شريعة الغاب والإفلات من العقاب

شريعة الغاب والإفلات من العقاب!

شريعة الغاب والإفلات من العقاب!

 العرب اليوم -

شريعة الغاب والإفلات من العقاب

بقلم - مصطفي الفقي

يقول المثل العربى الشائع «من أمن العقاب أساء الأدب»، وهو قول ينطبق تمامًا على تصرفات دولة إسرائيل ورمزها المتطرف «بنيامين نيتانياهو» رئيس الوزراء الذى تأكد له أن أمريكا سوف تحمى عصابة القتل والإرهاب والترويع من كل الجرائم، لأن واشنطن تقف وراء الدولة العبرية حامية وراعية بالإمداد العسكرى تارة والفيتو الأمريكى تارة أخرى، فأصبحت إسرائيل دولة خارج الشرعية الدولية تعربد متى تريد وتقتل حين تشاء ولا يوجد ضابط ولا رابط لتصرفاتها الإقليمية والدولية، فأنا أزعم أن إسرائيل قد انكشفت على نحو غير مسبوق منذ بداية الصراع الدامى مع الشعب صاحب الحق والأرض دافع الفاتورة الباهظة من أجل حريته وسيادته وكرامته، نعم لقد أصبح وجه إسرائيل مكشوفًا أمام العالم كله، وجرت تحولات عديدة لمصلحة الشعب الفلسطينى وقضيته العادلة، حتى أصبحنا نرى دولاً فى غرب أوروبا تعلن اعترافها بالدولة الفلسطينية فى سابقة غير معهودة عبر تاريخ هذا الصراع الطويل، بالإضافة إلى تقديم إسرائيل إلى القضاء الدولى، ومطالبة المحكمة الدولية بتوقيف «نيتانياهو» ووزير دفاعه باعتبارهما مجرمى الحرب الدامية وأصحاب العدوان المستمر على غزة، فضلاً عن عمليات التهجير القسرى والعبث بأرواح الأطفال والشيوخ والنساء وتمزيق أوصال أبناء الشرعية التى تساندها الدفوع التاريخية الثابتة، فلقد قامت إسرائيل فى الشهور الأخيرة بممارسات عنصرية عدوانية غير مسبوقة فى التاريخ المعاصر، وجرى كل ذلك على مرأى ومسمع من شعوب الأرض كلها فانفض من حولها الكثيرون وانتقدها الأصدقاء والأعداء على السواء، وأضحت نموذجًا معزولاً ينتقده الجميع، ولا يزال الدعم الأمريكى برغم كافة الادعاءات التى تحاول التغطية على هذه الحقيقة ـ نموذجًا صارخًا للدولة المدللة على حساب الحق والعدل والسلام، والغريب فى الأمر أنه كلما تمادت إسرائيل فى جرائمها زاد الدعم الأمريكى لها تلميحًا وتصريحًا وتسليحًا، إن الأمر الآن يقف أمام مفازات ثلاث:

أولاً: إن الصراع العربى الإسرائيلى والنزاع الفلسطينى الإسرائيلى كلاهما يرتبط بأجندة واحدة مؤداها أن الصراع فى الشرق الأوسط أصبح يحتاج إلى حل جذرى، وليس مجرد مسكنات سطحية، لأننا قد جربناها كثيرًا وهى تختفى مع الوقت، لكن البحث فى جذور الصراع هو السبيل الأمثل لتأكيد الرغبة فى التعايش المشترك، واحترام قواعد الأمن والسلم الدوليين فى ظل الشرعية الدولية، واحترام قرارات الأمم المتحدة.

ثانيًا: إن الدعم الأمريكى المطلق لإسرائيل قد جعلها تعربد فى المنطقة بلا ضابط أو رابط وتتجاوز كل الحدود الإنسانية فى التعامل مع الشعب الفلسطينى الذى تحركت قوافله الحزينة فى أرجاء غزة، وهو يرى أرضه السليبة، وقد جاوز الظالمون المدى فى طغيانهم عليها، ولحسن الحظ فقد ارتفعت فى الشهور الأخيرة أصوات عادلة أو هى أقرب إلى العدل تتحدث عن حق الفلسطينيين فى دولة مستقلة بحدود الرابع من يونيو 1967، وهو أمر استقرت عليه أدبيات التسوية السلمية فى الصراع منذ سنوات، ولكن التطرف الإسرائيلى والتشدد الإرهابى يجعل ذلك الأمر بعيدًا ودونه مراحل طويلة فى ظل المماطلة الإسرائيلية والشعور الدائم بالإفلات من العقاب.

ثالثًا: إن المجتمع الدولى الذى أرست قواعده فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية قد أصبح يخضع لحساباتٍ مختلفة تقوم على الكيل بمكيالين وسياسة ازدواج المعايير والعبث بالحقوق وإنكار الالتزامات والمراوغة التى تصل إلى حد الكذب والافتراء والادعاءات المغلوطة، كذلك فإنه لم يعد أمام الشعب الفلسطينى المكافح إلا أن يكثف جهوده، وأن يبنى على الواقع المعاصر ما يمكن اعتباره تاريخًا جديدًا لحل الصراع ومواجهة تلك المعاناة المزمنة التى شهدها الشرق الأوسط لما يزيد على ثلاثة أرباع قرن كاملة عانت فيها شعوب المنطقة آلام النزاعات المسلحة والحروب الإقليمية الشاملة وتحولت المشروعات التنموية إلى مشتريات للسلاح، فلم يعد فى مقدور تلك التوجهات أن تحقق أى نجاحات مقبولة فى ظل تلك الظروف العصيبة الضاغطة، فى وقتٍ تتحدث فيه إسرائيل مدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية عن ضرورة التطبيع مع الدول العربية خصوصًا المملكة العربية السعودية، باعتبارها القلعة الأخيرة للقبول الطوعى من الجانب العربى والإسلامى تجاه سياسات إسرائيل، والغريب فى الأمر أن إسرائيل التى تخطط للتهجير تتطلع فى الوقت ذاته إلى التطبيع مع الدول العربية متجاهلة الحقوق الفلسطينية فى محاولة للقفز عليها، وتجاوزها لمصلحة أهدافها الاستيطانية ومخططاتها التوسعية.

إن ما تشهده المنطقة حاليًا يمكن أن يكون هو المخاض الكبير لمؤتمر دولى للسلام تدعو إليه الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها بدعم عربى وقبول إسرائيلى، بحيث يجرى فتح جميع الملفات بضمير نقى من كل الأطراف ولو لأول مرة حتى يمكن إيجاد مخرج لذلك الصراع الطويل الذى هدد ويهدد الشرق الأوسط وأثر ويؤثر على مستقبله كثيرًا.

arabstoday

GMT 02:43 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

4 ساعات مللاً

GMT 02:41 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

ترامب والأردن... واللاءات المفيدة!

GMT 02:31 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

رسائل محمد الطويّان المفتوحة والمغلقة

GMT 02:28 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

الشرق الأوسط... تشكلٌ جديدٌ

GMT 02:25 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

سنتان أميركيتان مفصليتان في تاريخ العالم

GMT 02:21 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

متى يراجع الفلسطينيون ما حدث؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شريعة الغاب والإفلات من العقاب شريعة الغاب والإفلات من العقاب



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 11:08 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

أفضل خامات الستائر وتنسيقها مع ديكور المنزل
 العرب اليوم - أفضل خامات الستائر وتنسيقها مع ديكور المنزل

GMT 13:03 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

البطولات النسائية تسيطر على دراما رمضان 2025
 العرب اليوم - البطولات النسائية تسيطر على دراما رمضان 2025

GMT 13:51 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

إيران لم تيأس بعد من نجاح مشروعها!

GMT 17:42 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

برشلونة يتعاقد مع مهاجم شاب لتدعيم صفوفه

GMT 02:25 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

سنتان أميركيتان مفصليتان في تاريخ العالم

GMT 12:15 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

زلزال بقوة 4.1 درجة يضرب جنوب شرق تايوان

GMT 12:05 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

انفجار قنبلة وسط العاصمة السورية دمشق

GMT 02:41 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

ترامب والأردن... واللاءات المفيدة!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab