تكريم السادات

تكريم السادات

تكريم السادات

 العرب اليوم -

تكريم السادات

بقلم : مصطفى الفقي

إن حكام مصر- بما لهم وما عليهم- ينتسبون فى النهاية إلى هذا الوطن ويرتبطون بأرضه، قد تختلف وجهات النظر حول سياساتهم وتتباين الرؤى تجاه فترة حكمهم ولكن تبقى فى النهاية أهمية الالتزام بتحية كل من قدم لهذا الوطن عطاءً لا ينساه، فالعصر الملكى من «محمد على» حتى «فاروق» فيه رموز بارزة، من «الخديو إسماعيل» إلى «عباس حلمى الثانى» إلى «فؤاد» أيضًا، كما قدمت الأسرة العلوية عددًا من الأسماء فى ميادين الحياة العامة، «عمر طوسون» أمير الإسكندرية الداعم للحركة الوطنية، و«عباس حليم»، أحد رواد الحركة العمالية، و«يوسف كمال»، أيقونة التنوير ورعاية الفنون الجميلة، والأميرات اللاتى أنشأن المبرات وعلى قمة الجميع «الأميرة فاطمة» ابنة «إسماعيل» التى تنتسب إليها جامعة القاهرة تاريخيًا حيث تبرعت بأرضها وتكاليف منشآتها ثم باعت مصاغها لتجهيز أهم جامعة حديثة فى المنطقة بالأجهزة والمعدات، «محمد نجيب» ذلك الضابط المصرى الشجاع الذى لم يتردد فى قيادة ثورة الجيش على «الملك فاروق» وهو ملك فاسد ولكنه لم يكن خائنًا ولحسن الحظ استرد محمد نجيب جزءًا من رد الاعتبار له على أيدى «السادات» و«مبارك» و«السيسي»، أما «جمال عبدالناصر» فهو قامة سامقة فى التاريخ القومى العربى ولا تنال بعض أخطائه من مكانته المتفردة بالروح التى بثها والمشاعر التى أيقظها فإذا جئنا للسادات فنحن أمام كتاب ضخم لمصرى من ريف (المنوفية) امتلك الرؤية التى تجعله رجل دولة بتجاربه التى اكتسبها قبل المشاركة فى حركة الجيش عام 1952 فهو الذى غامر بإصلاح جهاز الشفرة فى عوامة «حكمت فهمى» التى كانت تراسل الألمان لا حبًا فيهم ولكن كراهية فى الاحتلال البريطانى، وهو الذى كان طرفًا فى عملية اغتيال «أمين عثمان» عندما توهم بعض المصريين أنه رجل بريطانيا لأنه قال إن العلاقة بينها وبين مصر كالزواج الكاثوليكى الذى لا ينفصم، وهو أيضًا الذى أوصل منشورات الضباط الأحرار إلى مكتب الملك عن طريق زوجة صديقه يوسف رشاد التى كانت الوصيفة الأولى للقصر، وهو الذى شارك فى تنظيمين سريين فى وقت واحد هما تنظيم الستار الحديدى الذى يرعاه الملك وتنظيم الضباط الأحرار الذى قاده جمال عبدالناصر، مع ولاء كامل للتنظيم الأخير دون مقايضة أو خيانة أو عبث، إنه ذلك السياسى الداهية الذى أطاح بكل رفاقه.

إن حكام مصر- بما لهم وما عليهم- ينتسبون فى النهاية إلى هذا الوطن ويرتبطون بأرضه، قد تختلف وجهات النظر حول سياساتهم وتتباين الرؤى تجاه فترة حكمهم ولكن تبقى فى النهاية أهمية الالتزام بتحية كل من قدم لهذا الوطن عطاءً لا ينساه، فالعصر الملكى من «محمد على» حتى «فاروق» فيه رموز بارزة، من «الخديو إسماعيل» إلى «عباس حلمى الثانى» إلى «فؤاد» أيضًا، كما قدمت الأسرة العلوية عددًا من الأسماء فى ميادين الحياة العامة، «عمر طوسون» أمير الإسكندرية الداعم للحركة الوطنية، و«عباس حليم»، أحد رواد الحركة العمالية، و«يوسف كمال»، أيقونة التنوير ورعاية الفنون الجميلة، والأميرات اللاتى أنشأن المبرات وعلى قمة الجميع «الأميرة فاطمة» ابنة «إسماعيل» التى تنتسب إليها جامعة القاهرة تاريخيًا حيث تبرعت بأرضها وتكاليف منشآتها ثم باعت مصاغها لتجهيز أهم جامعة حديثة فى المنطقة بالأجهزة والمعدات، «محمد نجيب» ذلك الضابط المصرى الشجاع الذى لم يتردد فى قيادة ثورة الجيش على «الملك فاروق» وهو ملك فاسد ولكنه لم يكن خائنًا ولحسن الحظ استرد محمد نجيب جزءًا من رد الاعتبار له على أيدى «السادات» و«مبارك» و«السيسي»، أما «جمال عبدالناصر» فهو قامة سامقة فى التاريخ القومى العربى ولا تنال بعض أخطائه من مكانته المتفردة بالروح التى بثها والمشاعر التى أيقظها فإذا جئنا للسادات فنحن أمام كتاب ضخم لمصرى من ريف (المنوفية) امتلك الرؤية التى تجعله رجل دولة بتجاربه التى اكتسبها قبل المشاركة فى حركة الجيش عام 1952 فهو الذى غامر بإصلاح جهاز الشفرة فى عوامة «حكمت فهمى» التى كانت تراسل الألمان لا حبًا فيهم ولكن كراهية فى الاحتلال البريطانى، وهو الذى كان طرفًا فى عملية اغتيال «أمين عثمان» عندما توهم بعض المصريين أنه رجل بريطانيا لأنه قال إن العلاقة بينها وبين مصر كالزواج الكاثوليكى الذى لا ينفصم، وهو أيضًا الذى أوصل منشورات الضباط الأحرار إلى مكتب الملك عن طريق زوجة صديقه يوسف رشاد التى كانت الوصيفة الأولى للقصر، وهو الذى شارك فى تنظيمين سريين فى وقت واحد هما تنظيم الستار الحديدى الذى يرعاه الملك وتنظيم الضباط الأحرار الذى قاده جمال عبدالناصر، مع ولاء كامل للتنظيم الأخير دون مقايضة أو خيانة أو عبث، إنه ذلك السياسى الداهية الذى أطاح بكل رفاقه.

بعد رحيل عبدالناصر من خلال عملية سريعة لم تستغرق أكثر من يومين لتعيد إلى الأذهان مذبحة القلعة بلا دماء وذلك لا ينتقص بالطبع من قيمة العناصر الوطنية التى عارضته فى بداية حكمه وقبلت الرحيل وانتهى مآل معظمها إلى السجون تمسكًا بمبادئهم وحرصًا على الوفاء لزعيمهم الراحل.

إننى أكتب هذه السطور بعد قرار (الكونجرس الأمريكى) منح الرئيس الراحل أنور السادات ميدالية برلمان الولايات المتحدة الأمريكية تقديرًا لخدماته الجليلة وسعيه نحو تسوية الصراع فى الشرق الأوسط وإقرار السلام فيه، وقد تختلف الآراء حول ما فعله ذلك المصرى الوطنى، ولكن يصعب التشكيك فى سلامة نواياه وصدق وطنيته، ولقد رأيت شخصيًا فى شوارع (نيويورك) ما يحمل أسماء إسرائيلية مثل (جولدا مائير) و(إسحاق رابين) تقديرًا لجهودهما من وجهة النظر الأمريكية واليهودية لخدمة الدولة العبرية، وقلت يومها: اسم السادات كان يستحق أن يحمله أكبر شوارع نيويورك قبل هذه الأسماء التى تلطخت أيديها بدماء الفلسطينيين، وقيل لى وقتها: إن مصر قد رفضت أن يوضع اسم السادات إلى جانب مثل تلك الأسماء تمييزًا له واحترامًا لمكانته، وقريبًا سوف تسافر السيدة جيهان السادات- المعروفة بدماثة الخلق وهدوء الأعصاب والذكاء الاجتماعى الحاد- إلى واشنطن لتسلم (ميدالية الكونجرس) تكريمًا لرفيق حياتها الراحل وجهوده فى خدمة السلام، وأرى أن يشاركها فى تلك الزيارة وفد من جيل أكتوبر- عسكريين ومدنيين- لأن الرجل دفع حياته ثمنًا لفرادة الرأى وشجاعة القرار، وفى ظنى أن أنور السادات لم يأخذ ما يستحقه من دراسة، خصوصًا من الذين اختلفوا معه ولم يدركوا أن الرجل كان مدفوعًا لمحاولة رفع المعاناة عن الشعبين المصرى والفلسطينى، بل والعربى عمومًا، ولم تكن له أجندة خاصة، بل إننى أحسب أنه كان ينتوى اعتزال العمل السياسى فور إتمام جلاء قوات الاحتلال الإسرائيلى الكامل عن أرض سيناء، وأتذكر أن صديقى الراحل المحامى الكبير الأستاذ محمود أبووافية وهو زوج شقيقة السيدة «جيهان السادات» قد قال لى شيئًا بهذا المعنى قبل رحيل الرئيس المصرى برصاصات ظالمة لا تعبر عن دين أو وطن يوم الاحتفال بنصره وعبور القوات المسلحة المصرية أكبر مانع مائى وساتر ترابى فى تاريخ الحروب.. رحم الله السادات وليتذكره جميع المصريين سواء من اتفقوا معه أو اختلفوا عليه.. رحمه الله بما له وما عليه!

المصدر : جريدة المصري اليوم

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

arabstoday

GMT 22:14 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

أخبار عن اللاساميّة وماليزيا وآيا صوفيا

GMT 00:18 2020 الأربعاء ,05 آب / أغسطس

رسالة إسرائيلية.. أم إنفجار؟

GMT 03:49 2019 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

الموجة الجديدة من الحراك العربي

GMT 03:43 2019 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان بين صيغتين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تكريم السادات تكريم السادات



GMT 15:32 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

ملك الأردن يأمر بإجراء انتخابات مجلس النواب
 العرب اليوم - ملك الأردن يأمر بإجراء انتخابات مجلس النواب

GMT 19:40 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل ضابط في شمال قطاع غزة

GMT 08:50 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

إسرائيل تقصف مواقع لحزب الله بجنوب لبنان

GMT 21:12 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

مقتل 7 أشخاص وإصابة 15 آخرين في حادث سير بالجزائر

GMT 09:16 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

حرائق في منشآت طاقة روسية بعد هجمات أوكرانية

GMT 18:11 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

أيهما أخطر؟

GMT 18:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

العرب واليونسكو

GMT 20:12 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

مصر تنفي أي نقاش مع إسرائيل بشأن خطط اجتياح رفح
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab