جابر عصفور وقضايا الحرية

جابر عصفور.. وقضايا الحرية

جابر عصفور.. وقضايا الحرية

 العرب اليوم -

جابر عصفور وقضايا الحرية

بقلم - مصطفى الفقي

رحل المفكر المصرى الكبير، الناقد الأدبى المعروف، الدكتور جابر عصفور، الذى شغل منصب الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة لسنواتٍ طويلة، وخاض معارك فكرية وثقافية مشهودة، ووصل إلى منصب وزير الثقافة مرتين. كان دائمًا عدوًا لدودًا للتحجر والتفكير النمطى، الذى كان يبشر به دعاة الانغلاق، فظل دائمًا ينتصر لقضايا الحرية والانفتاح الفكرى والليبرالية بمعناها الحقيقى، وبقى دائمًا قويًا فى معارضته شامخًا فى مواقفه مدافعًا عن حرية الفكر واستقلالية الرأى، وعندما لم تكن علاقته فى أفضل أوضاعها مع الشاعر العربى الكبير أحمد عبدالمعطى حجازى انحاز إليه وخاض معركة إلى جانبه أيضًا لأنه كان موضوعيًا يفصل بين الخلاف الشخصى والالتزام الفكرى، خصوصًا أن أحمد عبدالمعطى حجازى هو طاقة ضوءٍ تطل علينا بالرأى الشجاع والفكر المستنير والتحليل الوافى، لذلك لم يتردد جابر عصفور فى الانحياز إليه وخوض المعركة إلى جانبه.

وقد ظلت العلاقة بين الراحل الكبير ورفيق دربه، الأديب، الناقد، المفكر، صلاح فضل، فى صعود وهبوط، فهما صديقان لعقودٍ طويلة، ولكنهما متنافسان من وراء الستار، يجتهد كل منهما فى أن يترك بصمته على الفكر العربى والنقد الأدبى، ولقد توهم البعض أن الدكتور عصفور لا يلقى قبولًا لدى الأزهر الشريف وإمامه القوى فى مواقفه الوطنية محكومًا بإطار الشريعة الغرّاء والدين الحنيف، ولم يكن ذلك الأمر دقيقًا، فقد كان جابر عصفور الذى أعرفه يحمل طاقات الود والاحترام للإمام، أستاذ الفلسفة الإسلامية، وقد حضر معنا الدكتور جابر- رحمه الله- كل اجتماعات الإمام الأكبر مع صفوةٍ من المفكرين المسلمين والمسيحيين رجالًا وسيدات فى قاعة الاجتماعات بمشيخة الأزهر فى أعقاب ما حدث فى 25 يناير 2011 وبعد تنحى الرئيس الراحل مبارك عن الحكم، وقد سادت تلك الاجتماعات أجواء من الحرية الفكرية واحترام الرأى الآخر، وكانت برئاسة الإمام الطيب، ولعب فيها الراحل محمود زقزوق دورًا بارزًا، وقام بصياغة كافة بياناتها المفكر، الناقد، صلاح فضل.

كما لعب المرحوم الدكتور محمود عزب دورًا كبيرًا فى كواليس تلك الاجتماعات حتى صدرت وثائق الأزهر الشريف، التى سوف تبقى شاهدًا على وسطية الإسلام واعتدال الأزهر، وفى تلك الاجتماعات كان جابر عصفور هو رأس الحربة مدافعًا عن المرأة والحريات والإبداع الفنى والأدبى، وهى القضايا التى انتصر لها الراحل الكبير طوال سنوات عمره داخل مصر وخارجها، وهنا يجب أن نتذكر أن الدكتور جابر عصفور احتفظ بدائرة واسعة من العلاقات مع الأدباء والمفكرين فى المغرب العربى والمشرق العربى لا ينافسه فيها إلا صديق عمره، صلاح فضل، الذى لا يزال عطاؤه متدفقًا وفكره مُشِعًا.

إن رحيل جابر عصفور يشكل صدمة شخصية لى بحكم علاقتى الوثيقة به واقترابى منه، خصوصًا فى السنوات العشر الأخيرة، حيث تزاملنا فى الصالون الثقافى العربى، الذى قام على تأسيسه الصديق العزيز السفير، المفكر العراقى الكبير، قيس العزاوى، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، كان الله معه فى محنة المرض.

حيث ندعو له بالشفاء جزاء ما قدم لأمته من خدمات على امتداد عمره فى بغداد والقاهرة وباريس، ففى ذلك الصالون الثقافى، الذى أتشرف برئاسته، والذى يضم صفوة من المفكرين العرب وسفرائهم بالقاهرة، كان جابر عصفور هو فارس الحرية وحارس الكلمة، والذى يعتز به الجميع، ولقد عانى الدكتور جابر عصفور فى سنوات عمره الأخيرة بما يُبتلى به المؤمنون، ففقد ابنته الشابة، كما رحلت أم أولاده حتى عوضه الله بزوجةٍ، هى أستاذة جامعية مرموقة، عالِمة فى تخصصها، فكانت خير أنيس له فى آخر سنوات عمره رغم معاناتها هى الأخرى مع المرض.

رحم الله جابر عصفور، الذى طار من أرض الفناء إلى ملكوت السماء.

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جابر عصفور وقضايا الحرية جابر عصفور وقضايا الحرية



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
 العرب اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab