العصر الليبرالى

العصر الليبرالى

العصر الليبرالى

 العرب اليوم -

العصر الليبرالى

بقلم - مصطفى الفقي

عندما بدأت العمل فى سفارتنا بالهند عام 1979 كان رئيس الوزراء هو مورارجى ديساى لأن السيدة (أنديرا غاندى)، رئيسة الوزراء السابقة وقتها، قد سقطت فى الانتخابات بدائرتها الأساسية.

وبالتالى فقدت منصبها، وشعرت بانبهار شديد لديمقراطية الهنود التى أسقطت رئيسة الوزراء فى دائرتها الانتخابية من المرحلة الأولى بعد أن كانت ملء السمع والبصر، فهى ابنة مهندس الهند الحديثة (جواهر لال نهرو) وصاحبة الشخصية الأسطورية فى السياسة والحكم حينذاك.

وقد تولت رئاسة الحكومة بعد وفاة (لال بهادور شاستريى)، الذى خلف والدها فى رئاسة الوزراء، ثم توفى فجأة فى طشقند أثناء مباحثات لتسوية النزاع الهندى الباكستانى.

لكنى استدركت وتذكرت وقتها التقاليد المصرية فى العصر الليبرالى (1922- 1952) عندما أسقط أبناء دائرة منيا القمح بمحافظة الشرقية فى مصر رئيس الوزراء يحيى باشا إبراهيم فى دائرته الانتخابية.

بما أدى إلى إعفائه من رئاسة الحكومة، وذلك يعنى ببساطة أن المصريين لديهم تراث ديمقراطى يجب أن نتذكره دائمًا، فلقد كان ذلك العصر الذى يحكم مصر فيها ملك فى ظل سلطة الاحتلال البريطانى هو الفيصل فى إدارة شؤون البلاد.

لكن ذلك كان يجرى فى دولة نظامها شبه برلمانى، الملك فيها هو الأول مراسميًا، ولكن رئيس الوزراء هو الأول سياسيًا واستقام الوضع على هذا النحو حتى ثورة 1952، ولقد شاءت ظروف عملى الدبلوماسى بعد ذلك أن أخدم بلادى فى دول ثلاث وهى: بريطانيا والهند والنمسا.

وتصادف أن هذه الدول الثلاث تأخذ بالنظام البرلمانى الذى كانت تتطلع إليه مصر فى الفترة الليبرالية من تاريخها المعاصر، وكان فى بريطانيا رئيس الوزراء هو رئيس السلطة التنفيذية وينسحب ذات الأمر على رئيس الوزراء فى الهند ويلحقهما المستشار النمساوى بصلاحيات رئيس الوزراء.

ولذلك وقر فى ضميرى أن النظام البرلمانى أفضل من النظام الرئاسى أو المختلط بين الاثنين، لكن ذلك يقتضى توافر بعض المقومات غير المتاحة لدينا حتى الآن، وأولها وجود أحزاب سياسية قوية تمارس عملها بفاعلية.

وتملك القدرة على الحركة السياسية فى مجتمع مفتوح ودولة تتمتع بالديمقراطية، كما أن الأمر يقتضى أيضًا درجة من الوعى تؤهل لفهم التقاليد الديمقراطية الصحيحة فى ظل مجلسين نيابيين مثل (اللوك سابها والراجا سابها) فى الهند حتى لو اقتصر الأمر على مجلس نيابى واحد فإن حيوية العمل البرلمانى سوف تجعل كفاءته التشريعية والرقابية على مستوى يليق بالدولة البرلمانية.

وأنا أدرك صعوبة تطبيق ذلك فى بلادنا لأسباب يطول شرحها، لكنى أتطلع إلى يوم يتحقق فيه ذلك حيث يكون رئيس الدولة هو رمزها الأعلى، وهو الأسبق مراسميًا عن كل ما عداه، بينما يأتى دور رئيس الوزراء باعتباره رئيس السلطة التنفيذية الفاعل الذى يدير شؤون البلاد.

ويأتى بانتخابات حرة ممثلًا لحزب واحد أو الائتلاف بينها، بحيث يكون وجوده مرتبطًا بشعبية الحزب الذى جاء به، واستمرار الظروف التى أوصلته إلى مقعد رئيس الوزراء، لذلك فإن النظام البرلمانى المصرى فى العصر الليبرالى لم يكن سليمًا مائة بالمائة.

فقد اعترضته تدخلات غير مبررة من القصر الملكى، وضغوط واضحة من الوجود الأجنبى، ولعلنا نتذكر أننا نمر هذه الأيام بذكرى حادث 4 فبرابر 1942 عندما أحاطت الدبابات البريطانية بقصر عابدين لتجبر الملك على تشكيل وزارة يقودها حزب الأغلبية حينذاك.

وهو حزب الوفد، وبرغم أن الأمر فى نهايته قد يصب فى خانة الديمقراطية الحقيقية إلا أن الإجراءات التى وصل بها حزب الوفد وقتها إلى الحكم لم تكن مرضية للشعور الوطنى والواقع السياسى.

إننا نقول هنا صراحة إن أنسب النظم الدستورية للحكم فى بلادنا يدور حول النظام البرلمانى، لكن الأمر يحتاج إلى تمهيد طويل واستعداد شامل يسمح بوجود البيئة السياسية والمناخ الثقافى الذى يؤمن بالتعددية الحقيقية فى ظل نظام برلمانى صحيح.

هذه بعض أمنياتى كمواطن مصرى يدرك صعوبة الظروف التى نعيش فيها والتحديات التى تواجه وطننا على نحو غير مسبوق، لكننى واثق من أننا سوف نجتاز الصعاب، فما أكثر ما عاشت مصر من لحظات صعبة وما مرت به من ظروف ضاغطة عبر العقود الأخيرة.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العصر الليبرالى العصر الليبرالى



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:39 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
 العرب اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 08:03 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
 العرب اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 07:49 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
 العرب اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 09:07 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

تامر حسني يكشف حقيقة عودته لبسمة بوسيل ويصدم الجمهور
 العرب اليوم - تامر حسني يكشف حقيقة عودته لبسمة بوسيل ويصدم الجمهور

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 06:40 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

2024 سنة نجاحات مغربيّة

GMT 06:32 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

هل قرأت افتتاحية «داعش» اليوم؟!

GMT 08:12 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

ممرات الشرق الآمنة ما بعد الأسد

GMT 09:29 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

للمرة الأولى بعد «الطائف» هناك فرصة لبناء الدولة!

GMT 14:10 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

رسميا الكويت تستضيف بطولة أساطير الخليج

GMT 06:30 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

ما تم اكتشافه بعد سقوط النظام السوري!

GMT 11:26 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يتفقدان سجن صيدنايا في سوريا

GMT 14:14 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 4.7 درجة يضرب مدينة "سيبي" الباكستانية

GMT 14:10 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

جيش الاحتلال يرصد إطلاق صاروخين من شمال غزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab