الدول العربية وسطاء أم شركاء

الدول العربية وسطاء أم شركاء؟

الدول العربية وسطاء أم شركاء؟

 العرب اليوم -

الدول العربية وسطاء أم شركاء

بقلم - مصطفي الفقي

يبدو الموقف المصرى تحديدًا من أكثر المواقف العربية احتكاكًا بالقضية الفلسطينية إلى درجة التماس الحدودى سياسيًا وجغرافيًا حتى إن البعض يرى القضية الفلسطينية قضية مصرية أيضًا خاضت من أجلها الحروب الكبرى فى أعوام 1948 و1956 و1967 و1973، وظلت على عهدها فى التمسك بالثوابت المرتبطة بهذه القضية القومية الأولى لا تتراجع ولا تحيد، بل إن الرئيس الراحل أنور السادات فى مسعاه للسلام مع إسرائيل كان حريصًا على ألا يمس ثوابت القضية أو النيل من الحقوق الفلسطينية والعربية، وبعد توقيع اتفاقية السلام فى 26 مارس 1979 أصبحنا أمام مشهد مختلف، وفصل جديد للعلاقات المصرية الإسرائيلية، ولقد تصورنا حينذاك أن إلزام إسرائيل ببنود المعاهدة سوف ينعكس بالضرورة على علاقاتها بالشعب الفلسطينى الذى يقع تحت سيطرة الاحتلال وجيشه العدوانى، وأن أوضاع الفلسطينيين سوف تتحسن وتدرك إسرائيل مزايا السلام وتسعى إليه مع الجميع! ذلك أن السلام يفترض أن يكون السلام العميق الذى يمهد للتعايش المشترك، والقدرة على المضى فى طرقٍ واضحة تحت مظلة الشرعية الدولية والإيمان بالمستقبل الأفضل لشعوب المنطقة، ولكن الرياح جاءت بغير ما تشتهى السفن، وأصبحنا فى مرحلة من أقسى المراحل فى تاريخ الصراع الدامى الطويل فى الشرق الأوسط، وكلما تأزمت الأمور بين الفلسطينيين وحكومات إسرائيل أصبح من المتعين على مصر أن توظف معاهدة السلام مع إسرائيل وإمكانية التواصل مع كل الأطراف فى خدمة تهدئة الأوضاع وإطفاء الحرائق والمضى نحو تحسين أوضاع الشعب الفلسطينى المقهور داخل أرضه، والذى يناضل من أجل حريته كما لم يفعل شعبٌ آخر فى العالم، وقد أصبحت مصر بهذه الطريقة طرفًا ووسيطًا فى ذات الوقت، طرفًا بمنطق العروبة والحروب السابقة ووسيطًا بمفهوم المسئولية الدولية ومهام دولة الجوار، بل قد رأينا دولاً عربية أخرى وقع بعضها معاهدة سلام مع إسرائيل مثل الأردن، وأخرى طبعت العلاقات معها وفقًا لمبدأ السلام مقابل السلام وليس مقابل الأرض، فلم تكن أرضها محتلة مثلما هو الأمر مع دول الإمارات ومملكة البحرين والمملكة المغربية، وأصبح واضحًا للجميع أن كل الدول العربية متمسكة بثوابت القضية الفلسطينية، بلا تفريط ولا تراجع بل بمزيد من الإصرار على الحقوق الفلسطينية، والتمسك بقرارات الأمم المتحدة، خصوصًا أن العالم بأسره قد أصبح مؤخرًا شاهدًا فعليًا على جرائم إسرائيل فى حق الشعب الفلسطينى، بل جعل من الوسطاء العرب أطرافًا فى الصراع فى الوقت نفسه، فمصر التى تشارك بفاعلية شديدة فى مفاوضات وقف إطلاق النار ضد الشعب الفلسطينى فى غزة هى ذاتها التى انضمت إلى الادعاء ضد جرائم الحرب الإسرائيلية، وذلك أمام محكمة العدل الدولية، ونحن نظن أن كثيرًا من الدول العربية ذات التواصل مع إسرائيل أصبحت لها الصفتان معًا صفة الوسيط وصفة الشريك ورغم صعوبة التوازن بين المهمتين فإن مصر على سبيل المثال قد نجحت فى الاحتفاظ بهما بطريقة تحسد عليها وتلقت أكثر من مرة رسائل تقدير واحترام من الإدارات الأمريكية المتعاقبة التى أصبحت تحرص على عدم اتساع رقعة الحرب ودائرة الصراع فى الشرق الأوسط، رغم أن الكل يدرك جيدًا أن واشنطن هى الداعم الأول والسند الرئيس للحكومة العنصرية فى إسرائيل، وتمضى مصر فى طريقها بكل إمكاناتها للوصول إلى التسوية برغم المعاناة التى يشعر بها الشعب الفلسطينى الشقيق، وهو يدرك أن مصر هى السند القومى فى المحافل الدولية والمؤتمرات العالمية ومصدر الإغاثة فى الظروف الصعبة والأوقات العصيبة، إن ذلك يدعونا إلى إبداء ملاحظتين فى هذا الأمر:

الأولى: إن الدبلوماسية المصرية - وهى الأعرق فى المنطقة - ترفض بكل ما أوتيت من خبرة تاريخية محاولات التدليس الإسرائيلى، ونشر الأكاذيب لتشويه صورة النضال ودمغه ظلمًا وافتراءً بتهمة الإرهاب، ولقد نجحت مصر فى ذلك نجاحًا واضحًا يدركه الجميع بحيث أصبح الدور المصرى أساسيًا فى دعم الشعب الفلسطينى وكشف أكاذيب إسرائيل.

الثانية: إن العلاقات المفتوحة بين مصر وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية وجميع دول المنطقة تشير إلى مرونة دورها، واتساع نطاق تأثيرها على الأطراف الأخرى من أجل التهدئة، والتسوية وحماية الأمن والسلم الدوليين، فمصر توظف كل إمكاناتها الدبلوماسية، والعسكرية لخدمة قضايا المستقبل وتجاوز الظروف الضاغطة على الشعب الفلسطينى من كل اتجاه.

دعنا نوجه تحيةً للشخصية المصرية المتفردة والقادرة على استلهام روح الخلاص لشعوب المنطقة رغم كل محاولات الإساءة والتشويه والتطويق من جانب الأطراف المعادية لشرق أوسط مختلف يسوده السلام العادل، ويتحقق فيه للشعب الفلسطينى دولته المستقلة وعاصمتها القدس.

arabstoday

GMT 02:43 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

4 ساعات مللاً

GMT 02:41 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

ترامب والأردن... واللاءات المفيدة!

GMT 02:31 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

رسائل محمد الطويّان المفتوحة والمغلقة

GMT 02:28 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

الشرق الأوسط... تشكلٌ جديدٌ

GMT 02:25 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

سنتان أميركيتان مفصليتان في تاريخ العالم

GMT 02:21 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

متى يراجع الفلسطينيون ما حدث؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدول العربية وسطاء أم شركاء الدول العربية وسطاء أم شركاء



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 11:08 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

أفضل خامات الستائر وتنسيقها مع ديكور المنزل
 العرب اليوم - أفضل خامات الستائر وتنسيقها مع ديكور المنزل

GMT 13:03 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

البطولات النسائية تسيطر على دراما رمضان 2025
 العرب اليوم - البطولات النسائية تسيطر على دراما رمضان 2025

GMT 13:51 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

إيران لم تيأس بعد من نجاح مشروعها!

GMT 17:42 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

برشلونة يتعاقد مع مهاجم شاب لتدعيم صفوفه

GMT 02:25 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

سنتان أميركيتان مفصليتان في تاريخ العالم

GMT 12:15 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

زلزال بقوة 4.1 درجة يضرب جنوب شرق تايوان

GMT 12:05 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

انفجار قنبلة وسط العاصمة السورية دمشق

GMT 02:41 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

ترامب والأردن... واللاءات المفيدة!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab