الأزهر ودوره الجديد

الأزهر ودوره الجديد

الأزهر ودوره الجديد

 العرب اليوم -

الأزهر ودوره الجديد

بقلم - مصطفى الفقي

سيظل الحديث عن الأزهر مصدرًا لجاذبية خاصة، باعتباره أيقونة إسلامية على أرضٍ مصرية، والذين يتحدثون عن الأزهر كثيرًا، بل ينتقدون بعض مظاهر الأداء فيه، إنما يفعلون ذلك من منطق الإكبار له وتحميله ما لا طاقة له به، وهى طموحات وآمال معقودة عليه والنتائج المنتظرة منه، فالأزهر الشريف قلعة دينية حفظت التراث الإسلامى ووضعت اللغة العربية (لغة القرآن) فى مكانها الطبيعى لسانًا لشعوبٍ تلقفت الدعوة واحتفت باللغة على مر الزمان، ولقد أصبح الأزهر الشريف فى مرمى حجر فى السنوات الأخيرة، على الرغم من النهضة الملموسة فيه، ذلك أن هناك من يطمحون فى المزيد ويريدون لهذا المركز الإسلامى السنى العريق أن يصبح بحق أداة للإصلاح ومصدرًا للتنوير لا يسبقه العصر ولا يتخلف عن أدواته مهما كانت الأسباب، فلقد دخلته العلوم الحديثة وتنوعت فيه الدراسات المتقدمة، فلم يعد هناك مبررٌ للجمود أو التوقف الماضوى أو الابتعاد عن التجديد الذى هو سُنة الحياة بما لا يمس جوهر العقيدة أو ثوابت الدين، ولنا هنا عدد من الملاحظات أهمها:

أولًا: إن الإمام الأكبر الحالى أستاذ للفلسفة الإسلامية أكمل جزءًا من دراسته العليا فى فرنسا، وهو الطريق الذى سلكه المجددون من قبله بالابتعاث بالخارج والارتباط بعلومه بدءًا من الإمام محمد عبده، مرورًا بأسماء أخرى مثل محمد البهى ومحمود زقزوق، وهما نتاج المدرسة الألمانية فى الدراسات الإسلامية، ولكن يبقى الإمام الطيب فريد بابه، فهو ابن بيتٍ عريق فى صعيد مصر، عُرف بشدة الالتزام بما يؤمن به والقدرة على التوازن فى شتى المواقف، فضلًا عن علمٍ غزير وخلقٍ كريم واحترامٍ للذات وحرص شديد على كبرياء الدعوة ومكانة الأزهر.

ثانيًا: أتذكر بكل الاهتمام والتقدير الدعوة التى تلقيناها - مجموعة من المثقفين المصريين مسلمين ومسيحيين رجالًا ونساءً - بعد أحداث يناير 2011 من الإمام الأكبر يدعونا فيها إلى لقاءاتٍ منتظمة فى مقر المشيخة بحضوره مع وزراء الأوقاف المتعاقبين وكبار رجال الدعوة فى الأزهر الشريف، وكان اللقاء يمثل كافة الاتجاهات المتشددة والوسطية والمعتدلة، مع تنوع تمثيل المدارس الفقهية بين الحاضرين، بل لقد كان اليسار المصرى وبعض رموز التنوير ممن يحملون على الأزهر أحيانًا بحق وبغير حق ممثلين فى تلك اللقاءات، ولكن سعة صدر الإمام والروح الوطنية المصرية التى سادت اللقاء بين المتحلقين حوله وضعتانا فى أجواء جديدة صدرت عنها وثائق كبرى هى وثائق الأزهر الشريف فى ذلك الوقت، والتى اتسمت بالعمق والاعتدال مع احترام الثوابت والرغبة الحقيقية فى التجديد. وأتذكر فى هذا السياق دور الوزير الراحل الدكتور محمود زقزوق، والمستشار الراحل للإمام الأكبر الدكتور محمود عزب، كما أتذكر أننا اعتمدنا فى الصياغة على الناقد الأدبى الكبير الدكتور صلاح فضل، يعاونه مثقف مصرى مرموق هو الأستاذ نبيل عبدالفتاح، واتسمت روح هذه اللقاءات بالحوار الحر البنّاء حول قضايا حرية التعبير وتمكين المرأة والترحيب بالفنون والآداب التى تلتزم بقيم المجتمع وأخلاق أجياله.. فجاءت الوثائق نقاطًا مضيئة فى تاريخ تلك المؤسسة الإسلامية الكبرى، وجرت ترجمة نصوصها إلى اللغات المختلفة، واستبشرنا جميعًا خيرًا بأن الأزهر الشريف تمكّن فى عهد إمامه الجليل من إصدار تلك الوثائق، ولكنها توارت وراء الأحداث ولم يعد ذِكرها قائمًا حتى تجددت الدعوة إلى مضمونها من رئيس البلاد عبدالفتاح السيسى عندما تولى منصب الرئاسة وطرح موضوع تجديد الفكر الدينى هدفًا وغاية له ولمسلمى مصر ومسيحييها على السواء.

 

 

ثالثًا: إن الأزهر الشريف فى ظنى يحتاج إلى مراجعة المناهج الدراسية، خصوصًا فى السنوات الأولى للتعليم مع رقابة علمية مطلوبة على المعاهد الأهلية المنتشرة فى ربوع البلاد، إذ إن المعلومات المتوفرة عنها أن من يقومون بالتدريس فيها غير مؤهلين لذلك، فضلًا عن اضطراب المناهج وغياب الرؤية وضعف المستوى العلمى بشكل ملحوظ. ولا أتصور ذلك الأمر فى أماكن هى الأولى بحفظ كتاب الله وتداول علوم القرآن والفهم الصحيح لسنة رسوله تمهيدًا للقدرة على تنقية الفقه الموروث الذى آل إلينا بعد العصور التى كان بعضها مزدهرًا وبعضها الآخر مظلمًا وبائسًا.

 

 

إننى أكتب هذه السطور على مشارف الشهر الكريم، لكى أجدد الاحترام للأزهر الشريف وإمامه الرشيد، مع أمنياتٍ أن يلعب الأزهر دوره المنتظر الذى يقوم على تراكم خبرة أكثر من ألف عام كان فيها مركزًا لعلوم الدين واللغة وملاذًا للحركة الوطنية ومصدرًا للاعتدال والوسطية

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأزهر ودوره الجديد الأزهر ودوره الجديد



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 20:51 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
 العرب اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس

GMT 07:06 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 6 في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab