النائب التونسي المنجي الرحوي
تونس - أزهار الجربوعي
أعلن لـ"العرب اليوم" أن تونس مُقبلة على ثورة ثانية، مشددًا على توفر الأرضية الملائمة لاستيعاب السيناريو المصري الذي قادت إليه "دكتاتورية الإخوان"، و على جانب آخر أكد القيادي في حزب "النهضة الإسلامي" الحاكم رياض الشعيبي لـ"العرب اليوم" أن الوضع السياسي في
تونس يختلف جذريًا عما هو عليه في مصر وأن تجربة التوافق داخل ائتلاف "الترويكا" الحاكم شكلت طوق النجاة، مشيدًا بدور الجيش التونسي الذي ظل بعيدًا عن الحياة السياسية منذ استقلال البلاد في العام 1956.
وقد أصدر حزب "النهضة" الإسلامي الحاكم في تونس بيانًا دعا فيه الشعب المصري إلى الالتفاف بشأن الشرعية الانتخابية والتمسك بالوحدة الوطنية، مشددا على أنّ مصر تظلّ قلب الأمّة وأنّ الثورات العربية التي انطلقت من تونس أصبحت ربيعًا بعد نجاح الثورة المصريّة المباركة، جاء ذلك على خلفية ما تعيشه مصر من تحركات شعبية واحتقانات سياسية وسط مطالبات بتنحي الرئيس محمد مرسي.
ودعت "النهضة" التونسية، المصريين سلطة ومعارضة إلى التحاور في إطار احترام الشرعية لتجاوز تجاذبات وصراعات وانقسامات أصبحت تهدّد كيان الدولة ووحدة الوطن والشعب... لتفويت الفرصة على أعداء الثورة والأمّة المتربّصين بها.
من جهته أكد القيادي في حزب "النهضة" الإسلامي رياض الشعيبي أنه لا يمكن القبول بتقويض المؤسسات الشرعية الوقائية للدولة على غرار مؤسسة رئاسة الجمهورية في ديمقراطية ناشئة على غرار تلك التي تعيشها مصر واستغلال ضغط الشارع لتحقيق أغراض سياسية.
واعتبر رياض الشعيبي أن الانتقال الديمقراطي في تونس يختلف عما تعيشه مصريًا بشكل جذري، مشددًا على أن تجربة ائتلاف "ترويكا" الحكم بين أحزاب "النهضة" والتكتل والمؤتمر من أجل الجمهورية، قد شكلت صمام النجاة وطوق النجاة لنجاح التجربة الديمقراطية التونسية وحماية عقدها من الانفراط.
واستبعد الشعيبي تكرار النموذج المصري في ما بات يعرف بالثورة الثانية وسط حالة من الانقسامات السياسية والاعتصامات المطالبة مجددًا بإسقاط النظام مخلفة قتلى وجرحى وحريقًا في المقر المركزي لـ"الإخوان" المسلمين، مشددًا على أن تونس نجحت في ترسيخ الأرضية السياسية للحكم.
وبشأن الجدل الدائر عن الدستور، أوضح الشعيبي أن من يعارضونه فئة قليلة لا تملك وزنا قويا في الشارع، معتبرًا أن المؤسسة العسكرية في تونس أثبتت منذ استقلال البلاد سنة 1956 أنها لا تحمل مطامع سياسية في الوصول إلى السلطة عكس ما يجري في مصر التي انحدر أغلب حكامها من رحم المؤسسة العسكرية.
ومع تصاعد حدة التوتر السياسي في تونس تزامنًا مع بدء الجلسات الأولى لمناقشة الدستور التي رافقتها اتهامات من المعارضة لحزب "النهضة" الحاكم بأخونة الدستور والسطو عليه، بلغت حد القول بتدليسه، بات الرأي العام في تونس يرقب بعين الحذر الأوضاع في مصر خشية أن يعيد التاريخ نفسه من مصر إلى تونس، بعد أن أوقدت الأخيرة شرارة الربيع العربي التي تعتبر المعارضة أنها لن تنطفئ إلى حين تحقيق أهدافها.
وقد اعتبر النائب في "المجلس التأسيسي" التونسي والقيادي في حزب "الوطنين الديمقراطيين الموحد"، المنجي ارحوي في تصريح خاص لـ"العرب اليوم" "إن تونس تتوفر على الأرضية الملائمة لتعيش ثورة ثانية شبيهة بواقع الأحداث المصرية، وتابع " من حيث الواقع الموضوعي فإن الأوضاع في تونس ومصر متشابهة إلى حد بعيد خاصة على الصعيد الاجتماعي من خلال تعميم حالة الفقر في تونس وتهميش الطبقة المتوسطة، إلى جانب نقل الفقراء إلى حالة البؤس والفقر المتقع، وهو ما يقابله على الضفة الأخرى، تغول للحزب الحاكم وتمتعه بالعديد من الامتيازات السياسية والمالية، بما يعني تعميق الصراع الاجتماعي".
وأكد النائب المنجي الرحوي أن حكومتا مصر وتونس يلتقيان في الالتفاف على الثورة والتنكر للمطالب الاجتماعية والحرية وكلاهما يؤسس لدولة دكتاتورية دينية باعتبار انتمائهما إلى حركة "الإخوان "العالمية التي تسطر البرامج السياسية لهذه الدول العربية كما أن حزبي الحكم في تونس وصلا إلى السلطة ولم يشاركا في الثورة، مشددًا على أن جميع الشروط الموضوعية والذاتية متوفرة لانتقال السيناريو المصري إلى تونس وأن الحراك الثوري في تونس الذي سيقود هذه العملية مازال لم ينضح بعد وأضاف "شعبنا يحمل إرادة عظيمة في الحياة وأتوقع حدوث ثورة ثانية عاجلا أم آجلا".
وبشأن تداعيات استقالة رئيس أركان القوات المسلحة التونسية الفريق أول رشيد عمار، اعتبر القيادي في حزب "الوطنيين الديمقراطيين الموحد" المنجي الرحوي (يساري)، أن توقيتها كان خاطئا وأنها في غير مكانها بخاصة وأن تونس تتعرض لخطر الإرهاب.
وتعقيبا على تصريح الفريق أول رشيد عمار الذي أعلن أنه متمسك بالشرعية ورفض الانقلاب على السلطة، معتبرًا أنه لو كان شخص آخر في مكانه لاستحوذ على السلطة، أكد النائب المنجي الرحوي، أن جميع الفرضيات تبقى واردة ومطروحة بما فيها إمكانية حدوث انقلاب عسكري".
من جانبه أصدر، حزب" نداء تونس" الذي يتزعمه رئيس الوزراء التونسي الأسبق الباجي قائد السبسي، "الغريم التقليدي"لحزب "النهضة" الإسلامي الحاكم بيانًا، بدأ فيه بالترحّم على أرواح الضحايا الذين سقطوا في مصر من شباب وضباط جيش وشرطة، داعيًا حزب " الحرية والعدالة " المصري الحاكم إلى "الأخذ بعين الاعتبار المطالب الشعبية، وعدم التوقف عند الشرعية الانتخابية، التي وصفها بـ" المنقوصة" والتي" لا يمكن الاعتماد عليها للهيمنة على الدولة والمجتمع في مرحلة انتقال ديمقراطي".
هذا وحذر مؤسس ورئيس تيار المحبة ،محمد الهاشمي الحامدي في بيان له، الثلاثاء، حركة "النهضة" الإسلامية الحاكمة في تونس، مما أسماه "ثورة شعبية جديدة" في صورة تواصل ما وصفه بـ" المعاناة الاجتماعية لفئات واسعة من الشعب التونسي وسياسة التغول على أجهزة الدولة والسيطرة على الإدارة واستبدادها بالرأي في ما يتعلق بكتابة الدستور الجديد.
ودعا المعارض التونسي المُقيم في لندن، حركة "النهضة" الحاكمة إلى عدم التدخل في الشؤون المصرية، قائلا "لا يحق لكم تقديم دروس في الحوار لأي جهة أخرى بعدما ضربتم أسوأ مثال لتجاهل الإرادة الشعبية والإصرار على سياسة العزل والإقصاء لخصومكم السياسيين".
على صعيد آخر، أظهر ترتيب نشرته مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، أن تونس احتلت المرتبة العاشرة عربيًا والـ83 دوليا في مؤشر الدول الفاشلة للعام 2013، الذي يعتمد على معايير العجز الاقتصادي، وعدم الشرعية الدولية، والأجهزة الأمنية، والنخب الحزبية، والتدخلات الأجنبية، والتهديدات الأمنية والتدهور الاقتصادي وانتهاكات حقوق الإنسان.
وبعيدا عن المؤشرات الدولية والتصريحات السياسية، يرى مراقبون أن تونس سلكت بأمان نهج الانتقال الديمقراطي في طريق مُعبّدة بالعقبات الأمنية والتجاذبات الحزبية، إلا أنه تعتبر الأكثر أمنًا واستقرارًا بين دول الربيع العربي، مشددين على أنها اختارت الطريق الأطول والأكثر أمنًا، وهو ما أجمعت عليه القيادات الدولية على غرار وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ الذي صرح أخيرًا أن الوضع في تونس لا يمكن مقارنته بما يحدث في مصر وليبيا، مشيرا إلى أن حزب "النهضة" الإسلامي الحاكم في تونس "يُدير البلاد بكل ديمقراطية مع وجود معارضة ضعيفة تحالفت مع نظام قديم يريد العودة بالسبل كافة".
أرسل تعليقك