاتنا العلمية وخبرتنا الوظيفية، فقد تم منحي منصب نائب رئيس هيئة التمريض في الصحة المدرسية. كما تم إعفائي من المناوبات والتي كانت تشكل عائقاً وتؤثر بشكل سلبي في حياتي العائلية، ولعلها من أحد أهم أسباب التسرب من المهنة.
وأشادت بنادي التمريض الذي وجدت فيه متنفساً تبث من خلاله جميع ما قد يواجهها من صعوبات لتجد من يصغي إليها باهتمام ويسعى لتذليل تلك الصعوبات. كما أنه المكان الذي ألّف بين جميع الممرضات المواطنات، وكان سبباً للتعارف وتبادل الخبرات وتوطيد الروابط، وأسهم النادي من خلال الدورات والندوات في تطوير المهارات وتعزيز الإمكانيات لدى جميع الممرضات المواطنات.
وأكدت حصة عبدالقادر مسؤول التمريض في الطب الوقائي أنه بالرغم من جميع الجهود لدعم التمريض، تبقى قضية الدرجات الوظيفية والراتب عائقاً، فما زلت على نفس الدرجة رغم حصولي على درجة البكالوريوس التي حصلت عليها أثناء العمل.
وقالت إن وضع الممرضات في الماضي كان معقداً، حيث اعتبر القطاع التمريضي بيئة طاردة للمواطنات وغير المواطنات، لافتة إلى أن الوضع في السابق كان محطماً للطموحات، حيث لم يكن يسمح لنا بالحصول على تفرغ دراسي، فضلاً عن عدم مراعاتنا أثناء دراستنا، خصوصاً فيما يتعلق بالدوام والمهام الوظيفية، ما دفع كثيرات إلى تقديم استقالاتهن.
وأضافت: رغم كل الجهود التي بذلت لتذليل العقبات والتي نقدرها ونثمنها، تبقى معادلة الدرجة العلمية بالدرجة الوظيفية مشكلة لم تجد لها الوزارة حلاً، فرغم حصولي على درجة الماجستير مازلت على الدرجة السادسة وهي درجة الحاصلين على الدبلوم، وعند مطالبتنا بتسوية الأوضاع يكون الرد عدم وجود درجات شاغرة. وطالبت بمزيد من الدعم الكافي وخلق بيئة جاذبة تستقطب المواطنات، وتشجعهن على الارتقاء بمستواهن العلمي والمعرفي.
حمد تريم: توطين مهنة التمريض يحتاج إلى قرار سيادي
أكد حمد تريم مدير المنطقة الطبية أن دور جهاز التمريض لا يقل عن دور الأطباء وغيرهم من الكوادر في المؤسسات الطبية، لافتاً إلى أن مهنة التمريض أصبحت محل اهتمام كبير لما يضطلع به الممرضون من أدوار عديدة بين الطبيب والمريض بصورة دائمة لذلك فهم حجر الزاوية في كل مستشفى وعيادة وأصبح رفع كفاءة المؤسسات مرتبطاً بمدى توافر عناصر التمريض وكفاءتهم. وقال: إنني أفتخر بالممرضات الموطنات اللاتي يعملن في جميع العيادات والمستشفيات التابعة لمنطقة عجمان الطبية، وهن 14 ممرضة على مستوى مشرف من الكفاءة والمهنية والإحساس بالمسؤولية في عملهن والمثابرة في تطوير مستوياتهن من خلال مواصلتهن للدراسة وحصولهن على أعلى الدرجات العلمية متحديات كل الظروف.
وأوضح أن المنطقة تعمل من خلال نادي التمريض الذي استحدثته المنطقة للممرضات المواطنات على إيجاد الحلول اللازمة لتحفيز الكادر المواطن وقد تم إيلاؤهن مناصب قيادية في جميع القطاعات الصحية التي يعملن فيها كونهن هن الأجدر والأحرص على سمعة الخدمات المقدمة من قبل الدولة للمواطنين والمقيمين، وقد كن قدر المسؤولية التي اضطلعن بها.
وقال إن توطين مهنة التمريض يحتاج إلى قرار سيادي وفق خطة إستراتيجية تنفذ ضمن فترة زمنية محددة وتدعم بحوافز مغرية تجذب المواطنين بشقيهم الذكور والإناث للتخصص في التمريض والعمل به واعتبر افتتاح كلية فاطمة للعلوم الصحية بادرة خير وعاملاً جاذباً لرفد هذا القطاع الحيوي بالكوادر المواطنة.
23 ألف وظيفة تمريضية في الدولة
كشفت دراسة حديثة أعدتها جمعية الإمارات للتمريض، ونشرت سابقاً عن وجود 23 ألفاً و433 وظيفة تمريضية في الدولة، يشغل المواطنون منها 759 فقط، بما يساوي نسبة 4%، يعمل منهم 296 موظفاً في وزارة الصحة، و33 في أبوظبي، 37 في دبي، 361 في خدمات القوات المسلحة، 28 في وزارة الداخلية في شرطتي أبوظبي والشارقة، وأربعة في شرطة دبي.
وبينت الدراسة أن ضعف العائد المالي يتصدر قائمة معوقات توطينها، وفقاً لإحصاءات رسمية حتى نهاية العام 2009، وتلك الأرقام تعد منخفضة بالنسبة للوظائف الأخرى في الدولة وبالنسبة لأعداد الممرضين المواطنين في دول أخرى مجاورة سبقت الإمارات في توطين هذه المهنة بسنوات.
وتحدثت تقارير مؤخراً عن زيادة معدلات هجرة كوادر التمريض، إضافة إلى الحملة التي أطلقتها هيئة الصحة بإمارة أبوظبي في سعيها إلى توفير الكادر اللازم لتغطية النقص في القطاع التمريضي بحلول عام 2019، إذ كانت إحصاءات هيئة الصحة بأبوظبي وحدها تؤكد الحاجة إلى تعيين6500 ممرض وممرضة بحلول عام 2019، وفي حالة استمرار معدلات النقص فستكون هناك حاجة إلى تعيين نحو 1800 ممرض وممرضة حالياً لمواجهة العجز في القطاع.
أرسل تعليقك