بقلم - مصطفى الفقي
عندما يتيه المصريون والعرب والأفارقة باسم جراح القلب المصرى العالمى مجدى يعقوب فإننا نتذكر إلى جواره أساطين الجراحة المصرية فى عهودها المختلفة، ودون الدخول فى عشرات الأسماء الكبرى فإننى أتذكر اسم إبراهيم بدران كنموذج رحل عن عالمنا منذ سنوات قليلة، وكان جراحًا مشهودًا له بالكفاءة والبراعة، ولى صديق أعتز به كثيرًا ويعتز به معظم المصريين وأعتبره مصدر ثقة فى قرارات الجراحة وإجراءاتها وأنواعها وتوقيت الإقدام عليها، وأعنى به الأستاذ الدكتور أسامة سليمان، الأستاذ المتفرغ فى قصر العينى، ومدير معهد الأورام الأسبق، ورئيس مجلس الإدارة السابق لمستشفى 57357، ولو لفترة قصيرة بعد ثورة 25 يناير 2011، ولقد عرفت الدكتور أسامة منذ عشرات السنين، ولفتت نظرى أمانته العلمية ودقته الجراحية وإيمانه بأن رعاية مرضاه واجب لا يعلوه واجب آخر، إن أسامة سليمان هو ابن العالم الكبير أستاذ الطب الشرعى الدكتور محمد أحمد سليمان، الذى كان نائبًا لرئيس جامعة القاهرة، ثم رئيسًا لجامعة الأزهر، وهو الذى أنجب النوابغ فى الهندسة والطب، فالدكتور طاهر سليمان، أستاذ الأنف والأذن والحنجرة الشهير، هو شقيق الدكتور أسامة سليمان، ولهما أخ مهندس معمارى لامع، ولقد تعرفت على عدد كبير من أساتذة قصر العينى وعين شمس من خلال الدكتور الراحل خيرى سمرة، أستاذ جراحة المخ والأعصاب، الذى كان زميلًا للوزير عمرو موسى فى المدرسة بمدينة طنطا، كما عرفت أستاذًا مرموقًا وجراحًا معروفًا رحل عن عالمنا منذ شهور قليلة، وأعنى به الأستاذ الدكتور راضى سعد، الذى خرجت جنازته المهيبة من مبنى قصر العينى اعترافًا بأن تلك المدرسة الطبية الكبرى فى الشرق كله هى حاضنة الكفاءات وبيئة النابغين التى وفرت المناخ الملائم لكبار الأطباء وأشهر الجراحين والعلماء، وقدمت للوطن مواكب متتابعة من حملة (المشارط) الذين ينتزعون الآلام ويعملون دائمًا بما يجب أن يقدمه الطب المعاصر والجراحة الحديثة،
وتكمن أهمية أسامة سليمان بين كل أقرانه فى ابتعاده عن المناصب بل وزهده فيها، كما أنه يمثل مدرسة متوازنة فى الجراحة، فهو لا يفتح مريضًا بدون حاجة، ولا يترك مريضًا يحتاج إلى جراحة، وتجمعنى به مجموعة من الأصدقاء، فى مقدمتهم صديق طفولتى الدكتور حمزة الخولى، الذى أصبح من كبار رجال الأعمال داخل المملكة العربية السعودية وخارجها، وقد كان زميلى فى الفصل الدراسى ونحن فى عمر الزهور بمدارس مدينة دمنهور، قبل أن ينتقل والده إلى الرياض طبيبًا ملكيًا خاصًا بسبب شهرته المعروفة كأستاذ فى طب العيون، إننى أتحدث اليوم فى هذا المقال الموجز عن النطاسى البارع والجراح المتمكن أسامة سليمان باعتباره صاحب مدرسة مصرية فى الجراحات المتطورة، فالرجل لا يتوقف عند مرحلة معينة بل هو على دراية بأحدث وسائل الجراحة، ومتابع ممتاز لمشكلاتها وتداعيات نتائجها، ويتميز الرجل إلى جانب ذلك بالدفء الإنسانى والتواضع الشديد مع روح لا تخلو من سخرية ذكية تجعله قريبًا من مرضاه، مألوفًا لدى من يترددون عليه، ولا يتوقف عطاؤه عند الجراحات العادية بل هو أستاذ مشهود له بالكفاءة العالية فى جراحات الأورام التى تحتاج إلى قدرة كبيرة عند الاكتشاف، وأمانة شديدة فى اختيار القرار المناسب لعلاج المريض الذى يواجه ذلك المرض الخبيث، وما أكثر المئات الذين حقق الله لهم الشفاء على يديه وكتب لهم أعمارًا جديدة بجهد وأمانة وشفافية أسامة سليمان، وكل من يسلكون طريقه وينهجون نهجه، إننى أعتز بالدكتور أسامة صديقًا غاليًا وإنسانًا شريفًا وجراحًا عالميًا، وأقول إن مصر كبيرة بأبنائها فى مدارس الطب والدبلوماسية والمحاماة تحت مظلة القضاء الشامخ، وفى رعاية الدولة التى عايشت طفولة التاريخ ومضت معه بالعطاء والتنوير والنهضة لمئات السنين.