وحدة السودان والمخاطر المحتملة

وحدة السودان والمخاطر المحتملة

وحدة السودان والمخاطر المحتملة

 العرب اليوم -

وحدة السودان والمخاطر المحتملة

بقلم - مصطفي الفقي

يتصور البعض أن ما جرى فى السودان هو نوع من المواجهة الداخلية أو حتى الحرب الأهلية لفترة محددة، ولكن الأمر فى رأينا يتجاوز ذلك كثيرًا فما حدث هو بداية لا تبدو لها نهاية، إنها جزء من مخطط إقليمى خبيث يستهدف السودان وبعض جيرانه ولكنه يبدأ خطته بعملية تفكيك للتماسك الإقليمى ووحدة الأراضى السودانية، إذ إنه من الواضح أن الاستهداف الكبير يسعى لأن يحصد نتائج تخدم أغراضًا معينة وتحقق مزايا إقليمية لأطراف أخرى، فالذى جرى فى السودان يعيده عشرات السنين إلى الوراء ويجعله ضحية حقيقية لمخطط آثم لا نود أن نستسلم له بشكل مطلق ولكننا نستطيع التعرف عليه من خلال الشواهد التى أصبحت واضحة إلى حد كبير، ولذلك فإننى أضع النقاط فوق الحروف التالية:

أولًا: إن تركيز الأعمال العسكرية على غرب السودان وإقليم دارفور تحديدًا تبدو أمامنا محاولة لفصل ذلك الإقليم وإقامة دولة سودانية ثالثة بعد تمزيق وحدة ذلك البلد الكبير وفى ظل ظروف يمكن أن تسمح بذلك بل وتساعد عليه، ويبقى شرق السودان بمساحته الواسعة وفراغه السكانى النسبى مطمعًا لقوى إقليمية فى مقدمتها إثيوبيا خصوصًا فى ظل حكم آبى أحمد بتطلعاته الواسعة وأحلامه الكبيرة، وتكون هذه المحاولة لتفكيك الدولة السودانية هى مقدمة لمزيد من تمزيق السودان وتحويله إلى دويلات صغيرة تجد بعض القوى الإقليمية فيها موطئًا لقدم ونقطة للانطلاق والانتشار، ولا أريد أن أسمى تلك الدول الإقليمية فالكل يعرف من يمارس الدعم للفصائل المتمردة على حساب وحدة السودان وتماسك مكانته.

ثانيًا: إن السودان ظل لعدة عقود خصوصًا فى ظل حكم البشير مرتعًا لقوى وجماعات خارج القانون وبعيدًا عن مؤسسات الدولة مع القبول بالاندماج السياسى المرحلى بين بعض الأطراف، خصوصًا تلك التى تعتبر ذاتها خاسرة فى الشهور الأخيرة، بما يعنى أن هناك محاولة لإحياء حركة الإخوان المسلمين وتثبيت الحراسة عليهم وتشجيع عناصر متطرفة أخرى لاقتحام المشهد وممارسة أعمال تبدو وكأنها مقدمات لحدث كبير، خصوصًا أن كثيرًا من المؤسسات المعنية كانت حريصة على مسايرة الأوضاع الجديدة فى البلاد وإظهار الدعم لها، والذين تابعوا عمليات التدمير والتخريب التى جرى تبادلها بين الطرفين لا بد أن يشعر بدرجة عالية من الحزن لأن السودان كان قد بدأ مسيرته نحو الاستقرار والاتجاه للحكم المدنى وتصفية الجيوش الصغيرة على امتداد الخريطة الجديدة.

ثالثًا: إن الشعب السودانى المعروف بعشقه للحرية وتمسكه بالمعايير الوطنية لا يستطيع الغفران أو حتى النسيان لما أحاط بالبلاد وما أصاب تركيبتها الوطنية بالصورة التى شهدناها، إن السودانيين معروفون بالإباء والشمم، وشديدو الحساسية لكرامتهم كرد فعل لمسيرة طويلة من الاحتكاك بالقوى الاستعمارية الطامعة فى السودان أرضًا ونهرًا وسيادة، لذلك يتعين على كل من يتصدى للأزمة السودانية بأن يكون مقبولًا من ذلك الشعب ومطلوبًا منه، أما إذا شعر السودانى أن ما يجرى هو عملية تملق مرحلية فإنه لن يستجيب لها مهما تكن الظروف والملابسات.

رابعًا: إن ما جرى فى السودان قد غطى على الملء الرابع لسد النهضة وصرف الأنظار الدولية والمحلية عن نتائج ذلك الملف الشائك، ولذلك فإن مصر وأيضًا السودان خاسرتان من انفجار ذلك البركان الذى هز أعماق السودانيين وجيرانهم وفرغ الجانب السودانى والمصرى من قدراته أمام مراوغة الإثيوبيين وسياساتهم الأحادية والمنفردة، ويظل أمام مصر عمق استراتيجى كبير يمكن أن يؤدى إلى شحن المشاعر المصرية والسودانية فى مواجهة القوى التى تسعى إلى تخريب الجهود المبذولة لوضع نهاية للجمود والغطرسة فى ملف ذلك السد الشائك.

خامسًا: إن ما جرى ويجرى فى السودان هو صدام حول الثروة وليس صدامًا من أجل الثورة إذ إن قصة الذهب ومناجمه وحيازة أجزاء كبيرة منها لا تبدو قليلة ولكنها تظهر أمامنا على الأقل أكبر بكثير من مواجهات القتال، ومصر من جانبها ترقب ما يجرى عن كثب وهى تؤمن تمامًا بأنه لا يصح إلا الصحيح، كما أنها تدرك أن دورها فى المحيط الإقليمى بل والفضاء الدولى يسمحان لها بحرية الحركة لمصلحة الشعب السودانى أولًا وجيرانه ثانيًا.

هذه سطور عاجلة تجسد مخاوف كبيرة من أن تتحول أزمة السودان إلى عملية تفكيك لمفاصل تلك الدولة العربية الإفريقية ووقتها لن يجدى البكاء على اللبن المسكوب.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وحدة السودان والمخاطر المحتملة وحدة السودان والمخاطر المحتملة



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:39 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
 العرب اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 08:03 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
 العرب اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 07:49 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
 العرب اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 09:07 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

تامر حسني يكشف حقيقة عودته لبسمة بوسيل ويصدم الجمهور
 العرب اليوم - تامر حسني يكشف حقيقة عودته لبسمة بوسيل ويصدم الجمهور

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 06:40 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

2024 سنة نجاحات مغربيّة

GMT 06:32 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

هل قرأت افتتاحية «داعش» اليوم؟!

GMT 08:12 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

ممرات الشرق الآمنة ما بعد الأسد

GMT 09:29 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

للمرة الأولى بعد «الطائف» هناك فرصة لبناء الدولة!

GMT 14:10 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

رسميا الكويت تستضيف بطولة أساطير الخليج

GMT 06:30 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

ما تم اكتشافه بعد سقوط النظام السوري!

GMT 11:26 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يتفقدان سجن صيدنايا في سوريا

GMT 14:14 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 4.7 درجة يضرب مدينة "سيبي" الباكستانية

GMT 14:10 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

جيش الاحتلال يرصد إطلاق صاروخين من شمال غزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab