التعليم والصعود الطبقى

التعليم والصعود الطبقى

التعليم والصعود الطبقى

 العرب اليوم -

التعليم والصعود الطبقى

بقلم -مصطفى الفقي

يُعتبر التعليم فى نهاية الأمر هو الحصول على الدرجة العلمية المنشودة، وهو إحدى درجات سلم الصعود الطبقى والتدرج الوظيفى فى حياة المصريين منذ أكثر من قرن ونصف قرن حتى الآن.

فقد أدت حيازة الشهادة الدراسية إلى نقلة نوعية للأفراد من مستوى معين إلى مستوى آخر ودفعت بهم إلى أعلى اجتماعيًّا وثقافيًّا وسمحت ببروز شخصيات صعدت من قاع المجتمع إلى قمته، وليس صحيحًا أن فترة ما قبل 1952 قد حرمت جميع المصريين من الوصول إلى ما يريدون، فلقد تبوأ أبناء الطبقة المتوسطة مواقع مهمة فى مناحى الحياة المصرية المختلفة.

فلم يكن على مبارك ولا طه حسين ولا محمود فهمى النقراشى ولا غيرهم أبناء طبقة عليا فى البداية، ولكن العلم يرفع بيوتًا لا عماد لها، كما أن الجهل يهدم بيت العز والكرم، كذلك فإن الحصول على الشهادات أحيانًا ليس هو تذكرة العبور الوحيدة إلى القمة، ويكفى أن نتذكر اسم المفكر الكبير عباس محمود العقاد نموذجًا لذلك.

فالمشهد العام لحياتنا ولشعوب أخرى غيرنا يؤكد أن التعليم هو السلم الذى تصعده الطبقات الفقيرة والمتوسطة للحاق بمدارج المجد ومستويات التميز، فالصعود الطبقى يرتبط دائمًا بالاستنارة والتعليم اللذين يؤديان إلى ميلاد الرؤية الشاملة والنظرة الثاقبة للأمور.

كما أن جدولة الذهن وتنظيم العقل وهندسة أسلوب المعيشة تُعتبر كلها مقومات لازمة لصعود السلم، خصوصًا لأبناء أعيان الريف، من أمثال أحمد لطفى السيد ومحمد حسين هيكل وغيرهما مرورًا بشخصيات كثيرة فى مجالات السياسة والأدب والفن والعلم أيضًا.

وقد كان جواز مرورهم كلهم هو الانتظام فى الدراسة والحصول المستحق على شهادة علمية قد تؤهل صاحبها بالسفر إلى الخارج ليعود إلى المناصب الرفيعة والدرجات العليا فى المجتمع.

بل إن بعض العائلات الأرستقراطية مثل عائلتى محمود وعبدالرازق فى صعيد مصر قد اكتشفتا مبكرًا أهمية التعليم فى تعزيز أوضاعهما وتمييز مكانتهما، وأنا أكتب هذه السطور الآن أتذكر أيضًا أن الموهبة قد أعطت صاحبها ما يستحق، خصوصًا فى مجالى الأدب والفن، فأم كلثوم وعبدالوهاب ونجيب محفوظ وصاحب الصوت العاطفى الفريد عبدالحليم حافظ هؤلاء وغيرهم عشرات دفعت بهم الموهبة إلى أعلى لأنهم تمكنوا من صقلها.

واشتغل كل واحد منهم على نفسه فى جهاد حقيقى واستنارة كاملة، بل إن النماذج لمَن اعتمدوا على التعليم فى الصعود الطبقى تبدو واضحة فى تاريخنا المعاصر، خصوصًا بعد أن انتهت سطوة الإقطاع.

وتراجع القطاع الخاص نسبيًّا، مع حركة التأمين والتنسيق، على نحو جعل التعليم يصبح هو السلم الوحيد للصعود الطبقى والانتقال إلى المدارج العليا على الساحة العامة، فبطل ثورة 1919 سعد زغلول هو ابن الطبقة المتوسطة لأعيان الريف، وكذلك كان النحاس، بل إن مكرم عبيد، الملقب بـ«المجاهد الكبير»، قد شق طريقه الطويل من عائلة صعيدية أوصلته للدراسة فى جامعة أكسفورد الإنجليزية ليعود بعد ذلك سكرتيرًا عامًّا لحزب الوفد، حزب الأغلبية.

كما شهدنا عائلات متوسطة وأسرًا فقيرة باعت ما تملك من أجل تعليم أبنائها لأن ذلك هو الطريق المتاح للصعود الطبقى مهما كانت الظروف والملابسات، بل إن كلًّا منّا يحفظ فى ذاكرته نماذج لعشرات الأسماء من أبناء الطبقات الأكثر عددًا والأشد فقرًا.

والذين استطاعوا أن يمخروا عباب المياه الراكدة ليصلوا إلى الشاطئ الآخر للنهر بقدراتهم وحرصهم على تحقيق أهدافهم وبلوغ غايتهم. إن التعليم هو استثمار بشرى له عائده، وهو الطريق الآمن لمستقبل أفضل للإنسان والأوطان.

ونحن فى مصر أشد ما نكون حاجة إلى توظيف التعليم فى خدمة المجتمع حتى لا يتوقف التعليم على مجرد الحصول على شهادة للوجاهة الاجتماعية، بل لابد من إيمان عميق بأن التعليم هو مستقبل الوطن، والطريق إلى الخلاص لطبقات عانت كثيرًا، وآن لها أن تستريح، ولو قليلًا.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التعليم والصعود الطبقى التعليم والصعود الطبقى



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:39 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
 العرب اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 08:03 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
 العرب اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 07:49 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
 العرب اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 09:07 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

تامر حسني يكشف حقيقة عودته لبسمة بوسيل ويصدم الجمهور
 العرب اليوم - تامر حسني يكشف حقيقة عودته لبسمة بوسيل ويصدم الجمهور

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 06:40 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

2024 سنة نجاحات مغربيّة

GMT 06:32 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

هل قرأت افتتاحية «داعش» اليوم؟!

GMT 08:12 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

ممرات الشرق الآمنة ما بعد الأسد

GMT 09:29 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

للمرة الأولى بعد «الطائف» هناك فرصة لبناء الدولة!

GMT 14:10 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

رسميا الكويت تستضيف بطولة أساطير الخليج

GMT 06:30 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

ما تم اكتشافه بعد سقوط النظام السوري!

GMT 11:26 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يتفقدان سجن صيدنايا في سوريا

GMT 14:14 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 4.7 درجة يضرب مدينة "سيبي" الباكستانية

GMT 14:10 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

جيش الاحتلال يرصد إطلاق صاروخين من شمال غزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab