قصة الأمس

قصة الأمس

قصة الأمس

 العرب اليوم -

قصة الأمس

بقلم - مصطفى الفقي

هو عنوان قصيدة رائعة شدَت بها أم كلثوم ذات يوم، ولكنه أيضًا عنوان مذكرات ثرية لصديق عزيز، هو السفير نبيل نجم، سفير العراق الأسبق فى القاهرة، وقد عرفته عن قرب فى سنوات خدمتى فى مؤسسة الرئاسة، حيث كنت أمثل حلقة الوصل بين الرئيس الراحل حسنى مبارك، وكان هو يمثل على الجانب الآخر الرئيس العراقى الراحل صدام حسين، ولكن باعتدال وموضوعية جعلاه قادرًا فى ذلك الوقت على أن يكسب ثقة الرئيس مبارك، ويصبح حاملًا للرسائل المتبادلة بين القاهرة وبغداد، بعد الغزو العراقى المشؤوم للكويت، فكنت أستقبله ونذهب إلى الرئيس فى استراحة برج العرب، حيث كانت شهور الصيف بعد الغزو الذى جرى فى الثانى من أغسطس عام 1990، وكانت الرسائل تدور حول الغزو وأسبابه، وكان الرئيس المصرى الراحل حريصًا على تفادى الصدام بين العراق والدول الغربية، خصوصًا الولايات المتحدة الأمريكية، من أجل سلامة العراق واستقرار المنطقة، وكانت ردود الرئيس العراقى خشنة ومنتقدة للموقف المصرى، الذى كان يدين الغزو رغم العلاقات التى كانت وثيقة بين القاهرة وبغداد فى العامين الأخيرين قبل الغزو، حيث أسهم العراق، بل صدام حسين شخصيًا، فى عودة مصر إلى أمتها العربية وعودة العرب إلى الشقيقة الكبرى.

وتبدو أهمية كتاب نبيل نجم فى الدرجة العالية من المصداقية والحياد الموضوعى قدر الإمكان، فضلًا عن إلمامه الواضح بالشؤون العربية وفهمه الدقيق للأوضاع المصرية، إلى جانب إدراكه الشأن المصرى العام، حتى تكاد تكون مصر هى وطنه الثانى بعد بلاد الرافدين، لذلك اختارها مستقرًا له ولأسرته الكريمة، وكأنه يحمل رسالة الفرات إلى النيل فى كل وقت، وقد تعرض الدكتور نبيل نجم فى مذكراته إلى الأحداث الساخنة الواقعة بين غزو الكويت وتحريره، حيث ظل فى العراق بعد أن انتهت خدمته بالقاهرة إلى أن غزت الولايات المتحدة الأمريكية بلاده دون غطاء من الشرعية الدولية، ولكن وفقًا لمعلومات مُضلِّلة عن حيازة نظام صدام حسين لأسلحة الدمار الشامل، بل تزوير قصص عن علاقته بتنظيم القاعدة، ولسنا هنا فى محل تبنى وجهة نظر مع أو ضد طرف أمام الآخر، ولكن الأمر الذى لا جدال فيه هو أن تلك الأيام البائسة قد أدت إلى تداعيات مازالت قائمة على المشهد العربى كله، وبعد قمة القاهرة فى 10 أغسطس عام 1990 وبداية تصدع العلاقات العربية- العربية، يقول الدكتور نبيل نجم نصًا فى صفحة 448 وما بعدها من كتابه: (وجّه الرئيس مبارك يوم 19 أغسطس عام 1990 أول رسالة شفوية للرئيس صدام بعد القمة، إذ استُدعيت إلى مكتب الرئيس، وأبلغنى الدكتور مصطفى الفقى، سكرتير الرئيس مبارك للمعلومات، برسالة شفوية، وكان يقرأ نصها من ورقة مكتوبة: يبعث الرئيس تحياته للرئيس صدام ويرجو الرئيس التفكير فى حل للخروج من هذا المأزق وأن الرئيس مستعد لإجراء أى اتصالات أو مبادرات يرى فيها العراق سبيلًا للخلاص من الوضع الخطير القائم).
وقد تحدث الرئيس مبارك هاتفيًا مع السفير الدكتور نبيل نجم، المتواجد فى مكتب سكرتيره للمعلومات، طالبًا نقل تحياته للرئيس صدام، مضيفًا أن العالم أجمع ضد العراق، وعلى العراق أن يتخذ القرار اللازم لتفادى خطورة الموقف، وقد جاء، فى رسالة الرئيس صدام، ردًا على رسالة الرئيس مبارك، قوله نصًا: (كنا دائمًا نتعامل مع الرئيس حسنى مبارك كأخ وصديق، وكان هو نفسه يُظهر فى تصرفه وفى ما يقول المعانى نفسها، وعندما تكون العلاقة على هذا المستوى هل يجوز أن تُمحى بين ليلة وضحاها ومن غير مقدمات تدل على تغيير الموقف والحال؟ وكان أكثر ما آلمنا فى موقف الرئيس مبارك هو تقوُّله علينا بأننا قد وعدناه بعدم استخدام القوة وعملنا بخلاف ذلك، وكل الذين جاءوا معه إلى بغداد وحضروا لقاء يوم 23 يوليو- وهم وزير الإعلام صفوت الشريف ومصطفى الفقى والدكتور أسامة الباز- يدركون أن هذا الوعد لم يحصل)، ولكن الرئيس مبارك قد تصور ذلك مما قاله «صدام» أمام الوفدين، حيث كان الوفد المصرى متجهًا إلى الكويت: (أبا علاء لا تطمئنهم واتركهم خائفين). هذه فقرات من كتاب يُعتبر سردًا مُوثَّقًا لمرحلة حرجة- شهدتها كما شهدها الدكتور نبيل نجم- تؤرخ لفترة مؤلمة من التاريخ العربى المعاصر.. إننى أحيى قصة الأمس واليوم والغد مما كتبه الدبلوماسى العراقى السابق، والشخصية البارزة والمؤثرة فى تلك الفترة، وأدعو جامعة الدول العربية ووزارات الخارجية فى العواصم المختلفة إلى اقتناء هذا السفر الضخم، الذى يتجاوز حجمه 750 صفحة، والصادر عن دار بدائل للنشر فى القاهرة، لكاتب رصين ودبلوماسى متمرس، يعيش بين أهله فى القاهرة، ويتغنى بذكرياته فى العراق، ذلك الوطن الذى يعيش معه دائمًا.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قصة الأمس قصة الأمس



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:50 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل
 العرب اليوم - مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
 العرب اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 22:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان

GMT 10:02 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

اثنان فيتو ضد العرب!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab