اعترافات ومراجعات 62 الاكتئاب سلعة إسرائيلية

اعترافات ومراجعات (62) الاكتئاب سلعة إسرائيلية

اعترافات ومراجعات (62) الاكتئاب سلعة إسرائيلية

 العرب اليوم -

اعترافات ومراجعات 62 الاكتئاب سلعة إسرائيلية

بقلم:مصطفى الفقي

لم يكن عام ٢٠٠٤ عامًا سهلًا بالنسبة لى، ففى الشهور الأولى منه استدعانى الأستاذ الدكتور أحمد فتحى سرور، رئيس مجلس الشعب حينذاك، وكنت وقتها رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالمجلس، وقال لى الدكتور سرور يومها إن دعوة وصلت إليه من رئيس الكنيست الإسرائيلى ليكون ضيفًا على الحفل الكبير الذى يقيمه البرلمان الإسرائيلى بمناسبة مرور خمسة وعشرين عامًا على توقيع اتفاقية السلام فى ٢٦ مارس ١٩٧٩، وأضاف رئيس مجلس الشعب- رحمه الله- أنه بالعرض على الرئيس مبارك طلب الرئيس أن يمثل مصر فى هذه المناسبة مصطفى الفقى، رئيس لجنة العلاقات الخارجية، اكتفاءً بهذا المستوى المعقول بدلًا من رئيس البرلمان المصرى، فقلت له: إن الذهاب إلى إسرائيل ليس جريمة أتردد فى الإقدام عليها

ولكن المهم هو ما سيُتاح لى أن أقوله للرأى العام الإسرائيلى أثناء زيارتى فى عقر داره من حديث عن الجرائم وتجاوز الحقوق وإهدار للشرعية وعدوان على الشعب الفلسطينى على امتداد خمسين عامًا على الأقل، فقال لى الدكتور سرور: أنت وشأنك، فقد أبلغتك الرسالة، وما إن جرى نشر الخبر فى الصحف حتى قامت الدنيا ولم تقعد، فظهرت مقالات للأستاذين عادل حمودة ومصطفى بكرى كان عنوان أحدهما (لا تفعلها يا دكتور)، وأدركت من ردود الفعل أن الشعب المصرى، وأنا مواطن فيه، لا يتحمس للتطبيع مع دولة العنصرية والاستيطان والعدوان، وقد سألت حينها عن برنامج الزيارة، فقيل لى إنك سوف تجلس على يمين إرئيل شارون، رئيس الوزراء الإسرائيلى، بعد أن يلقى كلمته، وأنت ضيف غير مطلوب منه أو مسموح له أن يتحدث داخل الكنيست، ولكن يستطيع فقط إذا أراد أن يشرح مغزى السلام بين البلدين للصحفيين الموجودين خارج القاعة، ولم يعجبنى الأمر، فقد توهمت أن بمقدورى أن أسجل سابقة تاريخية بأن يتحدث مسؤول برلمانى مصرى أمام أعضاء الكنيست، كاشفًا الغطاء عن جرائم إسرائيل التى لا تنتهى، وعندما تيقنت أن الأمر سوف يكون كذلك أدركت أنها عملية اغتيال معنوى أو حرق لتاريخى الشخصى بلا مبرر، فأحجمت عن قبول الدعوة، وأبديت ذلك للدكتور سرور، الذى قال لى: إن الرئيس استشاط غضبًا

وقال: (يجب أن يمتثل الفقى لقرار الدولة المصرية مادام نائبًا فى برلمانها ورئيسًا للجنة العلاقات الخارجية)، وهكذا أصبحت فى مواجهة صعبة للغاية، فإذا غضب منك كان الأمر معقدًا وخطيرًا، وطال الجدل بين أروقة مؤسسة الرئاسة والبرلمان، ثم فوجئ الجميع بمغادرتى البلاد إلى مدينة جنيف السويسرية لعلاج الخشونة الحادة فى ركبتى، التى أعانى منها منذ طفولتى بسبب التسطح المشوه للقدمين (Flat foot)، وهو الذى جعلنى أترك الخدمة العسكرية فى شبابى بعد ستة أشهر فقط بسببه عندما أُعيد الكشف الطبى على حمَلة المؤهلات العليا المجندين فى مطلع عام ١٩٦٨، وشعر حينها الرئيس الراحل أننى أتهرب من المهمة، وقد يكون ذلك صحيحًا لأن تاريخى السياسى المحدود وقتها يرتبط بمفهوم العروبة والحركة القومية، وكنت محسوبًا بشكل ما على التيار الناصرى المتمكن من أعماق جيلنا، ولم تفلح محاولات إقناعى بالسفر حتى قَبِلَ المهمة متطوعًا سياسى مخضرم ذو طبيعة طيبة، هو الدكتور عبدالأحد جمال الدين- رحمه الله- وقد كان زعيم الأغلبية فى البرلمان، وذكر الدكتور سرور يومها أمام حشد من النواب أنه لن تقوم لمصطفى الفقى قائمة بعد موقفه هذا، لأن الرئيس غاضب أشد الغضب!، ولكن جريمة إسرائيلية بعد ذلك حسمت الموقف باغتيال زعيم حركة حماس، الشيخ أحمد ياسين، ثم من خلفه عبدالعزيز الرنتيسى، رحمهما الله، فلم يسافر د. عبدالأحد، وقرر الرئيس الراحل عدم المشاركة فى الاحتفال، وعدت من جنيف لأجد أن الأبواب- كل الأبواب- مغلقة أمامى، فمقالاتى ممنوعة فى «الأهرام»، وظهورى فى التليفزيون المصرى عليه حظر، وامتد الأمر لعدة شهور، شعرت فيها باختناق فكرى وسياسى، وزرت طبيبى النفسى الراحل د. أحمد شوقى العقباوى، الذى نصحنى بتعاطى حبوب ضد الاكتئاب لأن انعكاس الأمر على حالتى النفسية ينذر بما هو أكثر من ذلك، ولكننى فوجئت باتصالٍ من زميلى الراحل، اللواء أبوالوفا رشوان، الذى كان سكرتيرًا خاصًّا للرئيس، يقول لى فيه: إن الرئيس قد سأل هل اتصل مصطفى الفقى بكم منذ تهربه من السفر إلى إسرائيل؟

وكان يبدو من حديثه نغمة المصالحة، واقترح علىَّ حينها صديقى أبوالوفا الاتصال بالرئيس، فطلبت منه أن يطلب توصيلى به، وما هى إلا دقائق حتى جاءنى صوت الرئيس مبارك ضاحكًا، وقال لى: كيف حال ركبتك الآن، هل أصابها الخوف من تحذيرات حمودة وبكرى؟!، ثم أضاف: على كل حال لم يكن الإسرائيليون يستحقون المشاركة فى هذا الاحتفال بسبب جرائمهم المتكررة على الشعب الفلسطينى الذى يعانى من ممارساتهم ضده، ومنذ ذلك اليوم، ولسنواتٍ تزيد على عشرين عامًا، لا أزال أتعاطى الأقراص الطبية المضادة للاكتئاب الذى صدرته لى إسرائيل، فهى بحق دولة تصدير الإرهاب والاكتئاب، مهما كانت الظروف والأسباب!.

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اعترافات ومراجعات 62 الاكتئاب سلعة إسرائيلية اعترافات ومراجعات 62 الاكتئاب سلعة إسرائيلية



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 21:12 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
 العرب اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
 العرب اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 19:32 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما
 العرب اليوم - رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 02:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
 العرب اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 07:53 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"

GMT 06:54 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

GMT 07:10 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

تحذير أممي من تفشي العنف الجنسي الممنهج ضد النساء في السودان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab