اعترافات ومراجعات 61 الانتماء العاطفي لليسار

اعترافات ومراجعات (61) الانتماء العاطفي لليسار

اعترافات ومراجعات (61) الانتماء العاطفي لليسار

 العرب اليوم -

اعترافات ومراجعات 61 الانتماء العاطفي لليسار

بقلم:مصطفى الفقي

استقبلت فى صدر شبابى أدبيات العصر الناصرى وما كان يحيط بها من تعاطف مع التيارات اليسارية والإحساس بالرغبة فى تغيير المسار الدولى لصالح القوى التقدمية أو المناصرة لها، وظل الأمر كذلك لسنوات تجاوزت فترة المراهقة السياسية إلى فترة الرشد الفكرى، حيث أصبح المرء يعيد النظر فى المعطيات التى اختزنها عبر السنين، ولقد اكتشفت أن جزءًا كبيرًا من التركيبة الذهنية والعقلية السياسية مرتبط، إلى حد كبير، بالمناخ الدولى والبيئة المحلية، وكلاهما كان يصب فى قناةٍ تؤدى إلى التعاطف مع اليسار والرغبة فى الانتماء إليه، وظل الأمر كذلك فى سنوات العصر الناصرى التى رأينا فيها ما لا يمكن إنكاره من كاريزما الزعيم والشعور بالانتماء إليه رغم الإحباطات والانتكاسات، ولكن ظل البطل القومى شامخًا كعادته، بل لقد قضى إلى رحاب ربه واقفًا كالنخيل الباسقات، واتجه إلى إعادة ترتيب أوراقه والدفع بجيش مصرى عصرى نحو المستقبل المأمول، ورغم التراجعات التى بدت فى مراحل معينة، منها حرب اليمن وسقوط دولة الوحدة، ولكن ثالثة الأثافى ونقطة التحول الكبرى كانت هى هزيمة يونيو ١٩٦٧ وما لحق بها من تحولات وإحباطات مؤلمة وهزيمة نفسية كاسحة، فلقد انتقلنا بها من هزيمة المشروع القومى إلى محاولة إحياء المشروع الإسلامى، وظل المحوران فى صراعٍ لا ينتهى وتماسٍ مشهود، ذلك أن الدين متجذر فى أعماق المصريين، سواء كانوا من أتباع الرسالة المحمدية أو من أتباع الكنيسة الأرثوذكسية، ولقد كان ظهور العذراء فوق الكنيسة فى الزيتون إشارةً إلى مرحلة مختلفة وبشارة بوجود أماكن لها من القداسة ما لا يقل أبدًا عن القدس المفقودة أو

الأقصى وكنيسة القيامة، وكلاهما من المقدسات الدينية لدى المصريين، ولقد كانت حفاوة الدولة المصرية بظهور العذراء فى الزيتون فى ذلك الوقت حفاوة سياسية وليست دينية فقط، حتى أشيع أن عبدالناصر قد رآها وهو فى سيارته يستطلع الأمر بطريقة خفية ودون موكب رسمى، لكن الرياح أتت بما لا تشتهى السفن، فأدار الروس ظهر المجن لعبدالناصر، وطالبوا بأسعار فورية للسلاح وتحدثوا بلغةٍ لم يعهدها القائد صاحب الكاريزما التى لا حدود لها، فانعكس ذلك كله على المزاج العام فى مصر وغيرها من دول الشرق الأوسط، واكتشف الجميع أن البوابة التى دخل منها الروس إلى الشرق الأوسط - وهى البوابة المصرية - تكاد تلفظهم إلى خارجها وهى أيضًا البوابة المصرية مرة أخرى، وقد تنامت الآثار القوية للمشروع الإسلامى فى كافة الاتجاهات بعد ذلك حتى شعر الجميع بأن سبب الهزيمة والإخفاق فى معارك يونيو ١٩٦٧ إنما يرجع، فى جزء منه، إلى هجرة المصريين من دينهم وتعلقهم بعناصر وأفكار خارجية، ويكفى أن نتذكر هنا، لمن لا يعلم، أن الجيش المصرى كان يحتفل بعيد ميلاد لينين كما لو كان بطلاً قوميًا عروبيًا أو إسلاميًا أو مصريًا!، ولقد ظل الأمر كذلك إلى أن طرد السادات الخبراء السوفييت، وبدأ فصل جديد من العلاقات بين رؤوس التحول وبين شخصيات أخرى ذات طابع قومى ومحلى، وأدرك الجميع أن السياسة فى الشرق الأوسط لا يمكن أن تحدث أو تتطور إلا إذا تغيرت العقليات وخلصت الضمائر وشعر الجميع بذلك، فإما أن ننجو جميعًا أو أن يغرق الكل، ورغم سقوط الاتحاد السوفيتى السابق والانتهاء الرسمى للمنظومة اليسارية إلا أن الفكر الماركسى ظل مختزنًا فى صدور من يؤمنون بتلك الأيديولوجية، ولذلك استمر الفكر اليسارى ولايزال له وجود فى كثير من القرارات، بل ونتائج الانتخابات فى أركان الدنيا الأربعة، فالأفكار تأتى وتذهب وتتقدم وتتأخر، لكنها لا تموت تمامًا ولا تنتهى أبدًا.

arabstoday

GMT 02:43 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

4 ساعات مللاً

GMT 02:41 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

ترامب والأردن... واللاءات المفيدة!

GMT 02:31 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

رسائل محمد الطويّان المفتوحة والمغلقة

GMT 02:28 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

الشرق الأوسط... تشكلٌ جديدٌ

GMT 02:25 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

سنتان أميركيتان مفصليتان في تاريخ العالم

GMT 02:21 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

متى يراجع الفلسطينيون ما حدث؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اعترافات ومراجعات 61 الانتماء العاطفي لليسار اعترافات ومراجعات 61 الانتماء العاطفي لليسار



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 11:08 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

أفضل خامات الستائر وتنسيقها مع ديكور المنزل
 العرب اليوم - أفضل خامات الستائر وتنسيقها مع ديكور المنزل

GMT 13:03 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

البطولات النسائية تسيطر على دراما رمضان 2025
 العرب اليوم - البطولات النسائية تسيطر على دراما رمضان 2025

GMT 13:51 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

إيران لم تيأس بعد من نجاح مشروعها!

GMT 17:42 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

برشلونة يتعاقد مع مهاجم شاب لتدعيم صفوفه

GMT 02:25 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

سنتان أميركيتان مفصليتان في تاريخ العالم

GMT 12:15 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

زلزال بقوة 4.1 درجة يضرب جنوب شرق تايوان

GMT 12:05 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

انفجار قنبلة وسط العاصمة السورية دمشق

GMT 02:41 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

ترامب والأردن... واللاءات المفيدة!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab