«سعد زهران»

«سعد زهران»

«سعد زهران»

 العرب اليوم -

«سعد زهران»

مصطفي الفقي

رحل منذ أيام مناضل مصرى من طراز فريد، هو «سعد زهران»، الذى بدأ نضاله منذ أربعينيات القرن الماضى، وظل طوال عمره مهموماً بشؤون الوطن وشجون الإنسان المصرى، وكان واحداً من أبرز قيادات اليسار الوطنى، وعرف السجون والمعتقلات دفاعاً عن انتمائه السياسى الذى تمسك به دائماً، فلقد كان سعد زهران رجلاً شديد المراس، واسع الثقافة، دائم الاطلاع، عرفته فى سبعينيات القرن الماضى من خلال زميلين عزيزين وصديقى عمر هما: السفيران «شكرى فؤاد ميخائيل» و«د.محمود عبدالمنعم مرتضى»، وهما رجلان من نسيج خاص يعبران عن الروح الحقيقية لمصر وقضاياها المعاصرة، وكانا يستضيفان المناضل «سعد زهران»، الذى يأتينا متوكئا على عصاه، متحملاً عاهة جسمانية إثر حادث تعرض له، وحاملاً فى ذات الوقت على كاهله ذكريات عمره الصعب ونضاله الذى لم يتوقف أبداً، وكان الرجل يحكى لنا رحلة عمره وأنا أكاد ألتهم كلماته وأعيش معه ذكرياته، وقد كان يومها معارضاً لسياسات الرئيس الراحل «أنور السادات»، إذ يبدو أن «فيروس» النضال قد لازمه طوال حياته، مهما اختلف الحكام وتنوعت المشاهد، شأنه فى ذلك شأن مناضل آخر عرفته عن قرب وكتبت عنه، وهو الراحل «سعد زغلول فؤاد»- رغم الاختلاف بينهما فى الفكر والأسلوب- ولقد ظللت أتابع «سعد زهران» على امتداد الأربعين عاماً الماضية، وهو يجمع بين حمية النضال ومعاناة المرض، لا يتوقف قلمه ولا تتراجع عزيمته ولا يفرط فى مبادئه منذ أن كان عضواً فى «اللجنة الوطنية العليا للعمال والطلبة» فى عام 1946، وإسهامه المشهود فى مطبوعة فريدة لا ينساها جيلنا وهى «مجلة الطليعة» مع الراحلين «لطفى الخولى» و«ميشيل كامل»، فضلاً عن سنوات المنفى الاختيارى فى دولة «الجزائر» أستاذاً للعلوم السياسية فى جامعتها، ولقد انقطعت بنا السبل لسنوات طويلة بعد التقاعد عن العمل وانفراط عقد الأصدقاء، وكان المشهد الأخير الذى رأيت فيه ذلك المناضل ذا الطراز الفريد عندما لمحته وابنه الذى ورث عنه جينات النضال «فريد» يأخذ بيده لينزله من السيارة أمام «جراج البستان» منذ عدة شهور، وأنا فى سيارتى على الطرف الآخر من الشارع، وهممت بالنزول والهرولة إليه، ولكن إشارة المرور الضوئية تغيرت إلى اللون الأخضر وهرع سائقى ينتهز الفرصة وحرمنى رؤية ذلك المناضل الكبير لآخر مرة، الذى لم أكن قد تشرفت بلقائه مع الأصدقاء منذ سنوات، ويومها دار فى ذهنى شريط الذكريات لابن اليسار المصرى المناضل «سعد زهران» الذى يبدو لى وكأنه طيف عابر مر على وطنٍ مظلوم عبر رحلة عمر كانت ثرية بكل المعانى الرائعة لإنسان العصر، وعندما جاءنى نبأ رحيله عن عالمنا أدركت أن الرجل قد استأذن فى الانصراف النهائى، وأنه قد عبر فوق معاناة الدنيا إلى راحة أبدية يرقد فيها المناضلون فى قبورهم المضيئة إلى حيث لا يعود الناس.. رحم الله «سعد زهران» جزاء ما قدمه لوطنه وأمته والإنسانية كلها فكراً متوهجاً، ونضالاً متصلاً، ومعاناة لازمته إلى يوم رحيله الأبدى.

arabstoday

GMT 01:09 2024 الأربعاء ,22 أيار / مايو

إيران... الرئاسة مرآة القيادة

GMT 01:07 2024 الأربعاء ,22 أيار / مايو

على أي رف...؟

GMT 01:04 2024 الأربعاء ,22 أيار / مايو

مجرمون... ولكن!

GMT 01:02 2024 الأربعاء ,22 أيار / مايو

ألغاز أخرى في حرب غزة الخامسة

GMT 00:59 2024 الأربعاء ,22 أيار / مايو

الجنائية الدولية... مساواة متجنية؟

GMT 00:57 2024 الأربعاء ,22 أيار / مايو

في مديح اتفاق «17 مايو»

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,22 أيار / مايو

البحث عن خطاب الشيخ العيسى

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«سعد زهران» «سعد زهران»



 العرب اليوم - ظافر العابدين يعود الى دراما رمضان بعد طول غياب

GMT 04:42 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

قمة البحرين

GMT 00:24 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

نسيج العنف... ما بعد حرب غزة؟

GMT 10:42 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

إطلالات تراثية ملهمة للملكة رانيا

GMT 10:49 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

افكار تساعدك لتحفيز تجديد مظهرك

GMT 10:36 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

أنواع وقطع من الأثاث ينصح الخبراء بتجنبها

GMT 08:58 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

مفاجآت كبيرة في فيلم "الست" لمنى زكي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab